ازدحام في قاع الانحطاط …عقوبة الاعدام!

ممدوح  بيطار :

بعد حرق الكساسبة.. هل تورط أمريكا الأردن في حرب ضد داعش؟ | مصر العربية حسب  تقرير   لمنظمة   العفو   الدولية   تحولت   مصر   الى   ثالث   اسوء  دولة  في   العالم  من   حيث   عدد  الاعدامات  ,   أعدمت     السلطات   المصرية خلال   عشرة  ايام   57  رجلا  وامرأة بينهم    رجلا   بعمر  82   عاما .

تعرف   المجتمعات  بكل  عام  قواعد   وأحكام للممارسات   والتصرفات  البشرية , وحتى   بعض    الأديان   كالبوذية   والمسيحية تعرضت   لممارسة   قتل   الانسان , فقبل ألفي عام تقريبا  قال السيد المسيح  “لاتقتل”, لم ييعن   لاتقل فلان ويحق   لك قتل   فلان ,  لاتقتل تعني  بشكل قطعي عدم جواز ممارسة القتل  بأي شكل  وبأي مبرر  كان . ,

   الا أن الأمر  تغير   في   هذه   المنطقة   وفي  مناطق   الأمبراطورية    العربية  الاسلامية  قبل   حوالي   1400   سنة ,فما  نصح  به  شيخ الأزهر  الدكتور  أحمد الطيب  وما   نصحت   به  هيئة  علماء المسلمين في   الشام , وما   هو   قيد   الممارسة   في   السعودية   وخارج    السعودية   من  “قتل  وصلب  وتقطيع  أيدي  وأرجل  رجال  تنظيم  داعش ”  لم يكن مصدره اجتهداتهم  , وانما تم  النصح   بذلك  في اشارة الى  “حد الحرابة” ,اذ جاء في القرآن ماسمي بيان الحرابة  والذي قال  ” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ , [المائدة: 33].”, .فالحرابة  تعريفا  هي مسلكية  تتميز  بالخروج عن الجماعة  والقيام    االحرابة .

 لحد  الحرابة مشاكل تتعلق بالنسبية , وبمفهوم   الدولة  والقانون   ,فبالنسبة لأبو بكر البغدادي   مثل  الطيار الأردني  قاطع طريق يحارب المسلمين,  وبالتالي ممارس    “للحرابة” ,وعليه يطبق   حد الحرابة  ,  صحيح  أن بيان    الحرابة   وبالتالي حد الحرابة لم يذكر  عقوبة  حرق   الأحياء   ,انما  ذكر  عقوبات لاتقل ضراوة عن  حرق  الأحياء, فالصلب  حتى الموت,  وتقطيع الأوصال(اليد   اليمنى  والرجل   اليسرى) ليس بتلك الممارسة  التي يمكن للمخلوق مؤنسن    أن   يمارسها   مهما   كان   السبب .

لقد استشاط شيخ الأزهر الدكتور  أحمد الطيب  غضبا  واستنكارا  للجريمة  التي قامت بها داعش  بحق الطيار السكاسنة ,  و نصح  “بقتل  وصلب  وتقطيع أيدي  وأرجل رجال   التنظيم ”  وحتى   غيرهم   من   قطاع   الطرق

تحديد  “الارهابي  قاطع   الطريق ” ,  الذي   يستحق  كل تلك  العقوبات  أوقعنا في  اشكالية تعريف الارهابي,فالارهابي   بنظر أبو بكر هو  المناضل  بنظر الشيخ    الطيب  والعكس صحيح ,  وعقوبة من  يمارس الحرابة   متفق عليها  ..انها الصلب وتقطيع الاطراف  , أي  اننا     سنجد بعد كل  واقعة  طرفا  تنطبق عليه  الحرابة  وبالتالي  تتم معاقبته  حسب حد الحرابة , وفي  أسوء  الحالات يجب تطبيق حد الحرابة على الطرفين , لأن كل طرف بنظر االطرف الآخر  مجرم  يحارب الاسلام  وعقوبته  الصلب وقطع الأطراف .

 لافائدة من  توصيف الواقعة من جانب واحد  بأنها لاتمت الى تعاليم الدين بصلة   وبأنها  لا أخلاقية ولا انسانية  ,  الجانب الآخر  يرى العكس , وبذلك   يصبح  الخروج من   دوامة  “القتل  والتشنيع ”  صعبا , لطالما  بقي القتل والتشنيع  عقوبة  يمكن   أو يجب تطبيقها  في  اشكالية نسبية ,  يتساوى   بالنتيجة  شيخ الأزهر  مع  الخليفة البغدادي  في  الاعتراف  بشرعية القتل  , الفرق الوحيد هو ان طرف   البغدادي  مارس القتل عمليا , في حين ان طرف   الطيب   يشرع القتل نظريا  ,  الا  أن مفاهيم طرف   الطيب  تتضمن التأهيل   الشرعي   لمارسة  القتل .

اننا  بين قاتل “ظاهر” وقاتل “كامن” ,..اننا بين “قتلة” … اننا في مأزق ,  ولا خروج  من هذا المأزق الا  باعلان   القتل  جريمة  مرفوضة  مهما  كانت الحالة ومهما  كانت  الظروف  ,  القتل    ليس  عقوبة  , انه  بحد      ذاته  جريمة ,لايمكن   وضعها   في  ميزان   النسبية   , القتل , بغض النظر عن فاعله , وبغض النظر عن    الموجبات التي يوردها الفاعل ,جريمة منكرة .

انطلاقا من كون القتل  بشكل مطلق “جريمة ” , قررت  دساتير  العديد من الدول  , خاصة الغربية ,   حذف  عقوبة  الاعدام   من  قوانين العقوبات  ,  غير مسموح للفرد أن يقتل  , وغير مسموح للسلطة أن تقتل  ولا للدولة  أيضا .

لاوجود   لفرق  أساسي  بين  أفعال  داعش وأفعال  بعض الحكومات   العربية   مثل   مصر , وحتى  مشهدية الأفعال     الممثلة   لخصوصية  داعشية, لاتشكل فرقا  نوعيا …   الفرق   ضئيل   بين   الذبح   أمام   الكاميرا  , وبين      الشنق   في   ماخور   الاعتقال  ,   هذا  لايعني  التزام  الزعامات وحتى    الأفراد    بالسترة   والانزواء   في    الماخور  لممارسة   الاغتيال    , فالشوارع    في   البلدن   العربية    تعرف    السحل   والذبح   المشهدي ,  وحتى   الشوارع   الأوروبية كان    لها   نصيبا   من   المشهديات    كذبح   الاستاذ   في   شارع   باريسي.  

للطالما   بقيت    الشريعة   مصدرا   للقوانين  , مثل   قانون   العقوبات   وقوانين   الأحوال   الشخصية   فسيبقى      الاعتماد    على  القانون     الوضعي    معاقا مبتورا   ومقزما , لايمكن   الخروج  من     الانحطاط  الشرعي   سوى   بالفصل   التام  بين   الدين والدولة  ,  التي   تنكصت   في   العديد   من  معالمها   الى   المستوى   االداعشي

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *