هل النظام السوري ضرورة وطنية, وهل النظام ضمانة حقيقية لبقاء الأقليات

وحتى لموقع فينكس رأي حول  مختلف الأمور ,التي منها موضوع , ضرورة  النظام السوري في سوريا كضمان لبقاء الأقليات    , وكالعادة يبدأ الموقع  ترويجه للنظام بالهجوم عليه ,والهجوم على النظام  هو وسيلة لكسب ثقة القارئ ,وسيلة مسموحة للبعض  كموقع فينكس ا ,حيث يقول  :”بالرغم مما قيل ويُقال في النظام السوري من مثالب وعيوب ونواقص, وربما معظمها كان صحيحاً, بيد أن الأزمة التي تعيشها سوريا منذ أكثر من عام وكيفية اضطهاد “الثوار” للكثير من أبناء الأقليات عدا ذبحهم للبعض منهم وتهجيرهم لآخرين على الهويّة يؤكد فعلاً مقولة إن النظام السوري هو الضمان لبقاء الأقليات ”

فينكس يدعي  على أن التهجير  والتنكيل بالأقليات  هو أمر ذو علاقة  بالمعارضة السورية ,خاصة بطيف معين من هذه المعارضة , ولا شك بأن بعض  أطياف المعارضة لاتدرك مضامين العقد الاجتماعي الضروري لبناء مايسمى دولة ,الا  أن السلطة لم تدرك  ذلك قطعا ,وممارساتها  تنصب في نقض  لاي عقد اجتماعي  ان كان بخصوص الأقليات  او الاكثريات ,حيث انتاريخ سوريا في السنين الخمسين السابقة  يبرهن هذا الادعاء  ,سيان ان كانت الاقلية مذهبية  او عرقية أو سياسية .

ممارسة السياسة في ظل المادة الثامنة  هو  نقض لحق الآخر في حرية العمل السياسي ,وقدوصل أمر   التنكيل بالآخر  الى حد اعدامه وملاحقته  وسجنه وتعذيبه ,وما حدث للحزب السوري القومي بعد تلفيقة اغتيال المالكي ,ثم ماحدث للشيوعيين   وغيرهم من الاتجاهات السياسية  لايبرهن على وجود سياسة  ايجابية في اندماجيتها ودمجها للآخر ضمن  مشروع العقد الاجتماعي  ,التي لم تشاالسلطة ابرامه مع فئات واتجاهات الشعب الاخرى ,وما حدث للفئات السياسية الاخرى  وان كانت أقلية او  أكثرية (لانعرف اطلاقا اذا  كان البعث  اكثرية أو اقلية ),حدث لمجموعات سورية  أخرى  ,ان كانت فئات قومية كالاكراد, أو  كانت مذهبية ,وهنا لا أريد التنويه الى طائفة تشكل اكثرية عددية في المجتمع السوري ,وانما الى اقلية  عددية ,فالنظام  الذي نمى في ظله  أفدح أشكال التطييف ,لايمكن  أن يكون ضمانا لبقاء طائفة من الأقلية العددية أو الاكثرية العددية , حيث  أن أكثر الطوائف  تضررا من النظام  ,هي الطائفة العلوية,تلك الطائفة التي جند النظام من بين صفوفها  أكثر  دعائمه.

تطييف النظام للمجتمع السوري اعتمد على  احداث بنية معقدة  في هذا المجتمع ,وتعقيد هذه البنية  يعود الى احداث طائفة جديدة ,وهذه الطائفة هي طائفة السلطة  المنغلقة على ذاتها  والتي تقف  على  أبوابها عائلة الاسد,  المعتمدة على هرمية عضوية عائلية ,ومن الخطأ الظن  على أن السلطة “علوية”,السلطة تستورد من الطائفة العلوية  معظم كوادرها ,السلطة هي أساسا  “أسدية”,واهم الأضرار التي الحقتها  الطائفة الأسدية  بالطائفة العلوية  ,هو الضرر  الناتج عن  احداث  عداء “تاريخي “بين هذه الطائفة وطوائف أخرى ..نفور  وانشقاق  وكره  لايمكن تجاوزه بأفضل الطرق خلال عشرات السنين .

لو  أخذنا على سبيل المثال  طوائف  اخرى  ,يلمح النظام  على  أنه يحميها ,كالطائفة المسيحية  ,حيث تبرهن الأرقام  عن تناقص شديد في عددهم ,وماتناقص عدد المسيحيين  المتزايد الا  دليلا على  عدم حماية هذه الطائفة ,والحماية لاتكون بالساطور وانما بضمان  تساوي فرص العمل وبضمان الحرية لكل فرد ,وهجرة المسيحي  هي دليل على عدم شعوره  بالراحة ,ولهذا الشعور اسباب عدة   من أهمها عدم وجود تساوي في فرص العمل مع الآخر   ,ان كان لسبب عقائدي   أو لسبب مذهبي ,ولا علاقة لاندثار المسيحية في سوريا بالتطرف الاسلامي  مبدئيا ,وانما  بنوعية الحاكمية السلطوية  السورية ,التي تنغص حياة  أكثرية السوريين  ,كما انه لاعلاقة لتناقص الاكراد في سوريا  مع سياسات المعارضة  في سورية,وانما لمعارضة الأكراد لبعض  مآرب السلطة ..السلطة هي التي نزعت الجنسية عن مئات الالوف من الاكراد ,وهي التي دفعتهم الى الهروب واللجوء الى أوروبا ,وهي التي   حاولت خنقهم  بالاحزمة ,أولا الحزام العربي  ثم الحزام العلوي ,وبذلك لم  تقدم السلطة للاكراد الا المكايد,ولم تقدم  لهم أي حماية .

موقع فينكس يقول عن العراق ” في العراق تناقص عدد المسيحيين من مليون وستمائة ألف في عهد الرئيس الراحل صدام حسين إلى نصف مليون في عهد “الديمقراطية” الأمريكية وما تلاها).. فالنظام السوري الموسوم بالاستبداد والعنف والقمع لا يقتل على الهويّة, وأجهزة أمنه لا تمثّل بالجثث ولا تذبح المعتقلين كما تفعل المعارضات السوريّة ممثلة بمجلس اسطنبول وهيئة التنسيق وبيئاتها الاجتماعية مثالاً لا حصراً.
نعم, النظام السوري مستبد, أو كان كذلك بموجب القانون قبل ظهور الدستور الجديد, وربما كان من أكثر الأنظمة فساداً في المنطقة(من المؤكد أن النظام السعودي يفوقه فساداً واستبداداً وقمعاً), ومع هذا استجاب لمطالب غالبية شعبه بالإصلاح وان تأخر في هذه الاستجابة. ”

هنا يغالط فينكس ,  فنكبة المسيحية في العراق ليست انتاجا للديموقراطية الامريكية  وما تلاها ,حيث  أن الديموقراطية لاتعرف  هذه الأنواع من الاندثار ,ماحدث للمسيحية في العراق  هومن انتاج ديكتاتورية صدام ,الذي  رمى بالمسيحيين في  أتون صراع طائفي   تحت بنية هرمية عائلية ,كما هو الحال في سوريا  , ومن نتائج هذا الزج  هروب ونزوح  معظم المسيحيين بعد هروب  نظام صدام  ,والنظام السوري يقوم بنفس المحاولة ,التي تتضمن زج المسيحيين في صفوف الدفاع عنه ,ثم ارغام رجال الدين المسيحي  على تلاوة البيانات  التاييدية ,الذي سيقود حتما الى  خسارتهم لمعركة  النظام ,التي ليست معركتهم ,انه اغتصاب  لهم  وسيكلفهم  وجودهم ,وبعض رجال الدين المسيحي لايعون هذه الحقيقة للاسف .

اسلوب فينكس في امتداح النظام بشكل غير مباشر غريب  ويعتمد عل مبدأ”التباين “مع العصابة ,أي انه أفضل من العصابة …انه قمعي ومستبد ,يقتل  ولكن ليس على الهوية ,يذبح  ولكنه لايمثل بالجثث ,والدجل الأخير ..يعتقل  ولكنه لايذبح المعتقلين !!!!نعم انه يذبح المعتقلين   وبالألوف (تدمر) ,ولامصداقية في اتهام المجلس الوطني وهيئة التنسيق  بما اتهمهم به فينكس ,اتهامات تصب في خانة السلطة  حصرا ,السلطة هي التي قتلت واعتقلت وعذبت ,ولا أعرف مواخيرا للقتل والتعذيب عند المجلس الوطني  ولا عند هيئة التنسيق ,بل أعرف  عددا ضخما من  اعضاء المجلس الوطني وهيئة التنسيق  ممن ذاقوا  الامرين في سجون النظام ..منهم من قتل  ومنهم من شرد  ومنهم  من عذب  ومثل بجثته, والفظائع التي يمارسها بعض عسكر الثوار ليست غريبة على  جو  العنف  المسيطر على البلاد منذ نصف قرن من الزمن ,وحول عبارة فينكس الأخيرة حول استجابة النظام لمطالب الاصلاح ,فلا يسعني الا  أن اتعجب من هذا الدجل ,الشعب يطالب  برحيل  النظام ,الذي يمثل الفساد والافساد ,والنظام  يقتل عشرات  الالوف  من المواطنين لكي يبقى  ,يدمر المدن والمنازل  والأحياء  والشوارع   ويخوض حربا اهلية  لكي يبقى  ,يفقر المواطن  ويشرده  ويرتكب المجاذر الجماعية  ..لكي يبقى ,يسبب لسوريا العزلة الخانقة  ..لكي يبقى ,يرتكب الجرائم ضد الانسانية ..أيضا لكي يبقى ,أين هي ضرورته الوطنية ؟

فينكس يقول  على أن النظام لايهدد  أي مكون  من مكونات الشعب السوري” لم يسبق للنظام السوري أن هدد أي مكوّن من مكونات شعبه, كما تفعل المعارضات السوريّة بين حين وآخر, فلم يكد ينتهي المعارض مأمون الحمصي من تهديداته الشهيرة بقتل العلويين حتى “بشرّهم” رئيس ما يُسمى بالمجلس الوطني (برهان غليون) بالسماح لهم دخول الجامعات ووظائف الدولة(!), لكن سيمنعهم من دخول الجيش والقوات المسلحة, وعوضاً عن أن يعتذر منهم جدد القول –من خلال تصريحات صحفية- بأن لا ضمانات للعلويين والمسيحيين بعدم اضطهادهم بعد نجاح “الثورة” إلا بقدر انخراطهم فيها ودعمهم لها, وهذا ما لم يقله الأستاذ الجامعي ورئيس مجلس قدّم نفسه بصفته وطنياً, لغالبية السُنّة من عرب وكرد نأوا بأنفسهم عن هذه “الثورة” انطلاقاً من قناعتهم أنها تخريب وفوضى ليس إلا. ” وما التنويه الى مأمون الحمصي  الا ذر للرماد في العيون ,فالحمصي كان شريكا  للعديد من السلطويين في  عملية خرق القانون والكسب  المافيوزي ,وبعد خلافه معهم   قتلت السلطة ولده البالغ من العمر ثمانية سنوات ,مما أفقده عقله  والمفجوع بولده لايمثل الا نفسه ,وما يصرح بهالآن  ليس الا عملا مافيوزيا ,كأعماله السابقة , وما قيل عن غليون   تنقصه  الدقة والمصداقية  ..انه عمل تهويشي تهميشي ويؤسف  لطرحه بهذا الشكل المغاير للحقيقة ,ليس بهذه الطريقة تبنى الاوطان !,فينكس يتابع :”نعم, النظام لا يهدد بإبادة مكونات الشعب السوري كما يهد عبد الباسط الساروت في هتافاته شبه اليومية بخصوص إبادة الطائفة العلويّة.. هو نظام متجبّر ومستبد لكنه ليس طائفياً كما هو واقع حال غالبية “مثقفي” الثورة بدءاً ببرهان غليون مروراً بياسين الحاج صالح وصبحي حديدي وليس انتهاء برضوان زيادة… وطائفيتهم هذه لا تحجب عورتها ولا سوأتها وجود واجهة خُلبية تدعو للضحك مرة وللبكاء مرات من قبيل جورج صبرة أو وحيد صفر وميشيل كيلو وغيرهم, مع لفت الانتباه إلى أن نصيبهم زهيد من الاحترام في الشارع السوري.”>

قائمة فينكس , التي تتضمن  الغير محترمين  في الشارع السةري غريبة وعجيبة , وأغرب من ذلك هو عدم احترامها  في الشارع السوري , وما هي معايير الاحترام ؟ هل للاحترام علاقة طردية مع الفساد , أو مع التعسف والظلم والفشل  والمحسوبية  وخرق القانون  والأكاذيب  وقتل العقل والخرية ةالتةريث والمادة الثامنة   ومليارات السرقة   وتمزيق الوطن  والتحريض عى الحرب الأهلية  وتأجيج الوعي الطائفي  وممارسات المخابرات والشبيحة  والاظلم الاجتماعي  والعنصرية  وتجريد الأكراد من جنسيتهم  والخطف والقتل   تحت التعذيب ؟ , وهل تعرف سجلات  أعضاء هذه القائمة  شيئا مما ذكر ؟, ويبدو وكأن الأمر قد التبس على فينكس , فلا علاقة للقائمة وأعضائها بكل ماذكر ,

ثم يتحدث فينكس عن  ضرورة النظام  لأنه يتصدى الى مؤامرة كونية على سوريا “الضرورة الوطنية للنظام السوري من خلال تصديه للحرب الكونيّة على سوريا الوطن(مجتمعاً وقيادة وموقفاً وموقعاً وجغرافية) بأدوات أغلبها عربي الوجه واليد واللسان صهيوني الهوى والمواقف, فالقاصي والداني في سوريا بات يؤمن بوجود مؤامرة لم تخف نفسها لحظة(وإن حاول المعارضون شرعنتها! وهذه لا تحصل إلا في الفكر المُعارض السوري, إذ كيف تُشرعن المعارضة المؤامرة؟!). بيد أن المطمئن عملياً هو إدراك غالبية الشعب السوري بمختلف مكوناته لأبعاد هذه المؤامرة ومعرفته فيها باتت كمعرفته بالطينة التي جُبلت منها المعارضات السوريّة, ومعظمها لم يُجبل بتراب الوطن, وهذه المعرفة كانت أحد أهم أسباب التفاف غالبية السوريين حول قيادة بلادهم بمعزل عن مآخذهم وانتقاداتهم لها. بهذا المعنى بات الصراع –عدا كونه(من الخارج) على سوريا- بين فئتين من المجتمع السوري, الأولى منها: الفئة الصالحة الغيورة على الوطن الخائفة عليه وهي التي رفعت شعار الإصلاح عاملة وفق استحقاقاته بما في ذلك من قوانين حديثة صدرت تباعاً: رفع قانون حالة الطوارئ –إصدار قانون للأحزاب- دستور جديد… الخ, قاطعة اليد على الخارج رافضة التعامل معه. في ما الفئة الثانية, هي فئة المعارضين الموتورين المأجورين الحاقدين المتعطشين لرؤية الخراب وسفك المزيد من دماء السوريين بذريعة الحرية! (أي حرية هذه التي تُخرب وتُدمر الأوطان مغتالة المواطن أياً كان موقعه؟!) وهي فئة صار يسميها الكثير من المثقفين السوريين المستقلين بـ”وسخ المجتمع”, نظراً لتبني هذه الفئة لخطاب الدم والتكفير والتخريب…
عود على بدء: انطلاقاً من عرضنا السابق نتفق مع غالبية السوريين بأن النظام السوري ضرورة وطنية لبقاء الوحدة السوريّة وضمانة حقيقية لعدم فناء وهلاك الأقليات في أوطانها, وهي أقليات باتت مهددة بالزوال بسبب الخطاب التكفيري الوهابي الذي يبدو أن أوطاناً عدة لن تسلم شرّه وإن ادعى البعض عكس ذلك.”

فينكس لم يلاحظ  هزلية وتهريجية  فلسفة المؤامرات , ولم يلاحظ  على أن التلطي خلف المؤأمرة لم يعد يقنع  القاصي والداني من أفراد الشعب , فرضية المؤامرة  لتبرير القمع ..انها اللغة الخشبية التي يتكلمها الزعماء العرب منذ عشرات السنين بدون كلل أو ملل , صحيح انه توجد مصالح لكل دولة في العالم , وهذه المصالح قد تكون متضاربة  , ولكل لغته  في تعريف هذه الحالة , أما أن يستعمل النظام  هذه الفرضية  من أجل “تخوين “المعارضة , فهذا أمر قبيح  وتكفيري  ولا يخدم المصلحة العليا للوطن , وتعريف المصلحة العليا للوطن  التبست على فينكس أيضا , اذ ليست مصلحة الوطن بالضروة  ترجمة لمصلحة السلطة , خاصة في سوريا  , حيث أساءة السلطة للوطن , والبرهان على ذلك  هو حجم الاصلاحات الضرورية , الذي يتناسب طردا مع حجم الأخطاء , وقد أساء للوطن من أخطأ بحقه , وهل يجوز  تسمية السلطة على أنها جزء من المؤامرة التي تفترض وجودها ؟ لست تواقا الى الممارسات التخوينية التكفيرية , انما أقول ببساطة , السلطة التي  فشلت في خدمة الوطن  , هي سلطة بائدة  وعليها بالرحيل سلميا وطوعا , الشعب لايستطيع تأبيد الفشل  , وعندما  لا تمتثل السلطة الى نداء العقل والواجب والضمير والقانون  , وعندمت تزور السلطة ارادة الشعب  وتغتصب  ثم تحتكر التسلط , عندها يحدث  ما يحدث في سوريا , انها الثورة  , حيث لاينفع التقزيم  في قمعها , وحيث لاينفع القول  على أنها  “فوضى” ورجالها رجال عصابات , ولو كان في ماتقوله السلطة شيئا من الصحة , لما تغير شيئ في هذا العالم ..مفردات  موتورين ومأجورين  والمتعطشين لرؤية الخراب  وسفك الدماء  ..الخ هي  مفردات فقدت  أي بريق , وأصبحت باهتة  قاتمة   خشبية كالجهات التي تستعملها

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *