ممدوح بيطار :
اين هي المشكلة في الاستئناس بالاستشراق , ولماذا تمثل الاستفادة من المستشرقين نوعا من الجريمة والخيانة , الاستشراق انتاج فكري من صتع البشر … أنه منطقيا حمال أوجه , وفي بعض الأوجه تعشعش السياسة والمصلحة , في بعضها الآخر تعشعش مجانبة الحقيقة وترويج الأخطاء , الا أن تراث الاستشراق في القرن الثامن عشر والتاسع عشر ومنتصف القرن العشرين بلغ من ألضخامة والعملقة حجما لايمكن تجاوزه , وذلك بالرغم من نقد بعض جوانب الاستشسراق على يد العديد من المفكرين ..منهم ادوار سعيد وغيره .. يمكن القول بأن الاستشراق الكلاسيكي, قام بدور كبير جدا في دراسة الشعوب الشرقية وميراثها الثقافي , والاستشراق لايمنع الآخر من تجاوزه أونقده ,
شعور بعض النقاد بعدمية الشرق العربي الاسلامي الفكرية والسياسية – الاقتصادية , دفعهم للارتماء في حضن الغرب , كما فعل أتاتورك , هنا لايمكن القول بأن مشاعر هؤلاء كاذبة , وأنه موضوعيا لاحق معهم , هناك الكثير من الأسباب التي تجعل الناقد يشعر , بأنه فعلا لا أمل في العرب المسلمين , ومهما فعلوا سيبقوا في الذيل ,واللحاق بالحد الأدنى من التحضر الغربي أصبح مستحيلا , لذلك عليهم الاستنساخ والنقل … انها عملية بسيئات وحسنات , الا أنه لامناص منها.
من أجل تبرير الشرور , وبالتالي استمرار ممارستها , يلجأ ممارسوا استنماء المديح الذاتي الى السياق التاريخي , عند التعرض الى شخوص أو ما يسمى رموز الماضي ,هنا يتم ارتكاب فاحشة او مغالطة منطقية , اذ ليس لرموز الماضي المقدسة سياق تاريخي , انهم مقدسون وصالحون لكل زمان ومكان , ولا يزال تراثهم مسيطرا على الحدث الحياتي حتى هذه اللحظة , ومن الاسلاميين من يريد الاقتداء بابن الوليد وابن الخطاب وغيرهم حتى في عام ٢٠٢٠ , أي أنهم يتواجدون أحياء في الحاضر بالرغم من وجودهم في المقابر , التعرض لهم لايعني نبشا في القبور , انما تعرضا لما هو موجود آنيا , انهم حاضرون , ونقدهم هو نقد للحاضر, وليس للماضي ولا علاقة لذلك بالقبور ونبشها .
يمكن الجزم بأن الفكر العربي -الاسلامي غير قادر على تلبية متطلبات الحياة الحاضرة فكريا , وغير قادر على صنع حضارة , وذلك للعديد من الأسباب , منها جموده وعدم اجراء اي تطوير عليه في القرون الماضية , وحتى في العصر الحديث , برهن هذا الفكر عن مناعة مطلقة ضد الحداثة , واستبدل الحداثة بالتحديث , الذي يتمثل في شراء منتجات الحداثة الغربية بمال البترول …سيارات … برادات ….تدفئة …الخ , لم تترك الحداثة اي أثر في هذا الفكر , والتبس على العرب المسلمين أمر الحداثة مع التحديث الاستهلاكي …. على العرب المسلمين ان يشكروا من ينتقدهم , لأنه يقدم لهم بذلك أعظم مساعدة.