ممدوح بيطار, سيريانو :
لاشك بضرورة الهوية لكل دولة في العالم , ثم الاعتراف بأن الهوية العربية كانت لعدة عقود الهوية التي لم تنازعها هوية أخرى في سوريا , ولابد من الاعتراف بفشل الهوية العربية في تحقيق اي ايجابية لسوريا , وبالتالي لم تعد خيارا على الاطلاق , لقد فشلت على ذاتها وأفشلت مشروع دولة كان لها وافر من مقومات النجاح .
على الهوية الوطنية السورية أن تنسجم مع مفهوم الوحدة في التعددية والاختلاف تجنبا للخلاف , ذلك لأنه للشعب السوري طبائع متعددة تحتضنها الطبيعة السورية , فالتعددية والاختلاف هم من طبيعة المجتمع السوري ومن طبيعة اي مجتمع آخر , وكل محاولة لتمريق هوية جزئية واعتبارها هوية اساسية وما تبقي فرعي أو من الدرجة الثانية سيترافق حتما مع الهيمنة التي ستتجلى بالنزعة الديكتاتورية , حيث تستعبد فئة من قبل فئة أخرى , لاحاجة للاستعباد او الاستبعاد والهمينة والاستعمار الداخلي .
الوحدة في التعددية هي بشكل ما ارادة التماهي وارادة الانتماء الى الجامع المشترك , الذي هو , شئنا أم أبينا, تعدد واختلاف , وهذا يعني أن استظلال الجميع تحت المظلة العربية المسيسة أو مظلة الاخونج المؤدلج سيترافق حتما مع الاجبار والقسر , اعتماد الهوية السورية كهوية جامعة لايتطلب ممارسة العنف ولا يتطلب القسر والاجبار والهيمنة من قبل فئة على فئة أخرى , تستقيم الهوية السورية مع المساواة , ولا يتطلب الانتماء لها أي شكل من أشكال التمييز بين السوريين الممثلين للشعب والمجتمع السوري , وهل سيعترض سوري واحد على توصيفه بأنه سوري انتماء ؟ , بينما سيكون الاعتراض على الانتماء العروبي أو الاخونجي من قبل أكثر من مواطن سوري , أو بالأحرى من قبل العديد من الفئات الشعبية السورية .
ادعاء البعض بأن الهوية الجامعة يجب أن تكون هوية الأكثرية الدينية , ليس الا ترويج وتحضير لحالة لايمكن لها الا ان تكون عنفية قسرية جبرية , وهل المجتمع السوري بحاجة الى المزيد من العنف والاجبار والقسر ؟ الهوية الدينية لاتؤسسس للدولة , انما للصراع الطائفي ولتفكيك واندثار الدولة , لا أظن بأن افغانستان حلم السوريين .
اضافة الى كل ماذكر يمكن القول بأن الهوية السورية مفخرة حضارية , ساهمت بشكل رائع في ارتقاء البشرية الى درجة أسمى وأفضل , وما نراه في سوريا من الشواهد على الحضارة لانرى شبيها عربيا أو اسلاميا له , لم يحتل السوريون بلاد غيرهم ولم يسرقوا خيرات الآخرين , ظلم السوريون من قبل العديد من الغزاة , الأرقى انسانيا أن تكون مظلوما من أن تكون ظالما , أن تكون مسروقا من أن تكون سارقا , أن تعطي أكثر من ما تأخذ , ان تتماهى بالحرف من أن تتماهى بالسيف ,شتان بين السيف والحرف , السوريون شعب الحرف ومفخرة لهم انهم لم يكونوا شعب السيف وشعب الاحتلال وشعب القتل والجزية او شعب اراقة الدماء .
لم تكن العهدة العمرية سورية , ولو كانت سورية لكفرنا بسوريتنا , الانحطاط ليس مفخرة ,وغنيمة الحرب شهادة مذلة , لم نسمى تاريخيا سراقينو ,لأننا لم نسرق, ولم يكن اسمنا عرب واسم دولتنا العربية السورية , انما سوريا كما هو حال اسم دولة مصر ,ومن اجهد نفسه في محاولة تعريب الاسم كانو القذافي وامثاله , الذين انفقوا المليارات من أجل تشويه الاسم بلصاقة العروبة , اي بلصاقة الفشل والعنصرية.
يطالب العديد من المصريين بحذف لصاقة ” العربية ” من اسم مصر , وهناك في سوريا من يطرح نفس المطالب , اي العودة الى الاسم التاريخي الدال على حضارة البلاد وليس على هوية من استعمر البلاد , فعمرو ابن العاص لم يصنع الحضارة المصرية وخالد ابن الوليد لم يصنع الحضارة السورية , هؤلاء كانوا مجرمون قتلة , ومن العار تسمية بعض المدارس وبعض الشوارع باسمهم , اطلاق أسمائهم على بعض المرافق العامة ممثل للاقتداء بالبدوية, وهل في البدوية ما يستحق الاقتداء بها ؟