م. بيطار , جورج بنا :

انه ليس من العدل او الذوق السليم أن تسأل الانثى عن غشائها ووضعه , والشرف لايرتبط بوضع الأعضاء التاسلية , وهل ارتبط شرف الرجل بوضع قضيبه! , في مجتمع الاغتصاب على المغتصبة أن تتزوج مغتصبها , لأن مجتمع الاغتصاب يظن انه لايمكن للمرأة التي فقدت غشاء بكارتها ان تتزوج ,اي أنها بذلك تفقد الحياة الزوجية , في مجتمعات الاغتصاب كل شيئ مسموح من سرقة وغش وخيانة وكذب واحتيال وفتل باستثناء سلامة غشاء البكارة اي ما تسميه لغة الانحطاط المترهلة “عذرية”,لامعنى ولا دلالة لهذه المفردة , التي كان على اللغة السليمة ان تلفظها , الشرف ياعربان هو صفة تقييمة للفرد في المجتمع ,هو معيار لاجتماعية المخلوق البشري ومدى تأنسنه , ليس انتفاء او وجود الغشاء شرف او لاشرف , لا تفقد المرأة شيئا بفقدان سلامة الغشاء او حتى وجو أو عدم وجوده , فالغشاء كالزائدة الدودية اي لاحاجة للمرأة به , الكارثة ليست به ان وجد او لم يوجد , الكارثة بالعقل ان لم يوجد .
عام ٢٠١٨ انتبهت منظمة الصحة العالمية الى نقطة الغشاء وبالنتيجة منعت ما يسمى ” اختبار العذرية ” , لأن هذا الاختبار عديم العلمية وعديم الاخلاقية ولا يمكن لهذا الاختبار أن يكون دليلا على ممارسة الجنس او عدم ممارسته, واعتبرت هذا الاختبار بمثابة انتهاك لحقوق الانسان , انه نوعا من الارهاب المؤثر سلبيا على صحة المرأة نفسيا ,حتى على مجمل حياتها الاجتماعية , انه على الأقل مؤزم للعلاقة الزوجية عند البعض او حتى عند معظم أفراد خير أمة ,انه معكر للتفاهم بين الزوجين , وقد يقود الى الفراق , وفي اسوء الحالات الى ممارسة العنف ,الذي قد يصل الى الاعتداء على حياة المرأة ,قتلها ليس استثناءا كبيرا.
حتى وان لم تبلغ مجتمعات الشرق الأوسط درجة متقدمة وعالية من الوعي , يمكن رصد حركات تمردية, كتعبير عن نمو نوعا من الوعي لدى الفتاة المعاصرة , هناك على سبيل المثال حركة “فرجي ملك لي “,اضافة الى ذلك العديد من الحركات والجمعيات التي تعتني بالنساء المعنفات اللواتي تعرضن للعنف وبالتلي التمسن الحماية اتقاء لجرائم الشرف , هذه الحركات ترفض المعايير التي تروج لها الجهات المحافظة كرجال الدين , نتيجة لذلك تناقصت أهمية العذرية كشرط للزواج , وتناقصت المعايير التي تعتبر العذرية شهادة شرف دموية , الأمر بقي على سابقه فقط في المجتمعات القبلية البدوية وفي مجتمعات الحضر المتبدون.
لقد أخضع جسد المرأة لعملية تدجين وتنشئة اجتماعية , مضمونها الرقابة والضبط , المنسجم مع الثقافة التربوية ومعاييرها الاجتماعية , الضبط المحكم يحول ملكية جسدها الى مالك آخر , وليس ملكا لها , بل ملكا لغيرها , انها مخلوقة لغيرها وليس لذاتها , المرأة مستعبدة من قبل مفاهيم انوثة لاتعود ولا تخحص انوثتها , مفاهيم تعمل على تدجين انوثتها بالشكل الذي يريده مالكها ,فمالكها يريد كبح جمام شبقها الجنسي لذلك يقوم بختانها مع العلم بأنه لاعلاقة للختان بالشهوة الجنسية فيزيولوجيا , ولكنه يقود عمليا الى فلتان البحث عن اللذة التي لاتحصل المرأة المختونة عليها , لذاك تبحث عن رجل آخر ثم آخر وهكذا !.
مالكها يريد رفع مستوى شرفه , لذلك يقتلها لكي يرتفع اجتماعيا , أي يسقط اخلاقيا لكي يرتفع اجتماعيا , يحجبها لتأكيد ملكيته لها , يحمل غشائها حمولة الشرف والعفة المؤسس على العذرية ليرفع من مقامه , وكما نلاحظ يحرص المالك على جمع التناقضات والضديات مع بعضها البعض , ضدية تعاسة المرأة مع سعادته , ضدية حصوله على اللذة عن طريق حرمان المرأة من اللذة.
اذا كان للمرأة عفة يجب الحفاظ عليها , فهل للرجل ايضا عفة ؟ تختزل عفة المرأة بعدم ممارستها للحياة الجنسية قبل الزواج , والبرهان على ذلك احتفاظها بغشاء بكارة , بالرغم من كون وجود غشاء بكارة ليس برهانا على قيامها بممارسات جنسية او عدم قيامها بممارسات جنسية سابقة للزواج , هل ممارسة الرجل للجنس قبل الزواج مخدشا لعفته او أنه دلالة على الشك برجولته ؟, ممارسات الرجل الجنسية قبل الزواج أمر يرفع من مقامه !, بينما ممارسة الحياة الجنسية بالنسبة للمرأة قبل الزواج امر يلغي مقامها في المجتمعات المريضة , لهذا التفاوت في التقييم عشرات الدلائل منها الدجل الاجتماعي ,الذي عليه ان ينتهي بفض الاشتباك بين سلامة الشرف وسلامة غشاء البكارة , لابد من اعادة ملكية الجسد لصاحبة الجسد , التي تتصرف بجسدها كما تريد, مثل ممارسة الجنس مع من تريد , كون تلك المرأة ليس أول امرأة في حياة الرجل, يقابله كون ذلك الرجل ليس أول رجل في حياة تلك المرأة …مساواة !