الفتح والفضيلة…

ممدوح   بيطار :

التفكير والتكفير كتب السيد كمال حمزة  قبل   فترة  بخصوص الأوطان وبخصوص الشرف   ,”أذكّر أن قضية الأوطان على امتداد رقعة الوطن العربي السابح بدمائه ، ابداً ما كانت نتيجة لنظام آني سواء كان بعثي أو إخواني وغيرهما ، انما نتيجة نهج ثقافي جاء مع بواكير الفتح الاسلامي الذي كان له اليد الطولى في التأسيس لهذا الذي وصلنا اليه لاحقاً “, أجابه السيد عطاف محمد بالعبارة التالية , التي انقلها كما كتبها :لو ماتقول صحيح لاما حكمة نصف العالم,, أي احتلال بدو الجزيرة لنصف العالم كان فضيلة كبيرة , انعم الله بها على نصف العالم , لاعتب على السيد عطاف محمد , الذي لم يكتب حقيقة , لأنه على مايبدو لايلم بالكتابة بالعربية , انما كتب جهله , الذي انعكس بشكل امية ابجدية على عبارته .
يعرف التاريخ منذ البدء وحتى غزوة اردوغان للشمال السوري ,    ثابت الصراع بين الشر والخير ,  لم يعتبر احتلال بلاد الغير واخضاع شعوب هذه البلدان لارادة المحتل , مهما اختلف وتباين مضمون هذه الارادة, يوما ما فضيلة وخير , فالاحتلال او الفتح كان   دائما  شر , أكده حتى الخليفة عمر بن عبد العزيز , عندما أمر بايقاف الفتوحات , ليس الا لأنها شر مارسه بقية الخلفاء , وبرره غيرهم بشكل غير مباشر مثل لوبون , يروى عن لوبون قوله بأنه لم يجد  أرحم من الفاتحين العرب, لقد    جمع   لو بون الضديات  مع   بعضها   البعض    , وبذلك اغتال   المنطق   والأخلاق   ,  منطقيا   لايستقيم   الجزء   الأول   من   مقولته   مع   الجزء   الثاني   ,  فالفتح   شر   مطلق   لايستقيم     مع    الرحمة  ,  التي   تعتبر     خيرا   مطلقا   ,  الفتوحات   واخضاع   الغير   بالسيف   ينفي    الرحمة   بالمطلق ,احتلالات   عمر  ابن   الخطاب  اينما   كانت   هي   شر   مطلق   متوج   بانحطاط   العهدة   العمرية   المطلق .   
أما المشكلة مع الأخلاق فأوضح , من يمارس هذا الجمع بين  الضديات , انما يروج للاحتلالات ويبررها , وبذلك يمثل نسخة بشرية اسوء من نسخة ابن الوليد او القعقاع أو هولاكو او بن نصير  وغيرهم ,أساءت الفتوحات للآخرين , ولكنها أساءت للفاتحين بدرجة كبيرة , وللبرهان على ذلك يكفي القاء نظرة عابرة على حال احفاد الفاتحين هذه الأيام , انهم يعفشون كاستمرارية لعقلية غنائم الحرب , انهم بمنتهى التأخر وسوء الأخلاق كاستمرارية لسوء اخلاق الغزوات وانحدارها الحضاري , انهم عنفيون كاستمرارية لعنف الفتوحات , انهم جائعون لأنهم لايعملون ,  ولم يدركوا قيمة العيش من الانتاج (ثنائية العيش والانتاج), لقد سرقوا بحد السيف , لذلك كانت بيوت المال الأموية مليئة بالغنائم من مال وجواهر وغير ذلك  وكانت  ثروة  المصطفى   عملاقة  ملياردية  ,  ليس من العمل انما من   السطو   على   مال وممتلكات   الغير , بعد   توقف   الفتوحات   حل   بهم   الفقر !
لا أختلف مع أحد حول وجود تباين بين الاحتلالات والفتوحات , اي تباين بين درجات الشر , هناك على سبيل المثال تباين كبير بين الانتداب الفرنسي وبين الاحتلال العثماني لسوريا , الا أن هذا التباين لايغير من طبيعة الشر , ولا يحول الشر الى خير , التباين هو في درجة الشر فقط , الاحتلال سرقة واغتصاب , انه شر مطلق , ولا تعرف السرقة والاغتصاب سياقا تاريخيا مبررا لها , لم تكن السرقة والاغتصاب استثناء , انما ممارسة مستمرة واجهتها وتواجهها لحد الآن ارادة الخير الممثلة بعدم ممارسة الاعتداء على الغير ,
 
الآن صدأت السيوف , ولم تعد لها تلك الفاعلية  في السلب والنهب , لم يعد هناك سوى التطفل على الغير , يبدو وكأن التطفل ايضا على أواخره , لايطاقون بالرغم من التعاطف الشديد معهم بسبب   جوعهم ,  هكذا   تطور  وجودهم    في   اوروبا كلاجئين ,  تحاول أوروبا    التخلص   منهم     بشتى   الطرق,  لايعملون   ويريدون   البقاء   على   العلف   والمعلف , ولم   يدركوا    ان    أوروبا   لاتتقبل   حياة   المعالف  .   
لقد كانت المعارك التي خاضها بدو الجزيرة مدفوعة من رغبة الاستيلاء على الغنائم والسبايا وتقسيمها مع    المصطفى  ثم مع الخلافة بنسب مغرية بالنسبة للبدوي الممتهن لكار التقاتل والقتال  والسلب  والنهب , رجال عاشوا ابدا على حافة الجوع , خرجوا من الصحراء الجرداء القاحلة  بأفق  ريعية  مادية جديدة , النسبة المحترمة أربع أخماس لهم وخمس للمصطفى  او الخليفة شجعتهم وأغرتهم , ولأنهم متمرسون على البطش والقسوة والاجرام والتنكيل والغلظة ثم البربرية , لذلك ابلوا بالاعداء  ,الذين    أهتموا   بأمور  حياتية     أخرى   وليس    بالعسكرة  والحروب   والقتل   بالدرجة   الأولى  ,  هكذا   يمكن   تفسير  نجاحات    هولاكو  الحربية   ونجاحات   محمد    الفاتح   ثم   ابن    الوليد  وابن  نصير  وابن   زياد   والقبائل   الجرمانية   وغيرهم من    الجماعات    البربرية .   
الغزو لبى حاجات البدو الريعية   ,  لذلك   سمي   اقتصاد المغازي  , لم يحاربوا من أجل العقيدة والدين ,لأنهم في ذلك الوقت   لم يفهموا الدين ولم يفهموا العقيدة , ولم يكن هناك كتب دين , ثم انهم كانوا اميون ,  ولم يكن بين    الغزاة  رجال دين ,شرخبيل لم يكن رجل دين , وخالد ابن الوليد كان رجل حرب وسيف واغتصاب فقط , غيرهم كان مثلهم,لقد استولوا بالسيف وابتلعوا حقوق واراضي الغير الحضرية , وتعاملوامع  سكانها معاملة وحشية تعسفية (كتاب حسام عيتاني ), لم يأتوا الى بلاد الشام المتقدمة حضاريا عليهم بدرجات , كما تصفهم الكتابات التبجيلية , لنشر المساواة  والحضارة  بين الناس , وكيف يمكن تحقيق المساواة بين السارق والمسروق ؟؟ , بين المعتدي والمعتدى عليه , وبين المظلوم والظالم , الذي انحصرت خياراته بالنسبة للمظلوم بالأسلمة او دفع الجزية عن يد وهو صاغر أو المواجهة الحربية.
لايتغير أمر الاجرام وحتى لو صدقنا مسألة نشر الرسالة , انها عندئذ رسالة اجرام , لاتعرف التجمعات البدوية المعتاشة من السرقة والعنف مايسمى مساواة خاصة في عصر   الخلافة  , لامساواة في   الدين,    وهل   يستوي   المؤمن   مع   الكافر !!! , انما عدل , اي عدلهم او عدالتهم المخصصة لأجل احقاق حقهم والحرص على مصالحهم . 
الاطار النظري وخطة العمل الاستعمارية العنصرية التملكية , وجدت مكانها في العهدة العمرية البربرية , التي  عبرت عن شروط استسلام المهزوم للمنتصر , كانت املاء وقسرا لاشبيه لبربريته, أعجب من انسان يتقبل شروط هذه العهدة لابل يمتدحها , فهي املاء وقسر تحت حد السيف ,  لا علاقة بين العهدة وحقوق الانسان حتى في ذلك السياق التاريخي , ولم تكن ممارسة الغزو يوما ما فضيلة , وليس من حقوق الانسان تقبل شروط الغازي , للأسف لم تمض العهدة ولم تنقرض ,تجددت   على  يد التراث  , لاتزال روحها تحوم في هذه المنطقة وتقضي على كل مساواة وحياة  اجتماعية , كما كان في الجزيرة سيكون في سوريا وغيرها كالعراق والسودان ومصر ,اسألوا الشيخ حمداش والسيد عطاف محمد , كاتب التعليق الفصيح   عن  الفتوحات   وشرعيتها !!!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *