ممدوح بيطار :
الوطنية والمواطنة متأزمة في طرحها لنفسها كصورة عن الدولة السورية ,بالنسبة للبعض ,تمدد وتميع وتغير الوطن عروبيا واخونجيا , وكان على الوطنية أن تتمدد وتتغير معه الى اشكال افتراضية , فالوطن لم يعد بنظر البعض جغرافيا داخل الحدود السورية , ولم يعد الانتماء داخل الهوية السورية , الحدود الجغرافية والوطنية اخترقت , حتى وصلت الى اريتيريا قوميا عربيا والى اندونيسيا او افغانستان اخونجيا , فالأخونجي يعتقد ان وطنه ليس سوريا , انما وطنه حيث يتواجد أخ مؤمن يكن له الولاء ولشريكه في الوطن من ملة أخرى البراء , يعتقد القومجي العروبي أن وطنه ليس سوريا , انما وطنه من المحيط الى الخليج , وماذا عن الوطن السوري ؟ بالنسبة للاخونج العروبي لاوجود للوطن السوري سوى على خرائط الأمم المتحدة .
يشعر الاخونج العروبي أنه يتواجد في وطن مؤقت أو في مستوطنة او فندق أو مسكن عابر بالايجار , لريثما تتم اقامة الوطن الحقيقي , الذي هو وطن الخلافة بالنسبة للاخونج , ثم وطن المحيط الى الخليج بالنسبة للعروبي , كل ذللك يمثل تصورات خاطئة حول الوضع الوطني , فالاخونج العروبي ليس سوري الوطنية , ولكنهم يريدون تولي حكمها وشؤون ادارتها لكونهم غلبة غالبة , فالاخونج يشكل حسب ظنه على الأقل ٧٥٪ من سكان سوريا ,والعروبيون يشكلون حسب اعتقادهم على الأقل ٧٥٪ من سكان سوريا , اي جمعا يكون ١٥٠٪ من سكان سوريا , هذا هو الحال الحسابي مع الاخونج العروبي الذي يشكل ١٥٠٪ من الشعب السوري!!!
لم اذكر عمدا السوريين في سوريا ,فحسب جدول الجمع الاخونجي العروبي لاوجود لهم , ولا وجود لوطن يخصهم, لأنه لاوجود لوطن سوري , انه وهم وتوهم !هل حقيقة الوطن السوري الممثل لسوريا بحدود سايكس -بيكو وهم ؟ , أودولة المحيط الى الخليج وهم أو الخلافة وهم أكبر ؟؟؟؟؟
حاولت العروبة الغاء الوطن السوري وقتل المواطنة السورية , وتحويل سوريا الى جمهورية اسمية افتراضية عاهرة سايكس -بيكو , انها جمهورية عربية ولكنها سورية ,كيف ذلك ؟ انها سورية منذ ٧٠٠٠ سنة على الأقل , ولماذا عربية وليست تركية عثمانية او رومانية او فارسية أو غير ذلك ؟؟ فكل هذه الأطراف احتلت سوريا بالتناوب ولمدد متفاوتة , ثم انه لاعلاقة للهوية السورية بكروموزومات معينة أو غير ذلك من الخواص العضوية العنصرية ومفاهيم الأصول , أصل السوريين سوريا وليس روما او المدينة او انقرة , الشعب سوري , ولا علاقة لسورية الشعب بالثقافة ان كانت عربية او فارسية او رومانية او بالدين ان كان دين روما او دين مكة او دين فارس , الشعب سوري وليس فارسي او عثماني سلجوقي او عربي او روماني ,هذا هو الشعب السوري تاريخيا منذ آلاف السنين , احتلال سوريا من قبل المغول لايحول السوريين الى مغول , ثم ان السوري لايخجل بتاريخه السلمي الابداعي الناصع , لماذا عليه ان يتعثمن او يترومن او يتعرب , وما هي فائدة او ضرورة التجنس بالجنسية العربية ؟؟؟؟ هل ترفع الجنسية العربية من مقام سوريا , أو أن هذه الجنسية كانت ولا تزالا عبئا على سوريا والسوريين.
قتلت المواطنة بتيه وضلال الرموز, ينشدون النشيد الوطني ويتغنون بقريشي اسمه ابن الوليد أو الرشيد, وماذا عن سوريا والسوريين !, اليس لديهم عظماء وعلماء ؟, الا أن سوريا لانزال برسم المستعمرة , حيث يحدد المستعمر عظماء مستعمرته , وهكذ على السوريين الانشاد للقريشي خالد ابن الوليد , بالرغم من ان حجارة سوريا تضيئ بالعظماء , فمن سوريا كان قياصرة روما .. سبتيموس سيفيروس الذي انحدر من أفاميا السورية , ومنهم الحمصية جوليا دومنا ,جوليا التي حكمت روما عمليا, ومن سوريا الطبيعية كان حمو رابي , وتعجز الصفحات عن ذكرهم جميعا , اليس لدينا في سوريا محاربين من أجل الفضيلة وليس من أجل الغنيمة , وما هو الداعي والضرورة للانشاد لمجرم كخالد ابن الوليد , ولماذا لاننشد ليوسف العظمة ؟ , ثم على السوريين الانشاد للقريشي الرشيد , أليس لدى التاريخ السوري من هو أكثر تهذيبا من الرشيد الكرخنجي , لدى السوريون فارس الخوري وزنوبيا وعشتار وبانيبال الحقوقي وزينون الرواقي وصناع الحرف والمحراث والعجلة والنوتة الموسيقية وماري وأوغاريت وتدمر والعديد من النساء الملكات وغيرهم .
استعصت معظم الشعارات والمعاني على الفهم , وحتى فهم أبسط الأمور لم يتمكن من الولوج في عقول الاخونج العروبي , لم يدركوا جوهر العلاقة بين الفكرة والانسان والعلاقة بين المعتقد والانسان ثم الفرد والمجتمع,حولوا المعتقد الخادم والفكرة الخادمة الى السيد المخدوم ,لم يستوعبوا الفرق بين أفراد المجتمع وبين مجتمع الأفراد , تحولوا الى خدمة النصوص , وقد كان على النصوص أن تخدم , صنعوا أصنام الثوابت ليعبدوها ,
الفكرالرديئ يحفر قبره بنفسه , العروبة دفنت نفسها في القبر ولم يدفنها الغير, ماتت لأنها لم تنتج الا في تكريس التأخروالتردي ,لم تهتم بالايحابيات كبناء الوطن , انما بالشعارات المدوية ! كيف للعروبة أن تستقر وتحكم وطن , وهي التي اعتاشت من قتل الأوطان ,الوطن قتيل ولا يمكن الاعتياش منه انه جثة لاتستذوقها حتى الغربان .
قتلت العروبة والمعتقد المواطنة السورية , الوطن تحول عند الاخونج الى خلافة اعتبارية , وعند بعض العروبيين الى الدولة العربية , كلا الدولة الخلافية والدولة العربية من المحيط الى الخليج كيانات افتراضية لاوجود لها الا في الأوهام , الاخونج حول المواطن الى المؤمن , والعروبيون حولوا المواطن السوري الى عربي ,وبذلك اغترب هؤلاء عن الوطن السوري , وتحولوا الى مواطنين لأوطان وهمية أخرى , حولوا المواطنة السورية الى فائض لالزوم له, الى قزم متعثر شبه ميت , من المنطقي عندئذ أن يموت الوطن الذي تخصه هذه المواطنة.
بالنتيجة فشلت كل هذه التصورات الوهمية وفشل الوطن والمواطنة معه ,فشل الأوهام يحرض على المزيد منها , وتبرير المزيد تم بتلفيق أوهام العظمة …بالتبجح والافتخار والنجاح في الوصول الى كل الأهداف , يرقصون الدبكة ابتهاجا بانتصارات لاوجود لها , يصفقون لحركة الفم دون النطق بشيئ ,خطابات مدوية دون مضمون … حالة صوتية , المواطنة تحولت الى احتفالية فولوكلورية , الدبيك أصبح المواطن الجيد , وليس العامل النشيط والموظف الأمين والتاجر الصادق ,وكلما ازداد البعد عن تحقيق الأحلام , ازداد التطرف في تصور تحقيق هذا الحلم, التمني احتل الواقعية ,وأصبح من يمثلك من يمثل عليك .