المستقبل الأفضل , مع الانسان الاجتماعي الأفضل …

ممدوح   بيطار   :

  ولد   سعادة    في   ١-٣-١٩٠٤,  وولد   فكره  اثناء   حياته  ,  أوقفت     رصاصة   الرحمة   حياة    سعادة   بالموت  , مات   سعادة   قتلا    بدون   قبر     او  تأبين   أو  جنازة ,  ولكن   التفكير  الاجتماعي   الذي   بدأه   لايزال   حيا  ,  لقد  كان   المفكر   الاجتماعي     الوحيد  والأهم   في  منطقة  الشرق   الأوسط,

  بمناسبة  ولادته    نتذكر    تفكيره بالدرجة   الأولى      ,  التفكير   حضارة ,  والفكر هو  أحد  منتجاتها   المتغيرة  من  آن  لآخر ,  أحاول    في  هذه   المقالة   شرح     بعض   جوانب   تفكير  وفكر    أنطون   سعادة  القومي   الاجتماعي  ,
  لو  سألنا هل  للعقيدة  القومية  الاجتماعية  فلسفة؟  لانجد   جوابا مقنعا   على   هذا   السؤال ,    لذا لنسأل    المفكر القومي   الاجتماعي   هشام  شرابي.
قال   هشام شرابي  في  محاضره  ألقاها  في  آذار  عام  ١٩٥٤ “الحركة القومية الاجتماعية ليست جمعية فلسفية”,وعندما  نقول  إن  الحركة  تقدم  نظرة  شاملة حول   الحياة  والكون  والفن ,لا نعني  أنه لدى الحركة نصوصاً  فلسفية تقدم  إلى  كل  من  يسألنا  عن  نظرتنا  إلى  الفن  والكون  والحياة”.
ولكن  يمكن  القول  إن  العقيدة  القومية  الاجتماعية  فلسفة  اجتماعية  تتناول  الفرد  من  حيث  هو  كائن اجتماعي , ولا تتناوله  كوجود  مستقل , قال  سعادة  “إن  ظهور  شخصية  الفرد  من  أعظم  اللحظات الاستثنائية  في  التاريخ , لكن تشكل المجتمع هو الأكمل والأعظم فاعلية في الحياة”, انها   فلسفة  اجتماعية تعتني   بالوجود الاجتماعي  الفعال  والحي , وتفاعله  على  كل  المستويات  مع  بيئته ومحيطه  ومكوناته , بعيداً  عن    الماورائيه      والميتافيزيكية
  الفلسفة  في  أحد  تعاريفها  هي  رؤيا وتساؤل  متجدد  ومستمر, لذا  من الممكن  القول  إن  فلسفة  العقيدة  القومية  الاجتماعية  تتحدد  بالسمات التالية:
– العقيدة  القومية  الاجتماعية هي  فلسفة  تبدأ  بالمجتمع  وتنتهي  بالمجتمع , وتنظر إلى الفرد ككائن اجتماعي, لايصبح  الفرد   إنساناً  ولا تتفتح  مواهبه  الإنسانية  ولا تتجدد  معارفه وخبراته  إلا في  المجتمع  المنظم , وبغياب  الوجود  الاجتماعي  لا يستطيع  الإنسان  أن   يكون  حضارة, كتاب نشوء الأمم , هو  المرجع  الوحيد  في  هذا  الشرق  الذي يبحث    قضية   نشوء  المجتمع الإنساني  وتطوره  ونظامه  ومعناه  الأخير  في  الحياة  الإنسانية.
إذا  كانت العقيدة  القومية الاجتماعية  فلسفة  اجتماعية لا تهتم  بما  وراء  الطبيعة , فإنها  لا تهمل  النظر  إلى  الدين  كعامل مهم  في  الحياة   من الوجهة الاجتماعية السياسية , اتهام  الحركة  القومية  الاجتماعية  بأنها  لا تكترث  بالدين كظاهرة  اجتماعية , هو  اتهام   مجانب    للواقع , لم    تتجاهل   السورية   القومية  الاجتماعية  رسالة   الدين   ومكانته , بل   ارادت  إنقاذ  هذه  الرسالة  من  الوقوع   في  الحضيض  الطائفي  البغيض  والمتخلف , اذا   كان  المجتمع  هو  ساحة  وميزان  للعقيدة القومية  الاجتماعية   ,  لذا فانه   باستطاعة  القومي  الاجتماعي  أن  يكون  مؤمناً  مسيحياً  أو مسلما  أو  غير مؤمن بمذهب  ديني , وفي  الوقت  نفسه يبقى  قومياً  اجتماعياً ,  
–  المجتمع  في  العقيدة  القومية  الاجتماعية  هو  الغاية , لأنه  لا يمكن  إنجاز  أي  نهضة  حقيقية  إلا في  اطار  اجتماعي  , الذي  تعتبره السورية  القومية   المقصد   الأعلى  ,عندما  يترقى الوعي  الاجتماعي , تنعدم وتذوب  الخصوصيات  الفردية   حتى   المتباينة  منها   في    الحركة   الاجتماعية   الحاضنة   لها , الفرد   يصبح   عندها  إمكانية  اجتماعية ,   دون   أن  يعني   ذلك    محواً للوجود الفردي,عبر   سعادة  عن   ذلك   بقوله  “إن  الوجود  الأكمل  هو  الوجود الاجتماعي”, 
– شددت  القومية   السورية  الاجتماعية    على    اعتماد   العقل  كمرجع  وشرع  أعلى ,  وله  الفعل الحقيقي  في حياة  الإنسان  والمجتمع  كما  عبر  عنه  سعادة  في  المحاضرات العشر ,   العقل هنا  هوخلاصة  التجربة  والغنى الفكري  المتراكم  عبر  التاريخ , وارتقاء  درجة  الوعي  والحضارة  الإنسانية ,  العقل  هنا   ليس  الفكر  والعلم  فقط , بل هو  الموقف  وكيفية  النظر  إلى  الذات والكون , إنه تعبير عن  أنسنة   الانسان    .
  التشديد   على   أهمية   العقل   على  أهمية العقل  يعني  التركيز  على  النقاط  التالية:
* ارتقاء  العقل وتطوره  يؤدي  بالضرورة  إلى  وعي  المناقب  وسمو الأخلاق  والسير  قدما   الى  الأمام  , أي  إن  هناك  تفاعلاً  حقيقياً  بين  ارتقاء  العقل  وسمو  الأخلاق , لا بل إن  العقل  هو  مصدر  الأخلاق  ومنبعها.
*  تركيز  سعادة  على  العقل  يهدف  إلى  التحريض  على  التفكير , بل  على  تعلم   طرق  التفكير  وليس   على  نقل   الأفكار, فالقواعد  التي  تركها  لنا  سعادة  هي  قواعد  التفكير    الصانعة    للفكر   المناسب    في   الزمن   المناسب , اذ ليس   للفكر   قوالب   نهائية .
* العقيدة  السورية  القومية  الاجتماعية    عقلانية  لأنها  علمية تستند  على   التاريخ والجغرافيا  والمجتمع , والعلوم  هي  الساحة  الحقيقة  للعقل  وتفاعله  وإبداعه, وبالتالي  فكر  أنطون  سعاده   هو  خطاب  موجه  إلى  كل  ذي  عقل  يفكر  ويجتهد  ويبدع.
ــ   الرسالة  المناقبية  والبناء  الأخلاقي  لهذه  الفلسفة, المناقب  والأخلاق  ليستا  رداء  أو  قوالب  أو مظاهر شكلية  أو تقليداً  يتم  تعلمه  بالتلقين , بل  هي  وعي  عميق  وإدراك  حضاري   , والعمل  بها  يتطلب تفاعل  العقل  والإرادة  للتوصل  إلى  تجسيد  المناقب  والأخلاق  لتصبح  جزءاً  من  الهوية  الثقافية  الحضارية للمجتمع ,
ــ    العقيدة   السورية   القومية   الاجتماعية  هي   فلسفة  حركة  تتفاعل  فيها  المادة  والروح  “المدرحية”,  انها   ليست  فلسفة  وقوف  وتحجر  بل  نمو  وانطلاق, نظرة  ديناميكية   ليست   جامدة  متقاعسة محددة , يتوقف  فيها عمل  العقل  وينحصر  فيها  مجهود  التفكير  والاكتفاء  فقط  بالدوران  حول  النفس ,  ليتحول   الفكر مع    الزمن  إلى  طائفة  ذات  إيمان  متحجر,  انها   في  الحقيقة   أساس    لنهضة    متجددة   تنقذ  الإنسان  من  ألمين ,  ألم  التحقيق  وألم  التعثر  الذي  يجابهه  أثناء  التحقيق,
  كان   السوريون   القوميون   قلة ,  ولم   يبقوا  قلة   بالرغم  من     جهود   الرجعية   في  محاولة   القضاء  عليهم ,    العلمانية   هي   تحقيق   للسورية   القومية   الاجتماعية   وترجمة   لها ,     انها  تمتلك    المنهجية   , القادرة  على  ايجاد الحلول   لاشكاليات   الحياة ,   يحتاج    انقاذ   البلاد  الى  الفكر العلمي  العلماني  الأخلاقي الاجتماعي,   وذلك  لاستنهاض  المجتمع  السوري , الذي  تعرض   ويتعرض    لظروف التدمير والتحطيم    بشتى  أنواع  الأسلحة ,  السلاح   القاتل    بالدرجة    الأولى  كان  المواطن   الجاهل ,   بفعل   الجهل   والتدجين  تحول  العديد  من    السوريين  الى  انتحاريين   يوجهون  كل   سلاح   الى   صدورهم  ,    لكي    تتجدد   البلاد   الى   الأفضل  ,   يجب   خلق   الانسان   الأفضل   ….  الانسان   الاجتماعي   الأفضل.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *