ممدوح بيطار :
لايزال بازار البربرية في سوريا نشط جد , ولم يعد الفعل البربري نشاط يخجل القلم من توصيفه والترويج له , لابل تحول القلم الى اداة قتل أشد انحطاطا من اداة الرصاص أو السكين والساطور , في هذه البلاد, لم يعد البرابرة نمور ورقية وشخصيات كرتونية , انما “أبطال” من لحم ودم وعضل ,في زمن الفجور يتنكر الغربان بزي النسور , ولم تعد هناك عطالة في ممارسة العمالة للانحطاط ,تحولت الرزيلة الى بطولة , لقد كان هناك من يقتل الا أنه كان يخجل من فعلته , أما اليوم فقد تحول القتل الى فرض عملي . انه كالصلاة واتيان الزكاة ….عينك عينك يدعون للقتل والابادة, جراد يلتهم بعضه البعض , اذ لم يعد هناك مايلتهمه ويقضمه ويفنيه ويدمره , جر اد اعداء الحياة وأبطال الموت .
لم يعد ماعبر عنه المؤمن محمود كرزون والمؤمن الآخر ناصر طلال يوما ما في منشور بخصوص المرأة, أو في رسالة الى قادة الشمال من النوادر , أنه فكر مجرثم وسهل الانتقال من فرد لآخر , سأعرض ما كتبه أو نقله السيد كرزون ثم رسالة السيد طلال الى قادة الشمال بدون تعليق اضافي .
{ رسالةٌ هامَّـةٌ إلى قياداتِ الشمالِ }
(1) أخطرُ ما تفعلُـهُ القياداتُ في إعدادِ عناصرِ فصائلِـنا الثوريةِ للحرب هو أنْ تتحدثَ عن الأعداءِ الذينَ يقاتلونَـهُم و كأنَّـهُم بشرٌ . و الأصحُّ أنْ يكونَ الحديثُ عنهم كأشياء و أشباه بشرٍ لا قيمةَ لحياتِـهِم ، و ذلك لغَـرْسِ شعورٍ جمعيٍّ بالأفضليةِ الإنسانيةِ و القِـيَـمِـيَّـةِ في نفوسِ عناصرِنا ، و لإزالةِ الـمشاعرِ الرخوةِ بالذنبِ ، و تحييدِ تأثيراتِ تفكيرِهِم في الصوابِ و الخطأ . بمعنى آخر ، علينا إعدادُ عناصرِنا كآلاتِ قَـتْـلٍ مُجَـرَّدَةٍ من الـمشاعرِ و التفكيرِ .
(2) عندما رافقتُ مختلفَ الفصائلِ خلال السنواتِ الثلاث الـماضياتِ ، كنتُ ألاحظُ تهاوناً في عَـزْلِ العناصرِ عن محيطِهِم البشريِّ في الأماكنِ التي يتواجدونَ فيها ، و تساهلاً في حَـمْـلِهِم لهواتفِهِم الجوَّالةِ و الكمبيوتراتِ الشخصيةِ . و هذا ليس خطأً و إنما خطيئةً عسكريةً عظمى ، لأنَّـهُ يُضْعِفُ الروابطَ بينَ العناصرِ ، و يجعلُ العواطفَ الذاتيةَ الإنسانيةَ الرخوةَ تسيطرُ على نفوسِهِم . و لذلك ، على القياداتِ أنْ تكونَ صارمةً مع عناصرِها بالالتزامِ بالعُزلةِ عن الـمحيطِ البشريِّ ، و بمَنْـعِ العناصرِ من التواصلِ مع الأهلِ و الرفاقِ عبرَ الهاتفِ الجوالِ أو الفيس بوك ، و أنْ تكونَ العقوبةُ ترحيلَ الـمخالفينَ إلى الخطوطِ الخلفيةِ و سَجْـنِـهِم عسكرياً ، لأنَّ الثورةَ ليست فوضى و إنما هي انضباطٌ عسكريٌّ صارمٌ بالتراتبيةِ القياديةِ و الأوامرِ دونَ تفكير أو جدالٍ .
(3) على القياداتِ ألَّا تلتفتَ لِـما يجترُّهُ البعضُ من أقاويلَ مقرفةٍ حولَ الوطنيةِ و العلمانيةِ بهدفِ الحَـطِّ منْ شأنِ ما يقومُ به مقاتلونا في ساحاتِ الـمواجهةِ . و عليها أنْ تستثمرَ الجانبَ الدينيَّ في الإعدادِ ، لأنَّ الـمقاتلينَ لا يموتونَ إلا بوجودِ قيمةٍ عليا تتضاءَلُ قيمةُ حياتِهِم أمامَها .
(4) الـمساواةُ بين الأعداءِ في ساحاتِ الـمعركةِ هو الأصحُّ في إعدادِ الـمقاتلينَ . بمعنى أنْ يكونَ الإعدادُ النفسيُّ قائماً على تراتبيةٍ وطنيةٍ تستندُ على العداءِ للأسرةِ الأسديةِ فالانفصاليينَ ثم الدواعشَ ، مع التأكيدِ على زَرْعِ وحدةِ سوريا كعقيدةٍ عسكريةٍ في نفوسِهِم .
(5) على القياداتِ أنْ تسعى دائماً لعَـزْلِ الـمقاتلينَ عن الجدالِ السياسيِّ ، و أنْ تستفيدَ من التغيُّراتِ على الأرضِ لصالحِ الثورةِ ، بحيثُ يكونُ انتشارُها العسكريُّ في مناطقِ نفوذِ الأعداءِ الانفصاليينَ و الأعداءِ الداعشيينَ هو ثمرةٌ لهذه الاستفادةِ .
(6) على القياداتِ الشماليةِ الاستعدادُ لهجومٍ عسكريٍّ بريٍّ محتملٍ ضد داعش قوامُـهُ قواتُ مُرْتَـزِقَـةٍ من الجيشِ الـمصري تساندُها وحداتٌ رمزيةٌ من الأردنَ و بعضِ الدولِ ، انطلاقاً من حدودِ سوريا مع الأردن و العراقِ عبرَ البادية . و أقولُ : عليها الاستعدادُ ، بمعنى ألَّا تشاركَ فيه لأنَّه فاشلٌ من الناحيةِ العسكريةِ و لا هدفَ له إلا استنزاف داعش إعداداً لهجومٍ من الشمالِ . و لذلك ، يكونُ الاستعدادُ بالإعدادِ للدخولِ في مواجهةٍ مع الانفصاليينَ و تخليص الأراضي التي يغتصبونَها ، لأنَّ التضحيةَ بهؤلاءِ القاذوراتِ جزءٌ من الحلِّ الدَّوليِّ ، و سيكونون بلا دَعمٍ عسكريٍّ دوليٍّ قويٍّ خلال الفترةِ التي سيستغرقُها الهجومُ .
(7) على القياداتِ ألا تُغلقَ قنواتِ التواصلِ الخلفيةَ مع الروسِ و بعض القياداتِ الكبيرةِ في جيش النظامِ ، و أنْ تُوطدَ التنسيقَ مع القيادةِ التركيةِ في تحركاتها السياسيةِ و العسكريةِ .
لا تبالوا بالقَوَّالينَ ، و لا تنشغلوا إلا بمعركتكم التي هي ، اليومَ ، الـمعركةُ الحقيقيةُ و ليس سواها .