في أعقاب التقرير الأخير للجنة التحقيق الخاصة بسوريا التابعة للأمم المتحدة


بقلم:المنظمة السورية لحقوق الانسان , سواسية

 بيان:

أصدرت لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسورية يوم 27-8-2014 تقريرها الثامن المتضمن ما مفاده:  إتهام كل من النظام السوري و تنظيم الدولة الاسلامية باقتراف جرائم ضد الانسانية في سوريا.

أولاً: ملخص التقرير

أوضح التقرير الارتفاع غير المسبوق في معدلات الاجرام التي يقترفها النظام السوري خلال الستة أشهر الأخيرة من مجازر  قتل جماعي بالقصف العشوائي الجوي للمناطق الآهلة بالسكان المدنيين ببراميل الموت المتفجرة أو بمدافع الميدان الثقيلة أو براجمات الصواريخ ، هذ عدا عن السياسات المعتمدة لتهجير السكان المدنيين من ديارهم و تشريدهم بعد التدمير الممنهج لحواضنهم السكنية و منع المصابين منهم من الوصول إلى المشافي و النقاط الطبية و حظر وصول المساعدات الغذائية الإغاثية و الإنسانية للمناطق المحاصرة بقصد الاستمرار في سياسات التجويع الممنهج على أوسع نطاق ممكن كأداة من أدوات الحرب لفرض الإذعان على المناطق الثائرة ، بالإضافة لاستخدام الترويع و الترهيب في السجون و المعتقلات و ذلك باعتماد التعذيب و الاعتداء الجنسي كسلوك معتمد  و الحجز لمدد طيلة في ظروف مروعة مما يؤدي في كثير من الحالات إلى قتل الضحايا عن سابق عمد و إصرار.

كما أشار التقرير إلى قيام نظام بشار الأسد باستخدام السلاح الكيماوي المحرم دوليا،لاسيما غاز الكلور السام ، ثماني مرات على الأقل في محيط مدينتي إدلب و حماه ما بين نيسان و أيار الماضي ، مما قد يسلط الضوء مجددا على ترسانته الكيماوية.

و قد استند التقرير إلى / ٤٨٠ / مقابلة مع الوثائق و جميعها تثبت بما لا يدع مجالا للشك الهمجية و البربرية التي يتعامل بها نظام بشار الأسد مع ثورة الكرامة في سورية.

و من جهة أخرى أشار التقرير إلى قيام تنظيم الدولة الاسلامية باقتراف جرائم القتل و التشريد و التهجير و الاعتداء و التعذيب لا سيما بحق الأقليات ، و قد خلص التقرير من حيث النتيجة للمطالبة بإحالة المتهمين في كل من النظام السوري و تنظيم الدولة الاسلامية إلى المحكمة الجنائية الدولية و أرفق قوائم سرية جديدة بأسماء المتهمين الواجب إحالتهم للمحاكم الدولية.

 ثانيا: موقف المنظمة السورية لحقوق الإنسان من التقرير

المنظمة السورية لحقوق الإنسان ” سواسية ”  إذ تعبر عن ارتياحها تجاه ما جاء في التقرير من سرد لبعض الجرائم التي يقترفها النظام السوري و ترى فيها غيض من فيض مما يواجهه الشعب السوري اليتيم ، فإن المنظمة السورية لحقوق الإنسان تشدد على مطالبها السابقة بتاريخ 22- 3- 2014  بضرورة إدراج أعمال العنف التي يقترفها كل طرف في سورية على لائحة جرائم الإبادة الجماعية وفقا لما نصت عليه اتفاقية حظر جرائم الإبادة الجماعية لعام ١٩٤٨و السارية التنفيذ منذ تاريخ 12-12-1951.

إن جرائم الابادة التي يقترفها النظام السوري ” أبو البراميل المتفجرة ” لتدمير مجموعات وحواضن سكانية وعرقية من الأغلبية السنية في المدن و المناطق الثائرة من سورية عن طريق القتل الجماعي و التهجير الممنهج لا تخفى على أحد في هذا العالم سوى لافروف و نتنياهو و خامنئي

http://swasia-syria.org/?p=709

 و للعلم فإن الجمهورية لعربية السورية كانت قد وقعت على هذه الاتفاقية قبل أن يبتليها الله بحكم العسكر و أولادهم  بسنوات طويلة و من حق الشعب السوري اليتيم أن يطالب بالقصاص ممن اقترف بحقه أشنع جرائم الابادة على مرأى و مسمع العالم ، و إن ما خلص إليه التقرير من مطالبة بإحالة مقترفي الجرائم ضد الانسانية في سورية إلى محكمة الجنايات الدولية ما هو إلا ضحك على الذقون و اللحى لأن هذه الآلية المسماة محكمة الجنايات الدولية قد ثبت سقوطها التاريخي و ليس فقط فشلها كآلية لإحقاق الحق و تحقيق العدالة للضحايا لأن الإحالة إليها تمر عبر مجلس الأمن الدولي و الذي ثبت للعالم كله أنه ليس أكثر من وكر للبلطجة و العهر السياسي الدولي الذي تمارسه الدول الخمسة الدائمة العضوية و هو السر الكامن وراء جميع مأسي و آلام شعوب الجنوب الفقيرة و في القلب منها منطقة الشرق الأوسط.

تؤكد المنظمة السوري لحقوق الانسان  على أن الحل الوحيد المتاح سندا للمادة السادسة من الاتفاقية هو دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة للانعقاد لإنشاء محكمة خاصة بسوريا لمحاكمة مقترفي جرائم الابادة الجماعية و على رأسهم المجرم الدولي بشار الأسد.

 و أخيرا  وعلى  سبيل الاستطراد نقول:

 لقد طمس التقرير المسافة ما بين الجرائم التي يقترفها النظام السوري والجرائم التي يقترفها تنظيم الدولة الاسلامية وهذا الخلط في الأوراق غير مقبول من جهاز تحقيقي من المفترض أنه جنائي تقني و مهني.

كان على لجنةالتحقيق الدولية الخاصة بسوريا أن تفرق ما بين الجرائم التي يقترفها النظام السوري و تلك التي يقترفها تنظيم الدولة الاسلامية وفقا للمعايير و الضوابط  العامة المعترف بها في الفقه الجنائي الدولي :

*  ففيما يتعلق بعنصر الاستهداف فإن الأعم الأعظم من أهداف براميل النظام السوري و مدفعيته الثقيلة و سياسات التجويع الممنهج  هم الحواضن المدنية و السكنية و يكفي نظرة بسيطة اليوم لاستهداف الحافلة التي كانت تقل نساء و أطفال من هجين إلى دمشق و التي راح ضحيتها عشرة أطفال و خمسة نساء و عشرات الجرحى…… وصولا إلى مئات المشافي و المخابز و المدارس و دور العبادة التي استهدفها النظام السوري  كي نعرف ماهية الأهداف المدنية التي يتوخاها النظام السوري.

في حين أن أهداف تنظيم الدولة الاسلامية على همجيته كانت عسكرية في الأعم الأغلب من الحالات.

 *  ثم إنّ طبيعة الأسلحة التي يستخدمها كلا الفريقين مختلفة بما يجنب الاصابات غير المبررةلاسيما بحق المدنيين، فتنظيم الدولة الاسلامية لم يستخدم السلاح الكيماوي ليقتل في غضون دقائق / ١٦٠٠ / ضحية بدون تمييز ولم  يدفن الناس أحياء بدون تمييز ببراميل الموت الحمقاء التي لا تفرق ما بين شيخ و طفل و إمرأة و إن كان قد مارس الذبح بالسكين بطريقة يندى لها جبين الانسانية.

 *  ثم إنّ من طبيعة قوات النظام السوري و المليشيات الطائفية التي تقاتل معه و العصابات شبه الحكومية المنضوية تحت لوائه أن لا تميز ما بين المقاتلين و غير المقاتلين لأنها تدك المدن و القرى الثائرة بدون تمييز و تستخدم كثافة نيرانية لا تتناسب مع حجم المقاومة في حال وجودها،  في حين أن مؤشراتنا تشير أن تنظيم الدولة الاسلامية على وحشيته يفرق ما بين المقاتلين و غير المقاتلين على جبهات القتال التي يحارب عليها و يستخدم كثافة نيرانية بما يتناسب مع طبيعة الخصم.

 المنظمة السورية لحقوق الإنسان ” سواسية ” من أوائل منظمات المجتمع المدني السورية التي كانت و مازالت و ستبقى تناضل في سبيل دولة سورية مدنية عصرية ديمقراطية لجميع أبنائها يحكمها دستور لا يكرس الاستبداد و يقيم الحكام خدما للشعوب لا أسياد أبديين عليهم.

و ما دفعنا لإجراء هذه المقارنة ما بين الأسوأ و الأقل منه سوءا هو عقدة التفوق في الذهنية الغربية لصناع القرار السياسي الدولي و التي تجعلهم يعتقدون أنهم يستطيعون خداع الرأي العام العربي و المسلم  بإسلوب التعبئة العامة.

ففي الوقت الذي يتغاضون فيه عن دولة الملالي في طهران و عن سلاحها النووي و عن مليشياتها الإرهابية العابرة للحدود  … فإنهم يقيمون الدنيا و لا يقعدونها بما يتعلق بردةالفعل السلبية على هذا الواقع من قبل العرب السنة الذين بات من الواضح لكل ذي بصر و بصيرة أنهم العنصر المستهدف في منطقة الشرق الأوسط.

إن الاستمرار على هذا المنوال في التعاطي السياسي الدولي بمعايير و مكاييل مزدوجة إنطلاقا من نظرة عنصرية صهيونية متطرفة سوف يتسبب في أنهار من الدماء و أجيال من المحرومين و سيسدل بظلاله القاتمة على الجميع.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *