استعباد الطائفة العلوية

بقلم : ربا منصور

النظام  نظم  كل فاسد   ومرتزق  وملفق ولقلاق ومنافق   في خدمته  المأجورة  ,  هو يدفع  لمرتزقة من  كل الألوان والأشكال  والطوائف  , ومواد  مدفوعاته متنوعة  منها المادي ومنها المعنوي  , منها النفسي  ومنها   التخويفي  ومنها  الحلمي ,  وقد افلح النظام  لفترة طويلة  وبشكل عام  لحد الآن  في  الامساك  بالطائفة العلوية  رهينة    وأسيرة عنده ., منهم من  أصبح  غنيا   ومعظمهم بقي فقيرا , منهم  من توظف   في سلك الجمارك أو  المخابرات  أو  أجهزة الأمن الأخرى  أو الجيش  ..الخ  ومارس  باستقلالية  كار النهب  والرشوة  , وبالرغم من ذلك  تعتبر الطائفة العلوية  الطائفة الأكثر تضررا من  حكم عائلة الأسد   خاصة على المدى المتوسط والبعيد .

هناك  العديد من  التطورات التي  تبرهن عن  تضرر الطائفة   تضررا  يهدد وجودها   ولنبدأ  بالحيز الحياتي ,   فقد  قتل  أكثر من ٦٠٠٠٠  من شباب الطائفة   اضافة الى ١٠٠٠٠٠  بين جريح ومعاق   , ولم يبق في العديد من القرى  الا  النساء والشيوخ , وبسبب ذلك   تضررت الزراعة  التي كانت  أحد  مصادر العيش   المهمة  في هذه الأرياف , ولو اقتصر الأمر على الزراعة لهان الأمر كثيرا  ,  فاضافة الى  ذلك  أصبح مئات الألوف من الأطفال يتامى  , وعشرات الألوف من النساء أرامل  , وكيف  لهؤلاء تدبير أمور  حياتهم  وتربيتهم  ومستقبلهم  بدون أب , خاصة   في سياق موجة  لاتوصف من  ارتفاع الأسعار ,  لم يقتل الأب فقط  وانما قتلت  الشجرة والزهرة   وقتلت البنت والابن والزوجة  , ومات أهل القتلى  قهرا وحزنا  … ألا يكف   ذلك ؟.

لا يكف ذلك قطعا!! , ففي الخمسينات بدأت الطائفة العلوية  بتطوير نفسها  تلقائيا  كما تتطور كل أقلية  في  مجتمع    أكثرية ,  لقد  كان منهم  الكثير من المتعلمين  والمثقفين   وحملة الشهادات الجامعية ,تطوروا تطورا مشابها لتطور الطائفة المسيحية  , و مشابها لتطور الأقلية اليهودية في اوروبا , حيث  افرزت  الطائفة اليهودية في أروروبا  العديد  نسبيا من المتعلمين  والجامعيين  والأطباء والمحامين  ورجال البنوك والموظفين  في  وظائف تقنية عالية   , مما أعطى الطائفة اليهودية  ثقلا  لايتناسب مع حجمها العددي  , وكذلك كان  تطور الطائفة المسيحية في المشرق  وهكذا بدأت الطائفة العلوية  في الخمسينات .

الأسد  اقتنص واستدرج    العديد من  أفراد الطائفة العلوية  من المدارس والجامعات والحقهم  بممارسات ووظائف   لامستقبل لها , وماهو مستقبل  رجل  اربعيني  يعمل في  الأمن والمخابرات  عندما  يلغى الأمن وتلغى المخابرات , وما هو مستقبل  الشاب الشبيح  حامل الروسية  وهو  بين العشرين  والثلاثين من عمره عندمل  يترك المدرسة ويلتحق بالتشبيح  , وما هو مستقبل  مجموعة ضخمة  من   المستفيدين من ريع الفساد , وهل  يظن عاقل على أن  أمور النهب   ستستمر  كما كانت عليه  والى متى ؟  , وماذا  سيفعل  المجتمع السوري مع مئات الألوف من أزلام الأسد  ومن  السجانين والقتلة  واللصوص  بعد غياب الأسد , وهل  يظن عاقل  على أنه بالامكان الحفاظ  عليهم وعلى الأسد ونظامه  الى الأبد ؟,وما هو مستقبل  مئات الألوف  من رجال المخابرات  والشبيحة  عند تأسيس الديموقراطية القدوة التي بشر بها  وزير الخارجية المعلم ,  ففي الديموقراطية  لاحاجة  الى  هذا الجيش من المخبرين   والجواسيس  والشبيحة  , ولا حاجة  الى سجون لمئات الألوف  ولا سجانين  واختصاصيين بالتعذيب والقمع , عددهم حوالي ٤٠٠٠٠٠مخلوق و لم يمارسوا في حياتهم  الا المنكر والاجرام  والفساد , فكيف سيتم التعامل مع  هذا العدد من المجرمين  وقطاع الطرق , انهم قنبلة موقوتة وسيكون لهم دورا كبيرا جدا  في تخريب  الحياة  السورية .

لقد تركت الطائفة  الشعب والتحقت  بالبائد  ,  وولدت عدائية   حتى النخاع بين الطائفة  وبين ماتبقى من المجتمع السوري , وأقول عمدا “ماتبقى من المجتمع السوري ”  وهل يظن عاقل  على  أن الطائفة المسيحية  مناصرة للأسد وزمرته ؟ , ومن يظن ذلك عليه  بالتنصت لما يقوله المسيحي  بين أربعة جدران  ,  ميسحيو سوريا  هم  من   اشد المعارضين للأسد  وهم الى جانب الطائفة العلوية  من المتضررين من الاسدية  ,  واضمحلالهم   بمعدل  أكثر من النصف في نصف القرن الماضي  هو البرهان على عدم سعادتهم    بالأسد  وزمرته , وأما عن السنة فحدث ولا حرج  , هل يتجرأ علوي  على  التواجد  في  حمص أو درعا أو  دير الزور أو حلب أو ادلب  ..الخ ,  محرم عليه  التواجد في معظم  اراضي الجمهورية   , وتواجده هناك  لايعني الا موته . 

انتفخت الطائفة  بمنفاخ الأسد  وتبرجت  بحسن ضيافتها  للنازحين  من حلب  وحمص  وغيرها من المناطق المنكوبة , متناسية  على أن هؤلاء النازحين  انما  أتوا الى مناطق  الساحل  بعد أن أرغمهم  عسكر الأسد على ذلك  , وبعد أن  هدم سهيل حسن وخضور  وغيرهم من الجنرالات منازلهم  ,  الأريحية العلوية الساحلية  كاذبة  ومن يتبجح  بقضية النزوح الى الساحل  عليه  أن يدرك تماما  ماذا فعل أهل الساحل  بهؤلاء  النازحين  ومن هدم بيوتهم  وقضى على  مصادر رزقهم , فالطائفة  لم تكن في الحقيقة نعجة وديعة  , الا انه من الواضح على أن الأسد غرر بالطائفة   أحيانا  , و ارغمها أحيانا أخرى   وابتزها  في معظم الأحيان  , وخوف الطائفة  من الغير دائما  وكذب عليهم وأسرهم  وعاقبهم  بافراط  عند  شعوره  بتزعزع ولائهم  ,  لذا تأخر  ادراكهم  للحقيقة  وتكاسلوا  في   ارتكاسهم  للواقعة  , ولم تفرز صفوفهم  تذمرا أو معارضة ذات شأن.

لقد كان من الحتمي أن يتغير  الأمر , ومن الحتمي أيضا أن  تدرك الطائفة  عمق  المهوار الذي  أوقعها الأسد به ,  وفي هذا السياق   أتى قبل أيام  البيان التالي من التجمع السوري العلوي :

لايزال النظام السوري, المختزل بعائلة الاسد, يجند الشباب السوري , في حربه المجنونة من أجل الحفاظ اليائس على كرسي الحكم, وذلك عبر دعوة الاحتياط أو الترهيب والترغيب للإنضمام الى ميليشياته المتعددة, ويركز بصورة خاصة على الشباب العلوي, حيث يعتقـد أنه الاكثر إخلاصا له. لقد وصل عدد قتلى أبناء الطائفة خلال حرب الكرسي , الى اكثر من 60 ألف شاب, وأكثر من 100 الف جريح ومعاق, ولم تبق قرية واحدة في الساحل والجبل العلوي لم تثكل بإبن من أبنائها, أو أكثر, بل هناك عائلات بكاملها قد ابيد جميع شبابها.

ومن جهة اخرى يمعن النظام الاسدي في إستهتاره وعـدم مبالاته تجاه المخطوفين والـ 54 من أبناء وبنات الجبل, والذي تم اختطافهم بصورة مخالفة لابسط قواعـد الانسانية من قرى صلنفة, في آب الماضي, لقد رفض النظام أي مبادرة للمبادلة على هؤلاء المخطوفين غير آبه لمحنتهم ولحياتهم المعرضة للخطر في كل لحظة, في حين بادل فوراً على راهبات معلولا ومقاتلي حزب الله واحد أبناء عائلة الاسد.

ومن طرف آخر, يحاصر النظام العلويين, وأبناء الشعب السوري عامة, بالغلاء الفاحش والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية الضرورية, إمعانا في إذلال الشعب السوري والعلوية خاصة, لقـد وصلت أسعار بعض السلع الى حد لايمكن ان يتحمله دخل غالبية أبناء الشعب السوري, بل فوق طاقة الميسورين منهم, وهكذا من لم يمت بالحرب عليه أن يموت جوعاً. هذه هي الخيارات التي وضع الأسد أماماها الشعب السوري.
أيها العلويون الأباة, ان وقوفكم صامتين أمام موتكم وموت أبنائكم وشبابكم, يعني قبولنا جميعا بآل الأسد قادة لنا, ويعني قبولنا بكل المذلات والإهانات التي ألحقوها بنا, ويعني قبولنا بالتضحية من أجل استمرارهم في توريث الكرسي , وهذا مالا تقبل به عزتنا وكرامتنا.

لننظم الاحتجاجات, بكل الوسائل السلمية, ليهرب المطلوبون للعسكرية أو الإحتياط, لنوزع المنشورات والبيانات التي تحض الجميع على مناهضة آل الأسد ونظامهم القاتل, لندعو الى المصالحة الوطنية بين جميع أبناء الشعب السوري, لنوقف هذه المجزرة الرهيبة كرمى لآل الأسد ولإيران, إشحذوا الهمم, واستنيروا بقوة وشجاعة روحكم الحرة.

إرفعوا قبضتكم في وجه الوحوش المتطرفة وفي وجه آل الوحش ونظامهم المجرم”

تمرد جزء  من الطائفة العلوية  لايمكن تعريفه على أنه تمرد ضد الأسد   , وانما  مصدره  الشعور بالمسؤولية تجاه الطائفة  المهددة  ليس من الغير وانما  من ذاتها , حيث خلق  انفصال الطائفة عن  أكثرية الشعب السوري  والتحاقها بالأسد  وضعا يتميز  بالكراهية   وحب الانتقام  والرفض  ,وبذلك  حملت الطائفة نفسها  اعباء  لاتقوى على تحملها  ,لقد رفضت الطائفة أكثريةالشعب  السوري  والتحقت بالأسد  ..التحقت بالبائد  وأهملت الدائم , ولا يزال هناك مايكفي من الوقت    لتصحيح  المسيرة , هذا البيان  وغيره  يمثل بداية  جيدة  عليها أن تكبر  وتنمو  وتنضج .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *