الممانعة ظاهرة صوتية !

بقلم :جورج بنا

بالرغم من قدم  شعار “الممانعة”  , أعترف على أني لم أفهم مضامينه  بشكل كاف لحد الآن  , فالرئيس بشاار الاسد يعتبر نفسه ممانعا  , ويعتبر  الرئيس اللبناني  سليمان  غير ممانع , والرئيس السوري الحريص على لبنان يريد له رئيسا جديدا “ممانعا” , فما هي  صفات الرئيس الممانع  , والتي تميزه عن الرئيس الغير ممانع  ,مقارنة بسيطة بين الأسد السوري واللبناني سليمان  توضح الأمر بعض الشيئ  .

فالسوري الممانع  “ابدي” في حين ان اللاممانع  اللبناني     ليس أبدي   ولم يات بتزويرة  استفتاء أو   اغتصابا لقانون  تم   تفصيله على قامة   الوريث , الممانع  هو ديكتاتور  لايحترم القانون  , في حين ان اللاممانع ديموقراطي , وليس له من الصلاحيات مايجعله شبيها بالخالق عز وجل , الممانع يتفاوض مع اسرائيل   قبل سنوات  في اسبانيا  وفي ظل الوساطة التركية, والممانع يرسل جنوده  الى جانب الأمريكان لاحتلال العراق  البعثي أيضا  , بينما اللاممانع  لايرسل جنوده الى جانب الأمريكان  , والممانع واللاممانع  يستظل  على حدوده بحماية القوات الدولية , كما أن اللاممانع  لم يخسر  من أرضه كما خسر الممانع  , الذي  لم يتمكن بسبب ممانعته من استرداد شبرا واحدا من الجولان  , وحول هذه  النقطة الأخيرة  قد   يستشيط المؤيد غضبا  ويستحضر قصة القنيطرة  , حيث  يعتبر الأسد  ومؤيدوه  على أن استرداد القنيطرة  كان نتيجة  انتصار  وجهد عسكري ,  فالقنيطرة  لم تسترد  بالحرب  والمقاومة , وانما   بالمحادثات  تحت اشراف كيسينجر*  , وقد دفع الممانع  ثمنا للقنيطرة   وهو التعهد   بممارسة الهدوء والسكينة في الجولان  , وهذا  مانفذه الممانع  بحذافيره لأكثر من أربعة عقود والى هذه اللحظة .

الممانع  احتل لبنان  وعاث به فسادا وسرقة  واغتصابا, اغتال السياسين والمفكرين  وساهم  بزعزعة لبنان   , وبنيجة ذلك  كان من الضروري   أن يغترب  بالنسبة للبنان  وأن  يرسل السفراء اليه ,  لقد خرب  العلاقات  شبه  العائلية مع لبنان   , وأصبحت  سوريا  بالنسبة للبنان   ليست “شقيقة ” وانما “شقية”  ,  وأين هي  ايجابية   الاغتراب  مع لبنان , وهل الاغتراب  عن لبنان  هو تطبيق  لشعار” الوحدة”  البعثي ؟؟؟.

العلاقات بين بعبدا ودمشق  تحولت  بعد عام ٢٠٠٨  الى علاقات  يشوبها الحذر  والجفاء , وقد كان على الممانع  أن يمنع  تدهور هذه العلاقات  , وان يحترم لبنان  وكيانه  , وأن  يكف عن ممارسة القسر ضد اللبنانيين , وأن يمتنع  عن    محاولة انشاء دولة ضمن دولة  في لبنان , فقبل تحرير فلسطين  بوسيلة الممانعة والمقاومة   كان على الممانع  الكف عن العبث بلبنان  والكف عن محاولة زعزعته وتدميره   , وكان على الممانع أولا   أن يمتنع عن  تخريب سوريا  بالحروب والمجازر والفساد والديكتاتورية  واغتيال الحريات  , ولا يوجد أي منطق  في  تحرير فلسطين  بينما ترزح سوريا تحت الاستعباد والاستبداد ,.

وبالعودة الى المقارنة بين  الممانع واللاممانع  نجد   هناك المثالب  مقابل المناقب , فالرئيس اللبناني اللاممانع  غير متهم بالاغتيالات السياسية , ولا تحاكمه محكمة دولية  , ولم يخطف الناس  ويعيدهم الى أهلهم جثثا  تدمى لها العيون  ,  ولا نعرف سجينا لبنانيا   مات  تحت التعذيب في لبنان  ,  وبالمقابل  تخرج الجثث بالعشرات يوما من سجون الممانع , وحتى السجون الاسرائيلية  لم ترق  في توحشها الى مرتبة سجون الممانع .

وبالنتيجة  نجد على أن  الممانع    أقل مقدرة من اللاممانع  في ترتيب أمور  الوطن  وفي تقويته  , والوطن الذي عليه أن يقاوم  يجب أن يكون قوي  , فكيف سيكون الحال مع وطن  يزداد ضعفا  وتشتتا اذا اراد فعلا ان يقاوم  , وبماذا يقاوم الضعيف ؟ بالفقر والمرض والتأخر  وبجيش أبو شحاطة !!! , الوطن الذي سيقاوم هو الوطن الذي به  تزدهر وتتعمق  وتقوى   خاصة “المواطنية” , والمواطنية لاتزدهر في ظل  القمع  والتعسف  والاستبداد  والفساد , المواطنية  حالة مادية  , وبقدر   احترام الوطن للمواطن   يحترم المواطن الوطن  , والوطن الذي لايحترم المواطن    ليس جديرا  بأن يسمى “وطن” , وليس جديرا أن يموت في سبيله أحد .

لقد تم ذكر العديد من الأمور  التي لاعلاقة مباشرة لها مع  مايمكن فهمه  من ممانعة الأسد   ,  وذكر هذه الأمور مثلا الديموقراطية والحرية  ..الخ  هي أصلا الأساس  الذي  يمكن  عليه بناء كيان المقاومة  ,ذلك لأن هذه الأمور هي أساس  قوة الوطن  , والقوة هي  أساس المقدرة على المقاومة , أما  الترويج  اللفظي للممانعة  والمقاومة  فليس  أفضل من ثرثرة   وهذيان  وممارسة للدجل ,  أليس  دجلا  عندما   يطلب  الرئيس بشار الاسد   من  لبنان أن يكون له رئيسا  ممانعا مثله؟.

*  في الشق الثاني من حرب ١٩٧٣  كان  جيش اسرائيل في طريقه الى احتلال دمشق , واسترداد القنيطرة  لم يكن نتيجة لضعف اسرائيل العسكري  , وانما جاء في سياق  مقايضة  تم من خلالها   اقالة  المقاومة  من الجولان  , لقد أخذوا كامل الجولان  مقابل القنيطرة, ولا يمكن الظن  على أن اسرائيل  لاتستطيع  عسكريا  التوغل في العمق السوري  كما تريد ومتى تريد  ,  أين هو الجيش الذي يستطيع  ايقافها ؟ وهل  من أهداف كتائب الأسد  بالدرجة الأولى ايقافها  أم  ابقاء الأسد على كرسيه ؟

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *