الأسد وجدلية الصمود !

بقلم :جورج بنا

دعونا نفكر   بكل هدوء   بمضمون تصريحات السيد بشار الأسد   التي  ادلى بها في مقابلة مع  صحيفة “جمهوريات ” التركية  وذلك في يوم  ٥-٧-٢٠١٢,  قيمة هذه التصريحات لاتكمن فقط في مضمونها وانما بدلالاتها  على طريقة  تفكيرالسيد بشار الأسد , وقد  أكد السيد بشار الأسدفي هذه المقابلة أمور عدة  منها   قوله على أن الاطاحة به ممكنة  كما أطيح بشاه ايران  , الا ان الفرق  بينه وبين الشاه هو  شعبيته ووقوف الأمة السورية الى جانبه .

صحيح على أنه من الصعب ومن غير الضروري الاطاحة برئيس  يقف الشعب الى جانبه , ولكن أليس من المنطقي أن يسأل السيد بشار الأسد نفسه عن أسباب وقوف الشعب السوري الى جانبه  , فالشعب يقف دائما الى جانب  رئيس أو قائد  قدم للشعبأ المتوقع أو أكثر من المتوقع ,  وهل من الصعب في هذه الحالة  القول على أن بشار الأسد لم يقدم للشعب سوى المصائب  ,   فتحت قيادته  تم تدمير  أكثر من ٧٠٪ من البنية التحتية في سوريا  , ومن الترف البكاء على الحجر عندما يموت البشر , ومن البشر السوري  مات مئات الألوف   من  المواطنين قتلا  بالرصاص والبراميل والصواريخ  والمدفعية والدبابات  ,  منهم عشرات الألوف من الأطفال   قسم منهم بالغازات السامة  , ومن  البديهي هنا  أن يكون الرئيس المتمتع   بصلاحيات لايعرفها رئيس آخر في هذا العالم  مسؤولا عن ذلك  , السلطة مسؤولة أولا وأخيرا عن أمن المواطن   وليست جبهة النصرة  أو داعش أو غيرها من  الفئات  الجهادية  المجرمة , ولا لزوم هنا   للتوسع في توصيف انجازات السيد بشار الأسد  , ففي عهده امتلأت السجون    وفي عهده  يموت المساجين تعذيبا  وفي عهده  انفلت الفساد  وانفاتت الطائفية  ,  وأصبح الوطن على وشك التقسيم  وحل الكره بين فئات الشعب ,وعن الحريات  والديموقراطية  فحدث ولا حرج , أما عن  العدالة الاجتماعية   فهنا الطامة الكبرى , وفي  انعدام الشفافية احتلت سوريا  المركز قبل الأخير عالميا , وعن الفقر  اوالفاقة  فهناك  عشر ملايين جائع سوري , وهناك تسعة ملايين  بين نازح ولاجئ  وشلل الأطفال عاد الى البلاد المعزولة عالميا  والمطرودة من المحافل الدولية  , ناهيكم عن الملاحقات  من قبل محكمة الجنايات الدولية  وعن  ..وعن .. والقائمة لاتعرف النهاية  , الهذا يقف الشعب الى جانب السيد بشار الأسد ؟؟ انه يكذب ويصدق كذبه , أو انه منفصم تماما عن الواقع , انه يحلم !

وفي ذات المقابلة  قال السيد بشار الاسد  على أنه يتعرض الى  هجوم من قبل  متشددين اسلاميين  أتو من الخارج , والرئيس هنا على حق , هناك من يحاربه من المتشددين الاسلاميين  , الا أنه بذلك يختزل غباء أو تجاهلا   الجهة التي تحاربه  ,  ومن يحاربه بشكل رئيسي هم السوريون  , وهم من نعرف اسمائهم  ونعرف أسماء قتلاهم  ونعرف مكان بيوتهم التي دمرتها القنابل  ,   ومنهم قتل مئات الألوف   وهم من احتضن  الغرباء  وسهل مهمتهم   , فالغريب المنبوذ  لايستطيع  أن يحارب دون غطاء داخلي , والغطاء  كان من فعل الشعب  .

ثم يقول الرئيس  على أن هدف الأغراب الاجرامي  هو تفتيت سوريا  واشعال نار الحرب الأهلية , وهنا  أصبح من المستحيل مواكبة الأسد في تفكيره   , اذ أن الأسد هو الذي  وعد الأكراد بدولة مستقلة لقاء  مساعدته في الحرب , والأسد هو  الذي  فتت البلاد  وقسمها   جغرافيا وبشريا ,  ذلك لأن تحاشي الحرب الأهلية  وتحاشي التفتيت هو أصلا   من أهم مهمات السلطة التي يرأسها , واذا حدث ذلك  يجب اعتبار السلطة  على أنها  المسبب للحرب الأهلية والمسبب للتفتيت ,  أيجهل السيد بشار الأسد مهمات الرئاسة  ؟

الأسد يسأل والأسد يجيب , سؤال :  كيف تمكنت  حتى الآن من الصمود؟  , والأسد يجيب : لأن الشعب معي , ثم  يسأل الأسد مجددا : كيف أقتل  شعبا يقف الى جانبي ؟ .

مسألة الصمود  هي مسألة  طرحها الأسد بشكلها المعكوس  , فهو يصف نفسه “بالصامد” , أليس من المنطقي  أيضا القول  على أن  المعارضة المسلحة , التي تحتل أكثر من نصف البلاد  أيضا صادمة منذ سنوات  , وهل استطاع الاسد لهذا اليوم أن  يبسط سلطته على كامل البلاد  , وبما أن  ظاهرة ” الصمود ”  بشكل عام  تعود الى الدعم الشعبي  , حسب نظرية الأسد الصحيحة ,  لذا فانه من المنطقي القول على أن  المعارضة المسلحة  مدعومة شعبيا  , والدعم الشعبي لهذه المعارضة  يفوق بشكل واضح الدعم  الشعبي للأسد  , والبرهان على ذلك  هو “صمود” المعارضة  المسلحة   رغم عدم حيازتها على   نوعيات الأسلحة التي يملكها الأسد  , كالطيران على سبيل المثال ,من هو ضعيف تقنيا  يجب أن  يكون قوى بشريا  لكي يصمد , اليس ماقيل منطقي ؟.

أخيرا  سأل الأسد: كيف أقتل  شعبا يقف الى  جانبي  ؟ وبهذا السؤال يطور الأسد  “جدلية الصمود”  الى نوع من الهذيان ,  فعندما  يتم  تقتيل مئات الألوف من الشعب  برصاص  الجيش   , وعندما يبلغ عددد  الذين اعتقلهم الأسد في السنين الثلاثة الأخيرة مليون انسان سوري  منهم  لحد الآن ٢١١٠٠٠  معتقل  في السجون  , ومنهم يتم قتل   العشرات يوميا تحت التعذيب  وأسمائهم معروفة  ,عندها  يجب القول  على أن الأسد يقتل الشعب ( تعبير مجازي  , فالأسد لم يقتل  ٢٣ مليون سوري), وهذا يعني  منطقيا  ان الشعب لايقف الى جانب الأسد ,  ولو وقف الشعب الى جانب الأسد  لما تم تقتيله من قبل الأسد , والخطأ في مقولة الأسد  يعود  الى الخطأ   في ادراكه  لفعلته,انفصامي   ومضطرب الادراك ,  وليس هو  أول مجنون يحكم بلاد ..هناك نيرون وهناك  هتلر  ثم هناك  احمدي نجاد  ولربما بوتين  والقذافي  وعيدي أمين  والقيصر بوكاسا  وجورج دبليو  وغيرهم , صحيح  ان الرأس فارغ  , الا أن هندامه لائق بدون أي شك  وهذا مايميزه عن  المهرج أبو قبوعة القذافي

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *