دعونا نفكر بكل هدوء بمضمون تصريحات السيد بشار الأسد التي ادلى بها في مقابلة مع صحيفة “جمهوريات ” التركية وذلك في يوم ٥-٧-٢٠١٢, قيمة هذه التصريحات لاتكمن فقط في مضمونها وانما بدلالاتها على طريقة تفكيرالسيد بشار الأسد , وقد أكد السيد بشار الأسدفي هذه المقابلة أمور عدة منها قوله على أن الاطاحة به ممكنة كما أطيح بشاه ايران , الا ان الفرق بينه وبين الشاه هو شعبيته ووقوف الأمة السورية الى جانبه .
صحيح على أنه من الصعب ومن غير الضروري الاطاحة برئيس يقف الشعب الى جانبه , ولكن أليس من المنطقي أن يسأل السيد بشار الأسد نفسه عن أسباب وقوف الشعب السوري الى جانبه , فالشعب يقف دائما الى جانب رئيس أو قائد قدم للشعبأ المتوقع أو أكثر من المتوقع , وهل من الصعب في هذه الحالة القول على أن بشار الأسد لم يقدم للشعب سوى المصائب , فتحت قيادته تم تدمير أكثر من ٧٠٪ من البنية التحتية في سوريا , ومن الترف البكاء على الحجر عندما يموت البشر , ومن البشر السوري مات مئات الألوف من المواطنين قتلا بالرصاص والبراميل والصواريخ والمدفعية والدبابات , منهم عشرات الألوف من الأطفال قسم منهم بالغازات السامة , ومن البديهي هنا أن يكون الرئيس المتمتع بصلاحيات لايعرفها رئيس آخر في هذا العالم مسؤولا عن ذلك , السلطة مسؤولة أولا وأخيرا عن أمن المواطن وليست جبهة النصرة أو داعش أو غيرها من الفئات الجهادية المجرمة , ولا لزوم هنا للتوسع في توصيف انجازات السيد بشار الأسد , ففي عهده امتلأت السجون وفي عهده يموت المساجين تعذيبا وفي عهده انفلت الفساد وانفاتت الطائفية , وأصبح الوطن على وشك التقسيم وحل الكره بين فئات الشعب ,وعن الحريات والديموقراطية فحدث ولا حرج , أما عن العدالة الاجتماعية فهنا الطامة الكبرى , وفي انعدام الشفافية احتلت سوريا المركز قبل الأخير عالميا , وعن الفقر اوالفاقة فهناك عشر ملايين جائع سوري , وهناك تسعة ملايين بين نازح ولاجئ وشلل الأطفال عاد الى البلاد المعزولة عالميا والمطرودة من المحافل الدولية , ناهيكم عن الملاحقات من قبل محكمة الجنايات الدولية وعن ..وعن .. والقائمة لاتعرف النهاية , الهذا يقف الشعب الى جانب السيد بشار الأسد ؟؟ انه يكذب ويصدق كذبه , أو انه منفصم تماما عن الواقع , انه يحلم !
وفي ذات المقابلة قال السيد بشار الاسد على أنه يتعرض الى هجوم من قبل متشددين اسلاميين أتو من الخارج , والرئيس هنا على حق , هناك من يحاربه من المتشددين الاسلاميين , الا أنه بذلك يختزل غباء أو تجاهلا الجهة التي تحاربه , ومن يحاربه بشكل رئيسي هم السوريون , وهم من نعرف اسمائهم ونعرف أسماء قتلاهم ونعرف مكان بيوتهم التي دمرتها القنابل , ومنهم قتل مئات الألوف وهم من احتضن الغرباء وسهل مهمتهم , فالغريب المنبوذ لايستطيع أن يحارب دون غطاء داخلي , والغطاء كان من فعل الشعب .
ثم يقول الرئيس على أن هدف الأغراب الاجرامي هو تفتيت سوريا واشعال نار الحرب الأهلية , وهنا أصبح من المستحيل مواكبة الأسد في تفكيره , اذ أن الأسد هو الذي وعد الأكراد بدولة مستقلة لقاء مساعدته في الحرب , والأسد هو الذي فتت البلاد وقسمها جغرافيا وبشريا , ذلك لأن تحاشي الحرب الأهلية وتحاشي التفتيت هو أصلا من أهم مهمات السلطة التي يرأسها , واذا حدث ذلك يجب اعتبار السلطة على أنها المسبب للحرب الأهلية والمسبب للتفتيت , أيجهل السيد بشار الأسد مهمات الرئاسة ؟
الأسد يسأل والأسد يجيب , سؤال : كيف تمكنت حتى الآن من الصمود؟ , والأسد يجيب : لأن الشعب معي , ثم يسأل الأسد مجددا : كيف أقتل شعبا يقف الى جانبي ؟ .
مسألة الصمود هي مسألة طرحها الأسد بشكلها المعكوس , فهو يصف نفسه “بالصامد” , أليس من المنطقي أيضا القول على أن المعارضة المسلحة , التي تحتل أكثر من نصف البلاد أيضا صادمة منذ سنوات , وهل استطاع الاسد لهذا اليوم أن يبسط سلطته على كامل البلاد , وبما أن ظاهرة ” الصمود ” بشكل عام تعود الى الدعم الشعبي , حسب نظرية الأسد الصحيحة , لذا فانه من المنطقي القول على أن المعارضة المسلحة مدعومة شعبيا , والدعم الشعبي لهذه المعارضة يفوق بشكل واضح الدعم الشعبي للأسد , والبرهان على ذلك هو “صمود” المعارضة المسلحة رغم عدم حيازتها على نوعيات الأسلحة التي يملكها الأسد , كالطيران على سبيل المثال ,من هو ضعيف تقنيا يجب أن يكون قوى بشريا لكي يصمد , اليس ماقيل منطقي ؟.
أخيرا سأل الأسد: كيف أقتل شعبا يقف الى جانبي ؟ وبهذا السؤال يطور الأسد “جدلية الصمود” الى نوع من الهذيان , فعندما يتم تقتيل مئات الألوف من الشعب برصاص الجيش , وعندما يبلغ عددد الذين اعتقلهم الأسد في السنين الثلاثة الأخيرة مليون انسان سوري منهم لحد الآن ٢١١٠٠٠ معتقل في السجون , ومنهم يتم قتل العشرات يوميا تحت التعذيب وأسمائهم معروفة ,عندها يجب القول على أن الأسد يقتل الشعب ( تعبير مجازي , فالأسد لم يقتل ٢٣ مليون سوري), وهذا يعني منطقيا ان الشعب لايقف الى جانب الأسد , ولو وقف الشعب الى جانب الأسد لما تم تقتيله من قبل الأسد , والخطأ في مقولة الأسد يعود الى الخطأ في ادراكه لفعلته,انفصامي ومضطرب الادراك , وليس هو أول مجنون يحكم بلاد ..هناك نيرون وهناك هتلر ثم هناك احمدي نجاد ولربما بوتين والقذافي وعيدي أمين والقيصر بوكاسا وجورج دبليو وغيرهم , صحيح ان الرأس فارغ , الا أن هندامه لائق بدون أي شك وهذا مايميزه عن المهرج أبو قبوعة القذافي