عبدو قطريب:
الاستحالة ظاهرة لها جوانب فقهية وقانونونية وحتى علمية , لست هنا في مجال بحث هذه الظاهرة من وجهة نظر الفقه أو العلم أو القانون , وانما من وجهة نظر عملية وبسيطة وواقعية ثم سياسية واجتماعية وعسكرية , والأمر هو موضوع السيد بشار الأسد ورئاسته والشعب السوري واستقطاباته التي أصبحت في السنين الأخيرة جلية وواضحة , فالرئيس العلوي أصبح علويا بالمعنى الطائفي لهذه الكلمة , والمهم هنا ليس موقفه الحقيقي , وانما ادراك الآخر السني لهذا الموقف , وليس من المهم أن يكون هذاالادراك صحيح موضوعيا , لأن الأمر شخصي , معظم الطائفة السنية تعتقد على ان الأسد علوي ويممارس وظيقته ليس كسوري وانما كعلوي , ومعظم الطائفة العلوية تعتقد حقيقة على ان الأسد يماري وظيفته كعلوي وليس كمواطن سوري , كل ذلك بغض النظر عن الحقيقة المطلقة , التي لا أهمية لها في الوضع الحالي .
بشار الأسد يشن كعلوي حرب ابادة ضد اعدائه من الطائفة السنية , التي تشاطره الوسيلة والهدف , اي انها تشن أيضا حرب ابادة ضد العلوي والعلويين والوسيلة لاتترفع عن شيئ اطلاقا ..الذبح والسحل وكل مايمكن للانسان المتحيون أن يمارسه , لافرق بين الفرقاء .
لو فرضنا على أن الأسد انتصر حربيا على اعدائه وهيمنت الطائفة العلوية عسكريا على الطائفة السنية , فهل يمكن للأسد أن يستمر ؟ , الجواب هنا بالنفي القطعي , لايمكن لحوالي١٠٪ من سكان البلاد أن يسيطروا على أكثر من ٧٠٪ من سكان البلاد بطرق القمع والهيمنة العسكرية , ولا فائدة من حسابات مفبكرة عن أن هناك ٤٠٪ من السكان مع الأسد , أي أن الطائفة العلوية ترى على أن المسيحي والكردي والدرزي ..الىخ يقفون الى جانب الأسد , لايمكن للمسيحي أن يقف الى جانب الأسد لأنه تضرر من الأسد وتحول الى مواطن من الدرجة الثالثة , والبرهان على ذلك هي هجرة المسيحيون في نصف القرن الماضي وتدني عددهم الى النصف , والأمر ينطبق على الكردي والدرزي وغيرهم ,وما يصرح به بعض من الأكراد أو المسيحيين كالمطران لوقا الخوري لاعلاقة له مع الواقع ,والموضوع بكامله ليس موضوع حب أو كره , وانما موضوع مصالح , اذهبوا الى طرطوس السنية والمسيحية أصلا , سترون انه لاوجود لسني أو مسيحي في الادارة , ماعدا بعض المناصب الرمزية عمليا لاوجود الا للعلوي , اذهبوا الى المناطق الكردية حيث سيكون ماسوف تجدونه مطابقا للوضع الطرطوسي للأسف .
في سياق هذا الادراك المستقطب سيكون من المستحيل أن يستمر الأسد , وحتى لو فكر بدولة علوية بعد هزيمة عسكرية , فسوف تكون هذه الدولة هدفا عسكريا لأكثرية الشعب السوري السنية , وسيكون الدفاع عن هذه الدولة مستحيل قطعا .
لم تقتدر الأكثرية التي تحارب الأسد لحد الآن من تحقيق نصر واضح عليه وعلى عسكر الطائفة العلوية , وهذا يعني على أن الحرب ستستمر الى ماشاء الشيطان ولن تتوقف عن طريق اتفاقية كالطائف وغير ذلك , ذلك لأن وضع الطوائف اللبنانية يختلف عن وضع الطوائف السورية , ففي لبنان ثلاثة طوائف متشابة تقريبا , لذا فان المحاصصة ممكنة نوعا ما , أما في سوريا فكيف ستكون حصة الطائفة العلوية من المناصب مقارنة مع الطائفة السنية ومع الأكراد ومع المسيحيين , فعدد الاكراد أكبر من عدد العلويين وعدد المسيحيين المسجلين في دوائر النفوس بما فيهم المغتربين الذين يحملون الجنسية السورية مواز لعدد العلويين تقريبا وكل ذلك بمواجهة ٧٠٪ من السكان السنة , أي أن الطائفة العلوية ستكتفي بالفتات , وهذا غير مقبول من أصحاب الامتيازات في الطائفة ,التحول من المهيمن على كل شيئ الى الفاقد لكل شيئ صعب , وسيحاول أصحاب الامتايزات من الطائفة دفع المزيد من الشباب للموت من أجل الحفاظ على الامتيازات وعلى الأسد حامي الامتيازات , والحرب التي ستستمر سيكون لها الباع الأكبر في الحاق أعظم الأضرار خاصة بالطائفة العلوية , وبالنهاية ولو طالت ستستسلم الطائفة اما الى العقلانية والوعي أو الى الأعداء من السنة .
الاستسلام الى الأعداء من السنة أمر كارثي , لأن هذا الاستسلام لايمنع حدوث عمليات ثأر , ولايمنع من وضع الطائفة تحت الهيمنة من قبل الطرف الآخر , لذا فان الاستسلام للتعقل والوعي هو من أشرف وأفضل الحلول.
مامعنى الاستلام للتعقل والوعي ؟ لايعني ذلك الا التفكير بعمق ومواطنية بالبلاد ومستقبلها , ولا يعني الا اعتبار المستقبل مع بقية الطوائف والفئات والتفاهم معهم , أفضل من المستقبل مع عائلة الأسد , التي لامستقبل لها ومعها , الأسد بائد في حين ان الشعب باق ولو قتل الأسد منه الملايين