بقلم:جورج بنا
مبدأ المصلحة يسيطر على معظم تصرفات الانسان , وخاصة التصرفات السياسية , وبهذا الخصوص نحن الآن أمام مشكلة تقييم مايحدث للأحياء المسيحية خاصة في دمشق , وبشكل عام لايجوز اخلاقيا اعتبار المسيحي مخلوقا أجدر بالحماية من غيره , كما أنه لايجوز اعتبار المسيحي “ضيف” على الشعب السوري وأهميته أو عدم أهميته هي كأهمية أو عدم أهمية الآخرين ,.
لما تطور النزاع السوري الى نزاع طائفي بحت, بقي مسيحيوا سوريا نسبيا بمعزلة عن الشكل العسكري لهذا النزاع , وسبب ذلك كون المسيحيون لايشكلون طائفة منغلقة ومتراصة ووحيدة الاتجاه كبعض الطوائف الأخرى , كالطائفة العلوية مثلا حيث تقف هذه الطائفة بنسبة ٩٠٪ أو أكثر وراء الأسد , ولست هنا في صدد شرح أسباب ذلك , وأظن على أن الأسباب معروفة عند معظم المواطنين, .
المسيحيين موزعين على مختلف الاتجاهات السياسية خاصة الأقدم من هذه الاتجاهات مثل الشيوعي أو السوري القومي أو البعثي ..الخ , ووقوف الميسحيون على الحياد حربيا أو بالأحرى عدم اشتراكهم في الحرب الأهلية مثل مشاركة الطائفة العلوية , التي فقدت لحد الآن أكثر من ٥٠٠٠٠ شاب لم يروق للأسد , الذي حاول عن طريق زبانيته تشجيع المسيحيين للمشاركة بالحرب , حيث نجح النظام مثلا في مرمريتا (بشر اليازجي) ونجح في استقطاب بعض رجال الكنيسة كالمطران لوقا الخوري والبطرك اللحام , الا أن الأساليب اللطيفة اللينة لم تجد كثيرا , حيث كان من الضروري استخدام أساليب أقسى نوعا ما … أساليب ” العتاب” مثلاالتي يراد منها تذكير المسيحيين بطفيليتهم ! , اذ يقال ..اننا نموت من أجلكم , ونحارب التطرف السني لأجل حمايتكم ..الخ , وهذاالأسلوب لم يكن مفيدا . المطلوب اسلوب آخر أكثر ضراوة وفائدة , لذا تكررت الأحداث بشكل آخر .. السلطة افتعلت قصة معلولا , والسلطة أفتعلت قصة صدد , والسلطة افتعلت ماحدث للكنائس في حمص (تهديم الكنائس حدث حصرا بفعل الطيران), ثم جاء دور وادي النصارى ..وكل ذلك لم يقود المسيحيين الى الانخراط في الحرب , والآن جاء دور الهاون حيث يتم قصف مناطق مسيحية من دمشق من جهة مجهولة ,و معظم الدلائل على ان السلطة الأسدية تقف وراء هذه الاعمال.
الدلائل هي أولا طبيعة النظام الماخيافيلية , حيث لايتورع النظام من القيام بأي شيئ يخدم بقائه , وثانيا وجود رغبة عند أهل السلطة بمشاركة مسيحية حربية , ذلك لأن أهل النظام يعتبرون المسيحيين مقصرين , وثالثا عدم وجود أي مصلحة للثورة , خاصة في شقها العسكري, للعداء مع المسيحيين , لأن العداء هو علوي – سني وليس سني -مسيحي , ورابعا وقوف معظم المسيحيين سياسيا ضد الأسد ,وأين هي مصلحة العسكر الطائفي المعارض في استفزاز المسيحيين ودفعهم للوقوف الى جانب الأسد ؟ ’ خامسا وجود الكثير من النازحين في مناطق مسيحية , وسادسا لماذا لايستهدف المسلحون مثلا ضاحية الأسد القريبة من حرستا ودوما , ولماذا لايستهدف العسكر المعارض بنفس القسوة حي الورور أو المزة ٨٦ ؟, حيث تجمعات الشبيحة , سابعا هذا القذف يساعد ازلام السلطة من رجال الدين المسيحي , كالمطران لوقا الخوري والبطرك اللحام , وذلك لتبرير تحريضهم ضد السنة , وبالأخص ضد الثورة .
لافائدة من التلفيق ولا فائدةمن التحريض , ولا أظن على أن هذه الأساليب ستدفع الكثير من المسيحيين للمشاركة في الحرب , حمل السلاح وقتل الآخر ليس ضرورة , وانما قابيلية , فهناك من يطلق النار على الآخر لأنه يتلذذ بالقتل , ولو لم يتلذذ النظام الأسدي بالقتل والقهر لما حدث ماحدث , والبرهان على ذلك سياسة النظام منذ وجد , فبعد ١٩٦٣ قام النظام بالعديد من الخطوات , التي يمكن وصفها بالخطوات ” الانتقامية السادية ” , لم يكن هناك مبررا لحالة الطوارئ التي دامت أربعة عقود ثم ألغيت نظريا بعد الأحداث عام ٢٠١١ , وضرورة حالة الطوارئ هي بعد الغائها, كما انه لاضرورة للمنع والقمع ولا ضرورة لوضع رجل مخابرات على كل مئة من أفراد الشعب السوري , انه عصاب “الأمن ” وعصاب” الخوف” الذي أصاب السلطة وأمرضها بشكل مزمن .
فمصلحة المسيحيين في سوريا لاتفترق عن مصلحة الآخرين , انها الحرية والديموقراطية وااشفافية والعدالة الاجتماعية , لافائدة للطائفية عند المسيحيين , ولا مصلحة لهم بالتقتيل ولا بالاشتراك في الحرب الأهلية , وخاصة لامصلحة لهم بالأسدية اطلاقا , والأسدية هي التي ارغمتهم على الهجرة في الخمسين سنة الأخيرة , كما أنه لامصلحة لمن يريد ازالة النظام في العداء مع المسيحيين , المسيحي المتنور هو كغيره من المتنورين معارض للأسد ولا يريد الا رحيله