الرب معكم…
يجب أن نقول بأن ما حصل في صدد في الاسبوع الذي كانت به رهينة كان صعباً وقاسياً على جميعنا، وخاصة على أهالي الشهداء وأقربائهم وعلى من خسر بيته أو …مصدر رزقه… خبر المجزرة التي ذهب ضحيتها 6 أشخاص من عائلتي دروج والشيخ الكريمتين زلزلنا جميعاً وتألمنا كثيراً من أجل الدكتور سركيس دروج…
صلينا اليوم من أجل راحة نفوسهم وكي يرحمهم الله. ولكن بالوقت نفسه يجب أن نذكر أن ما نتج عن ال 8 أيام كان معجزة بكل المقاييس…
لقد تذكر الله صدد وترأف بها وخفف من مأساتها بالقدر الذي يجب أن يذكر الناس بأنهم ضعفاء أمام الشدة…
عندما كنا نرى على شاشة التلفاز الدمار والخسائر المادية والبشرية التي كانت تكابدها مناطق متنوعة من سورية، كان قد دخل إليها المسلحون وعاثوا بها فساداً، كان شعر رؤوسنا يقف ونتعجب من هول المنظر… أما في صدد فالحمد لله الأضرار البشرية والمادية محدودة ويمكن استيعابها بقليل من الصبر والأمل بالله…
ومباشرة بعد التحرير بدأت معونات المنظمات الإنسانية بالقدوم إلى الأهالي… حتى الطقس ساعد أهل صدد وأبطال الجيش فمازال نهارنا دافئاً وليلنا بارداً قليلاً…
توجد أمور كثيرة يمكن أن نذكرها وتبشر بالخير في الأيام القادمة…
على فكرة…
تتناول بعض المواقع الالكترونية خبر اكتشاف مقابر جماعية في صدد… هذا الأمر عار تماماً عن الصحة… استشهد من أهالي صدد من يوم بدء الأزمة الأخيرة حتى هذا اليوم 39 شهيداً، معروفون بالاسم والمفقود الوحيد هو سعدو الخوري (الهزيمة)…
وفي صباح يوم التحرير (الاثنين الماضي) قمنا بعمل خندقين في أول القرية من الجهة الشمالية ودفنا فيهما موتانا بعد الصلاة عليهم لصعوبة الوصول إلى المدفن الرئيسي الموجود شرق القرية على طريق مهين….
هذان الخندقان صورتهم بعض الجهات على أنهما مقابر جماعية وهذا الأمر مغلوط وغير صحيح بتاتاً. نشكر الله على كل حال وخاصة من أجل ما لم يحصل في صددنا
الربان بطرس قسيس
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
الكلمة التي ارتجلها نيافة المطران سلوانس أثناء تشييع شهداء المجزرة التي تمت في صدد من عائلتي ال الشيخ و آل دروج الذين تم قتلهم ورميهم في البئر بتاريخ 26 -10 -2013 هم :
– مريم ناصيف الشيخ (أم شحادة) 90 عاماً. جدة الاولاد ووالدة سركيس دروج
– الزوج مطانس سليمان الشيخ (أبو وجيه) 85 عاماً.
– الزوجة حبسه ناصيف الشيخ (ام وجيه) 75 عاماً.
– ابنتهم نجلا مطانس الشيخ ( أم فادي) 45 عاماً. زوجة سركيس دروج
– حفيدهم الشاب فادي سركيس دروج 16 عاماً. طالب صف حادي عشر
– حفيدتهم الشابة رنيم سركيس دروج 18 عاماً.طالبة سنة اولى جامعة
– تم تشييع جثامينهم الطاهرة في صدد بتاريخ 4-11-2013 ودفنهم في البلدة
ها أنا أرسلكم مثل الخراف بين الذئاب فكونوا حكماء كالحياة و ودعاء كالحمام (متى 10: 18)
حملان وديعة طاهرة…… وقلوب نقية صافية…… وعقول بريئة لا تعرف الكره والحقد والنميمة…. ودعاء …..مساكين……. سيقوا للذبح ليُقتلوا بأبشع وسائل القتل ويرمون في بئر ماء مطلقين الرصاص عليهم …. اعدام ….
نعم إنها مجزرة المجازر…… وجريمة الجرائم……. وأبشع المصائب …… وأقسى المصاعب …..لم يمر على تاريخ صدد مثلها مرارة وقساوة ….. جعلتنا نقف صامتين مذهلين…. محيرين …. جريمة جمدت أفكارنا وهزت أعصابنا وأدمت قلوبنا …… وفي جعبة كل واحد منا الأسئلة كثيرة …..لم نجد لها جواب ولا تحليل ولا مبرر ….. وقد نستنتج لكن لا يمكننا أن نعبر ….. والأسئلة التي تطرح …. لماذا قتلت هذه العائلة المباركة ؟ لماذا بهذه الطريقة البشعة؟ لماذا ربطتموهم وقتلتموهم ورميتموهم في البئر؟….. أهل تلقيتم منهم تهديداً ،…….ام وجدت في أيديهم الأسلحة …..هل قاوموكم أو تكلموا معكم كلاماً بذيئاً ؟ أم وجدت فيهم ميولاً مخالفاً لميولكم؟
أتعرفون أيها الخونة المجرمون من قتلتم بأيديكم الآثمة الدنسة الحقيرة ؟
قتلتم البراءة والوداعة والبسمة والأمل … في وجه فادي ورنيم الحبيبين الغاليين الذين حملا وداعة يسوع في قلوبهم الطاهرة……. قتلتم أولادي وأولاد كنيستي الغالية أم الزنار الذين تربوا فيها على القيم والتهذيب ……. قتلتم قادي الطموح بالعلم والمعرفة ……. ورنيم العروس الطاهرة النقية التي لم تكتمل فرحتها بنجاحها……. قتلتموهم أمام أعين جدهم وجدتهم وأمهم الغالية نجلا أم فادي الأم المثالية التي عرفناها زوجة مخلصة ووفية ربت أولادها تربية صالحة وكانت عضوه في أخويات الكنيسة وفي كورال الكنيسة ولم يعرف لسانها إلا التراتيل والصلوات ولم تعرف إلا التسبيح للعزة الإلهية والحب لكل الناس وتأدية الواجبات لهم.
قتلتم زوجين مثاليين في المحبة والإخلاص والوفاء كانا مثالاً للأسرة المسيحية الصالحة يسيران كلاهما أمام الرب وفق شريعته الإلهية، نعم أبو وجيه وأم وجيه زوجين ربيا عائلة من سبعة أنفس، أنهكا أجسادهما النحيلة ليقدما لأولادهم ما يستطيعون من حب وعلم وأخلاق ، أبو وجيه الذي خدم الوطن بإخلاص وأمانة وأعطى من ذاته مثالاً صالحاً في العمل الجدي فكان هادئاً و طاهر الفكر وصاف النية وزوجته أم وجيه الأم المثالية الطيبة البريئة .
قتلتم جارتي العزيزة والغالية الشيخة العجوز المسكينة القلب أم شحادة التي ربما ارهبتكم عكازها الخشبية الضعيفة وهي في سن التسعين.
ايها المجرمون كيف طاوعكم قلبكم القاسي ان تقتلوا الواحد امام الاخر …. اه ما اقساه من شعور ولحظات مرة وقاسية….. والواحد فيكم ايها الابرار يذبح امام الاخر ولا مهرب منه ولا من معين ……. كم صلاة رفعتم ….. وكم قديس ناديتم …. وكم حبيب ورفيق ناشدتم …. ولا من مستجيب …. فرفعتم قربانا طاهرا الى السماء ….. تحملون عطر اعمالكم لتكونوا قديسون في السماء……
قتلتم حملان الرب يسوع المسيح الذي تلقى الجلدات القاسية والصلب حتى الموت دون ذنب فتمثلوا به وهو الحمل البريء من كل عيب .
نعم قتلتم قلب سركيس المسكين الذي ازداد يتماً وفقراً وألماً وحزنا فخسارته فادحة ومصابه جلل …. انها نجلا زوجته الحبيبة ورفيقة عمره …. وفادي ورنيم أملا حياته وأنشودة عمره ، قتلتم والدته الحبيبة التي أرضعته لبان التقوى ومخافة الله،…… قتلتم الذين كانوا بمثابة أهل له وهو ابن لهم حموه وحماته، فمصيبة سركيس كبيرة لا تحتمل وجرحه عميق لقد خسر كل شيء وأغلى شيء وأثمن ما في الدنيا…..
الله يصبرك يا سركيس ويكون معك ويقويك لحمل هذا المصاب .
وا حسرتاه يا أحبائي ماذا حل بنا، كل المصائب صعبة وتحتمل ولكن هذه المصيبة ما أقساها، لو قتلوهم في بيوتهم لقلنا مثلهم مثل الضحايا التي وجدت في البيوت، لو أن البيت قد هبط فوقهم لقلنا مثلهم مثل عائلتي آل عصفور التي فقدت الابن والزوجة والجدة …..أو آل الشيخ الاربعة …. ولو…. ولو… ولكن هذه الطريقة الدنيئة فاقت كل المصائب ……إنها أكبر مجزرة في تاريخ المسيحية المعاصر ، وفي تاريخ في صدد لذلك يجب أن نسكت عليها وأن نطالب بإدانة الجناة وان تصل هذه القضية الى يد العدالة والمنظمات الانسانية والعالمية
. أهل ما حدث في صدد وهذه المجزرة هي رسالة للمسيحيين ليتهجروا ويحققوا مأرب ألمتآمرين نقول لهم خسئتم سنبقى هنا صامدون هذه صدد بلدتنا الحبيبة الغالية .
اهل هي رسالة للسريان كي تطردوهم وهم أهلكم وأبناء جلدتكم الذين لعبوا دوراً حضارياً ورائداً في بلادكم.
أم تريدون أن تخلقوا فتنة طائفية مع من حولنا ونحن كنا معهم مسالمون ومتعاونون.
نعم أيها الأحباء :
لن يواسي قلوبنا الجريحة وألمنا الشديد إلا ذلك المعزي الذي قال تعالوا الي ايها المتعبون والثقلي الاحمال وانا اريحكم ….فألان يالهي تعال وخفف من مصابنا وبلسم جراحنا نحتاج اليك يا يسوع لتنشلنا انتشلنا من وادي الدموع، كفانا بكاء ونحيب وعويل، كفانا حزناً وكآبة وأعطنا الأمل والرجاء والتعزية قلوبنا مفجوعة على وطننا وعلى أهلنا وعلى شعبنا وعلى بلدتنا الحبيبة صدد التي حافظت على الإيمان بك واتكلت عليك .
صدد تتضرع إليك يارب بشفاعة أمنا العذراء مريم والثلاث عشر قديس شفيعا فيها مع شهدائنا الأبرار أن ترحمنا وتخفف علينا هذه المحنة لأننا لم نعد نقدر على احتمالها .
عزينا يا رب واجعلنا راسخين في محبتك كن معنا إلى النهاية كن يا رب مع عبدك سركيس الذي يتضرع إليك ونحن معه أن تفتح لهم أبواب الجنة لأنهم عاشوا لك ومعك طوال أيام حياتهم، فأجعلهم عن يمينك في ملكوتك وعزي قلبه الكئيب وقلب أولاد أل الشيخ وأل سركيس ودروج وكل القلوب الحزينة التي ترفع إليك ابتهالات ودعاء بدموع أن تعطي لوطننا الأمان والسلام والاستقرار ولشعبنا القوة والعزيمة …
وأنتم يا اخوتي الشهداء الأبرار ستبقون ملحاً صالحا للأرض…. ونورا مشعا في ظلمة العالم وطيشه وبطشه …. ستبقون أحياء خالدون في قلوبنا وذاكرتنا وتاريخنا ولئن أقول سننتقم لكم لأن الرب يقول لي النقمة والله سيجازي ويأخذ بحقكم أنتم أيها الابرار الصالحون … يا نجوم السماء وكواكبها المنيرة، صلوا لأجلنا واطلبوا لأجلنا فقلوبكم الطاهرة سيسمعها الله ويستجيب لها.
طوباكم لأنكم رويتم تربة صدد ومياهها بدمائكم الزكية لتزداد خضارة وعذوبة.
طوبى لكم أيها الشهداء يا من قدمتم أجسادكم الطاهرة قرباناً من أجل إيمانكم وعقيدتكم ووطنيتكم .
أـخيرا طوبى لكم إذا عيروكم واضطهدوكم وقالوا عليكم كل سوء من أحلي كاذبين افرحوا وتهللوا وابتهجوا فإن أجركم عظيم في السموات.رحمكم الله رحمة واسعة ورحم جميع الشهداء والموتى المؤمنين امين
حمص 4-11-2013
– رحمهم الله
– مريم ناصيف الشيخ (أم شحادة) 90 عاماً.
– مطانس سليمان الشيخ (أبو وجيه) 85 عاماً.
– حبسه ناصيف الشيخ (ام وجيه) 75 عاماً.
– نجلا مطانس الشيخ ( أم فادي) 45 عاماً.
– الشاب فادي سركيس دروج 16 عاماً.
– الشابة رنيم سركيس دروج 18 عاماً.