معاذ الخطيب أطلق مبادرة شبه ارتجالية , المبادرة تخص الحوار وقبوله وشروطه , ومن شروط الخطيب كان الافراج عن اكثر من مئة ألف من المعتقليلات والمعتقلين , ثم تنظيم أمور جوازات سفر للمغتربين , وقد عدل الخطيب من الشرط الأول حيث قال يجب أولا اطلاق سراح المعتقلات من السجون السورية .
لم تشعر الحكومة السورية حتى بضرورة الرد على مبادرة الخطيب , وذلك انطلاقا من تراثها الذي لايتغير , والذي يتجلى بعدم ادراك غريزي لمايسمى معارضة , ثم التحصن وراء ادراك غريزي آخر وهو مرتبة وقيمة البندقية في كل تداول , البندقيةوالرصاص هم اساس ومنطلق كل موقف , ثم غريزية عدم ادراك أي وجود للآخر , ذلك لأن الفضاء السياسي مليئ بالأحد الواحد الأسد والى الأبد وبصوره وشعاراته واعلان شبيحته عزمهم على شرب الدم , ويشاركه في ملئ الفضاء طبعا أفراد العائلة من الأب الى الأخ الى الابن , واعضاء الحلف او المحور المذهبي من نصر الله الى نجاد وقريبا سيجلس المالكي مع الثلاثة ليكونوا مجلس الأربعىة .
القول على أن السلطة لم ترتكس لمبادرة الخطيب فيه اجحاف بحق السلطة, لأنه بالواقع كان هناك ارتكاس , ليس من السلطة الرسمية , وانما من “مافوق “السلطة الغير رسمي , فالسلطة تجلس على رقبة الشعب , وعلى رقبة السلطة يجلس واحد أحد هو رامي مخلوف , ملاك , ومجاهد ,ورجل بر واحسان, رجل مال وأعمال , مناضل بالغالي والرخيص من مسروقاته , فالرفيق رامي همس في أذن جريدة الوطن , التي هي لسانه , همسة , وفهم اللبيب من الاشارة , اذ قال الناطق باسم الملاك والمتملك , على أن الخطيب تأخر سنتين تقريبا في مبادرته , لذا فانها مبادرة غير مناسبة في وقت غير مناسب , .
تحدثت الغراء “الوطن” بشكل جانبي عن الأوليات , وقالت على أن سجن 160 ألف مواطن أو اطلاق سراح 160 ألف مواطن , ثم موضوع الجوازات ليس هو المهم في الحياة السورية , المهم هو القتال ضد الارهاب , وماقصدته الجريدة الغراء بالارهاب هو كل حركة تريد زعزعة كرسي الأسد , وبناء عليه يجب على الشعب محاربة المعارضة بأشكالها المختلفة , هناك معارضة عسكرية ميدانية , وهناك معارضة أخرى , كنت أظن على أنها سلمية , حتى نورني اعلام السلطة بحديثه المتكرر عن “عصابات حسن عبد العظيم , وعصابات لؤي حسين , أو عصابات ياسين الحاج صالح , ثم عصابات ميشيل كيلو , وغيرهم , أي ان كل معارض للأسد هو ارهابي , وعلينا , كما أقترح ذو العقل المقروح بسام القاضي أن نقطع ألسنة هؤلاء وبعد ذلك نشنقهم , وأخيرا نرقص الدبكة على جثثهم , والقدوة في هذه السلسلة من الاجراءات كانت الشاعر القرداحي حسن الخير , الذي أطال لسانه , فما كان من رجال المحافظة على النظام الا اعتقاله , ثم سجنه وقطع لسانه ثم شنقه والرقص على جثته , وأخيرا تذويبه , وعائلته تنتظر لحد الآن اعادة تركيبه , الا أنه لاتركيب بعد التذويب للأسف .
لقد رفض رامي مخلوف المبادرة رفضا قاطعا , والسلطة التي يمتطيها مخلوف اجابت بشكل رمزي , ورمزية الرفض تجلت باحراق بيت معاذ الخطيب في دمشق , واحراق بيوت الارهابيين أمر مألوف في سوريا الأسد , كما أن تفجير بيوت الارهابيين في فلسطين أمر مألوف أيضا , المهم كما تفضلت جريدة “الوطن” وقالت :الحرب على الارهاب !, وحسب علمي فان الأعظمية الساحقة للفلسطينيين تعارض اسرائيل , والأعطمية الساحقة للشعب السوري تعارض “تأسد” سوريا , اذن فلتذهب هذه الشعوب الى جهنم وبئس المصير !.
لا اريد في هذه المناسبة طرح اسئلة تعكر المزاج الوطني عند الأسد , منها مثلا سؤال عن كيفية وجود هذا الكم الهائل من الارهابيين في سوريا ..160 الف ارهابي !ماعداالفلتانين منهم والقتلى , حيث تمكنت كتائب المحافظة على النظام من قتل مئات الألوف منهم في العامين الماضيين , والحبل على الجرار , والعجب هنا أيضا من وصف الأمة السورية من قبل الرئيس بشار الأسد , بأنها أمة عظيمة , وهل عظمة شعب تتجلى في ارهابه ؟