جماعة القبيسيات السوريات 1/2,

حاولت دراستهم باامانه وتجرد، بقدر الإمكان، حتى أصل إلى حقيقتهم وهذا أفضل ما وجدت قد كتب عنهم بموضوعيه وأنصفهم والله أعلم (المعلومات لا تتناقض مع تجربتي الشخصيه معهم هداهم الله وهدانا جميعا إلى الحق و إلى معرفه الفئه الوحيده الصحيحه من al-73 التي أخبرنا بها رسولنا الكريم (صلى الله عليه و سلم) :
http://www.ibnamin.com/rad_qubaisi.htm
فتوى منصفة تفصيلية حول جماعة القبيسيات
بسم الله الرحمان الرحيم

جماعة القبيسيات بدأتها داعية مخلصة اسمها منيرة قبيسي، وهي خريجة من كلية العلوم ثم من كلية الشريعة في جامعة دمشق. وبدأت تدعو النساء للالتزام بالحجاب الشرعي وإلى الالتزام بفرائض الإسلام، في وقت كان السفور منتشراً جداً. وانتشرت الدعوة بشكل بطيء للغاية في البداية.

لكن الانتشار لهذه الجماعة حدث في نهاية الثمانينات من القرن العشرين، حيث تعرضت جماعة الإخوان المسلمين للاستئصال الكامل في سوريا، مما أدى إلى إيقاف أي نشاط دعوي في سوريا. وبقيت هذه الجماعة يشفع لها قليلا كونها جماعة نسائية، وكونها تسير بعيداً عن السياسة وبدون جهر. وانتشرت الجماعة إلى دول أخرى خارج سوريا مثل الكويت والأردن ولبنان. وفي لبنان برزت سحر حلبي فصرن يعرفن فيما بعد باسم السحريات، وبالطباعيات في الأردن وذلك نسبة إلى فتاة دمشقية الأصل تدعى فادية الطباع. وهذه التسميات (القبيسيات والسحريات …إلخ) ما هي إلا من اختراع أعدائهن فهن لم يسموا أنفسهن بأي اسم. أي كما أن الوهابية لا يسمون أنفسهم بهذا الاسم وإنما هي تسمية أعدائهم.

عموماً فهذه الحركة حققت نجاحاً كبيرا في مجال الدعوة الإسلامية. وانتشرت إلى بلدان كثيرة جداً مثل الخليج واليمن وأوربا وأميركا وأستراليا وغير ذلك. وقامت بنشاط كبير في بناء مدارس إسلامية للأطفال (على مستوى عال جداًَ بعد دراسة أحدث نظم التربية العالمية) وفي إقامة منظمات خيرية لمساعدة الفقراء وفي تزويج شباب المسلمين. كما أن أساليب الدعوة متنوعة جداً، مثل “مخيمات” صيفية وغير ذلك. ولها منهج موحَّد في الدراسة وهو مجموعة معينة من المواد تدرس من كتب غالبها من تأليف الجماعة نفسها. فكتاب العقيدة المعتمد هو: “عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة” تأليف سعاد ميبر. ويعتنين بحفظ القرآن كثيراً وبتلاوته خاصة بقراءة حفص عن عاصم. وقد ألفت الجماعة كتاب “المفيد في علم التجويد”. وأكثر أسانيدهن في القراءة ترجع إلى الشيخ أبي الحسن الكردي. وهناك كتاب “مختصر الجامع في السيرة النبوية” لسميرة زايد. ولهن كتب أخرى في مجالات مثل إحصائيات ودراسات عن العالم الإسلامي (وهو كتاب قيم). وهناك أربع كتب لفقه العبادات (فقط) على المذاهب الفقهية الأربع. وهذه الكتب هي:

فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجّة درية العيطة

فقه العبادات على المذهب الحنفي تأليف الحاجة نجاح الحلبي

فقه العبادات على المذهب الحنبلي تأليف الحاجّة سعاد زرزور

فقه العبادات على المذهب المالكي تأليف الحاجّة كوكب عبيد

مع التنبيه على أن استعمال لفظ “حاجة” أو “حاج” هي بدعة قبيحة، وذكري لما هو مطبوع على الكتاب لا يعني إقرار ما فيه. هذا وكتب الفقه المذكورة تمشي على نهج المتأخرين، وكنت أتمنى لو تم اعتماد كتب مشهورة بدلاً من تأليف كتب جديدة، وأظن الكتاب المشهور الوحيد الذي يدرسن به هو رياض الصالحين للإمام النووي. ويتم في العادة تدريس كتاب فقه واحد حسب المنطقة. ففي دمشق ولبنان يتم تدريس الفقه الشافعي. وفي حلب يتم تدريس الفقه الحنفي. وفي السعودية الفقه الحنبلي. و بعضهن يدرسن المذاهب الأربعة كلها. فالحركة غير متعصبة لمذهب معين لكنها تطلب من أعضائها على الأقل الإلمام بمذهب واحد في فقه العبادات. ولا يخفى أن العامي لا يملك أداة الاجتهاد، ويحتاج للتقليد.

وبالرغم من فضائل هذه الجماعة، فإن لها مساوئ كذلك وعثرات. منها الضعف العلمي العام، حيث التركيز على دعوة وهداية النساء الغير ملتزمات، وإيصالهن للحد الأدنى أو الأوسط في العلم. لكن لا منهاج لدراسة العلم بشكل أوسع، فيقمن بدخول كلية الشريعة. وهذا معناه غياب المرجعية الفقهية في الجماعة، حيث أنها جماعة دعوية بحتة لا تتكلم بتاتاً في السياسة. فهي حركة تشبه حركة تبليغ كثيراً، حيث الاهتمام بالأخلاق والدعوة والالتزام بالعبادات، دون وجود تركيز على العقيدة. وينطبق عليها أكثر ما يقال عن حركة تبليغ من مدح أو ذم.

والقبيسيات لهن انتقادات كثيرة على الصوفية وبالذات على النقشبندية. أما المزاعم بارتباط الجماعة بالصوفية وبمفتي سوريا الضال أحمد كفتارو (من أهم زعماء الطريقة النقشبندية) فمحض افتراء. بل تُمنع عضوات تلك الجماعة بشدة من حضور دروسه ولا تجيز الصلاة في مسجده “أبو النور”! والتي تفعل، تفصل من الجماعة. وكتبهن تنص على تحريم السحر والاستغاثة بغير الله وبناء المساجد على القبور، وعدت هذه الأمور من الشركيات المحرَّمة. لكن عندها احترام وتأثر بالدكتور الضال البوطي. وهناك فرق كبير (وتنافر في عدة حالات) بين تيار كفتارو (صوفي تقليدي) وبين التيار الذي يقوده البوطي والزحيلي والنابلسي وأمثالهم. وهو تيار ليس سلفياً ولا صوفياً خالصاً، وإنما خليط غير متجانس بين عدة تيارات. وجماعة القبيسيات متأثرة كذلك بالدكتور الزحيلي الذي يعتبر فقيهاً أكثر من مفكر أو فيلسوف (كما هي حال البوطي).

ولذلك تجد سعاد ميبر تصف الإمام ابن تيمية بأنه شيخ الإسلام، ومن العلماء الأعلام الذين يدفعون شبه المبطلين، وأنه داع إلى العمل بكتاب الله و سنة رسوله، وأنه الذي وضع أسس النقد المنهجي. وتجد تأثيرات سلفية في كتبهن مثل قول سعاد (ص408): «إن النبي حارب تعليق التمائم و الودع و غيرها مما يزعم الناس أثره الخفي في العافية و الشفاء كما مرّ معنا في الحديث عن الأمور التي تنافي التوحيد». وتقول سعاد ميبر (ص144): «فلا يجوز لإنسان أن يستغيث بغير الله تعالى». ثم تقول: «و على هذا فإن الاستغاثة لا تكون إلا بالله تعالى». ثم تقول «و أما الاستغاثة الممنوعة فهي الاستغاثة بالأصنام و الأموات و الجن لأمثالهم، لأن هذا نوع من الشرك، و بسببه ضل كثير من الناس و انحرفوا عن التوحيد الصحيح». و تقول (ص147): «و لا تجوز الاستعاذة إلا بالله». وتقول سعاد في (ص14): «وأما الاستعانة الممنوعة فهي: طلب النفع بأشياء لم يجعلها الله سببًا ظاهرًا له. كأن يمرض شخص فيستعين على شفائه باللجوء إلى ساحر أو دجال بدل الطبيب ليعمل على شفائه بلا علم ولا قانون بل بقوى غيبية يزعم الاتصال بها، أو يلجأ إلى قبر أحد الصالحين ويطلب منه الشفاء وهو لا يملك تحريك لسانه بالدعاء له ولا يقدر من عند نفسه على الشفاء».

وكتاب “عقيدة التوحيد” فيه التصريح بتفضيل طريقة السلف في مسائل الصفات على طريقة الأشاعرة المؤوّلة. لكن المؤلّفة قد غلطت تبعاً لغلط الشيخ سيد سابق (وكتابها متأثر بوضوح بكتابه)، فمزجت بين تفويض المعنى وتفويض الكيفية، وأتت بكلام يقبل الوجهين. إلا أنها ناقشت بعض أدلة الأشاعرة ونقضتها. كما تحدث كتابها على انحراف الفرق الأخرى أيضا (المعتزلة، القاديانية، البهائية، وغيرها). والكتاب يذكر بصراحة أن السحر والتمائم شرك مخرج من الإسلام. ويذكر الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة على وجوب قتل الساحر والساحرة!

واليوم يوجد في دمشق وحدها (مقر الجماعة) نحو 40 مدرسة تابعة للشيخة منيرة القبيسي (75 سنة) من أصل نحو 80 مدرسة تنتشر في جميع الأحياء الدمشقية، تدور في فلكها أكثر من 75 ألف امرأة ومربية لآلاف الأُسَر (تقدير عام 2006). وتشير التقديرات إلى أن “حلقات” الجماعة تضم نحو 25 ألف امرأة وفتاة في دمشق وضواحيها. وهذا يجعلها كبرى الجماعات الإسلامية في سوريا. يقول البوطي عن نجاح هذه الدعوة: «وقد كتب لهذا العمل النجاح لأسباب متعددة منها: الابتعاد عن التيارات السياسية، والابتعاد عن المناطق والمحاور الخلافية، والتركيز على جذع الوحدة الإسلامية، والتركيز على الجانب الروحي في الإسلام مع عدم إهمال الجانب العلمي·
ولعل إخفاق بعض الأنشطة الإسلامية يعود إلى التركيز على أحد الجانبين وإهمال الآخر، وعمل الأخوات يجمع بين كفتي الدعامة العلمية والدعامة الروحية».

تمتاز جماعة القبيسيات مقارنة بالجماعات الأخرى المنافسة (كالتيارات السلفية والطرق الصوفية) بأنها أكثر تنظيماً من كل منافسيها، وأنجح في التعامل مع النساء من الناحية النفسية. إنهن قادرات على اختراق المجتمع المثقف بامتياز. قمن بافتتاح مدرسة للبنات في عمان، تعد من أنجح المدارس في الأردن. في بعض المدارس الإسلامية الأخرى تتأفف الأخت إذا طلب إليها أن تقوم بعمل إضافي أو فوق الدوام، بينما معلمات المدرسة الطباعية يقمن بمسح الأرض في المدرسة وتكنيس الصفوف، دون النظر إلى راتب شهري أو اعتبار شخصي. وقد استغرب أحد المشايخ من أن أحد السلفيين المعارضين للجماعة قد سجل أولاده في مدرستهم. فسأله: كيف سجلت أولادك عند من تعتقد أنهم صوفية؟ ولماذا لا تدخلهم مدرسة سلفية؟ فأجاب: وهل يستطيع السلفيون تنظيم مدرسة؟! ثم أجاب بأن تلك المدرسة هي الأفضل من باقي المدارس الإسلامية.

أشد الانتقادات لهذه الجماعة تأتي من طرفين نقيضين: السلفيين والأحباش. فالأحباش يتهمونهن بأنهن جماعة وهابية. فيقول عنهم أحد الأحباش: «وقطعـًا لسن من الصوفية، والمشهور أنهن يتبعن التنظيم النسائي لحزب الإخوان». راجع تفاصيل ذلك في كتاب “دراسة شاملة عن التنظيم النسائي السرّي الخطير لمنيرة قبيسي وأميرة جبريل وسحر حلبي وفادية الطباع وسعاد ميبر” تأليف الحبشي أسامة السيد. وفي المقابل نجد السلفيون يتهمونهن بالتصوف. وابتدأ هذا الخلاف عام 1990 في الكويت بتحريض قبيسية سابقة (أم فهد) تمكنت من إثارة الفتنة باستغلال النقمة الكويتية ضد الفلسطينيين آنذاك، وشرعت بهجوم عنيف عبر الصحف ضد الجماعة، مستغلة أن المسئولة عن الجماعة كانت فلسطينية.

وتعرف تلك الجماعة في الكويت تحت اسم جمعية بيادر السلام. وهي جمعية نسائية خيرية ولها جهود كبيرة في تحفيظ القرآن والسنة وتدريس العلوم الشرعية وإقامة الأسواق الخيرية ومد يد العون للفقراء والمحتاجين. وتعتبر أشهر جمعية نسائية في الكويت. ولها اتصال مع بعض اللجان الأخرى، لاسيما اللجان المنبثقة عن جمعية الإصلاح الاجتماعي. وقد نشرت جريدة السياسة اليومية -وهي من أسوأ حمالات الحطب في الكويت- تقريرا مذهلا في سنة 1993 م تقريباً عن حقيقة جمعية بيادر السلام وأنها تنظيم صوفي سري خطير، وأنه يرجع في قراراته إلى امرأة فلسطينية تزور الكويت بين الفينة والأخرى.

ثم تولت الطائفة الجامية الخبيثة كبر هذه الفتنة. ووصل الأمر إلى تكفير القبيسيات واستصدار فتوى بذلك. فتوى (#16011) تاريخ: 18/5/1414هـ: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من مستفتي من الكويت والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (11-16) وتاريخ (18/5/1414) وقد سأل المستفتي سؤلا هذا نصه: “بشأن جماعة من النساء في الكويت يقمن بنشر الدعوة الصوفية على الطريقة النقشبندية، وهن يعملن تحت إطار رسمي -جمعية نسائية-، ولكنهن يمارسن هذه الدعوة في الخفاء ويظهرن ما لا يبطن. وقد حصل أن اطلعنا على كتاباتهن وبعض كتبهن واعتراف بعضهن ممن كن في هذا التنظيم. وذلك يتمثل بعضه بالآتي: يقولون من لا شيخ له فشيخه الشيطان، ومن لم ينفعه أدب المربي لم ينفعه كتاب ولا سنة ومن قال لشيخه لم، لم يفلح أبداً. ويقولون بالوصل، ويقومون بعملية الذكر الصوفي مستحضرين صورة شيختهن أثناء الذكر، ويقبلون يد شيختهن والتي يطلقون عليها لقب الآنسة، وهي من بلد عربي من خارج الجزيرة، ويتبركن بشرب ما تبقى في إنائها من الماء. ومن كتاباتهن لأدعية خاصة. وإني وجدتها بعد ذلك مقتبسة من كتاب اللؤلؤ والمرجان في تسخير ملوك الجان. ويقومون بتأسيس المدارس الخاصة بهم لاحتواء الأطفال على طريقتهن ويعملن في مجال التدريس، مما يعطيهن مجال لنشر هذه الدعوة في صفوف بنات المدارس الحكومية المتوسطة والثانوية. وقد فارقت بعض من هؤلاء النسوة أزواجهن وطلبوا الطلاق عن طريق المحاكم عندما أمرهن هؤلاء الأزواج بالابتعاد عن هذا الطريق الضال. السؤال: ( 1 ) ما هو الحكم الشرعي في عقيدة هؤلاء النسوة مع إصرارهن على هذه الطريق؟ ( 2 ) هل يجوز الزواج منهن؟ (3) ما حكم عقد النكاح القائم بإحداهن الآن؟ (4) النصيحة لهن وترهيبهن من هذا الطريق. وجزاكم الله عنا كل خير”. وبعد دراسة اللجنة له أجابت: الطرق الصوفية، ومنها النقشبندية، كلها طرق مبتدعة مخالفة للكتاب والسنة. وقد قال صلى الله عليه و سلم: “إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة”. بل إن الطرق الصوفية لم تقتصر على كونها بدعة مع ما في البدعة من الضلال، ولكن داخلها كثير من الشرك الأكبر، وذلك بالغلو في مشائخ (كذا بالهمز!) الطرق والاستغاثة بهم من دون الله واعتقاد أن لهم تصرفاً في الكون، وقبول أقوالهم من غير نظر فيها، وعرضها على الكتاب والسنة. ومن ذلك ما ورد في السؤال من قولهم: من لا شيخ له فشيخه الشيطان. ومن لم ينفعه أدب المربي لم ينفعه كتاب ولا سنة. ومن قال لشيخه: لم لم يفلح أبدًا. وهذه كلها أقوال باطلة مخالفة للكتاب والسنة، لأن الذي يقبل قوله مطلقاً بدون مناقشة ولا معارضة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}. وقوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى}. أما غيره من البشر مهما بلغ من العلم فإنه لا يقبل قوله إلا إذا وافق الكتاب والسنة. ومن زعم أن أحدًا تجب طاعته بعينه مطلقاً غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ارتد عن الإسلام، وذلك لقوله تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحدًا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}. وقد فسر العلماء هذه الآية بأن معنى اتخاذهم أرباباً من دون الله: طاعتهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال كما روي ذلك في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه. فالواجب الحذر من الصوفية رجالاً ونساءً ومن توليهم التدريس والتربية ودخولهم في الجمعيات النسائية وغيرها لئلا يفسدوا عقائد المسلمين. والواجب على الرجل منع موليته من الدخول في تلك الجمعيات أو المدارس التي يتولاها الصوفية أو يدرسون فيها حفاظا على عقائدهن وحفاظاً على الأسر من التفكك وإفساد الزوجات على أزواجهن. ومن اعتنق مذهب الصوفية فقد فارق مذهب أهل السنة والجماعة، وإذا اعتقد في شيوخ الصوفية أنهم يمنحون البركة، أو ينفعون أو يضرون فيما لا يقدر عليه إلا الله من شفاء الأمراض وجلب الأرزاق، ودفع الأضرار أو أنهم تجب طاعتهم في كل ما يقولون ولو خالفوا الكتاب والسنة. من اعتقد ذلك فقد أشرك بالله الشرك الأكبر المخرج من الملة. لا تجوز موالاته ولا مناكحته لقوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن}. إلى قوله: {ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا}. والمرأة التي تأثرت بالتصوف إلى حد الاعتقاد المذكور لا ينبغي التزوج بها ابتداء ولا إمساكها ممن تزوجها إلا بعد مناصحتها وتوبتها إلى الله. والذي ننصح به النسوة المذكورات هو التوبة إلى الله والرجوع إلى الحق وترك هذا المذهب الباطل والحذر من دعاة السوء والتمسك بمذهب أهل السنة والجماعة، وقراءة الكتب النافعة التي قام بإعدادها العلماء المستقيمون على العقيدة الصحيحة والاستماع للدروس والمحاضرات، والبرامج المفيدة التي يقوم بإعدادها العلماء المستقيمون على المنهج الصحيح. كما ننصح لهن بطاعة أزواجهن وأولياء أمورهن في المعروف.

والملاحظ أن فتوى اللجنة صحيحة، لكن الفتوى لا تتعلق إطلاقاً بالقبيسيات. وهذا الوصف الوارد في السؤال لا ينطبق عليهن، وإنما يفتري ذلك عليهن الجامية. أما كلمة “آنسة” فهي تعني معلمة أو مدرسة وتستعمل في سوريا لكل المدرّسات في المدراس والجامعات، فهي ليست لقباً دينياً. والسؤال لم يكن عن القبيسيات ولا عن بيادر السلام. السؤال كان بما معناه: ما رأيكم في جماعة نسائية من خارج الجزيرة وهي صوفية نقشبندية وتؤمن بعقيدة الحلول وتمارس السحر…. إلخ. فمن الطبيعي أن يكون الجواب بتحريم الانتساب لمثل هذه الجمعية. فبعض هذه التهم هي تهم كفرية. لكن رد الجماعة التي نشرته في الصحف هو أن الفتوى لا تتعلق بهن. فهن لا يمارسن السحر ولا يؤمن بعقيدة الحلول ويعتبرن ممارسة السحر كفراً. ومعلوم أنه لا السؤال ولا الفتوى فيه ذكر لهن ولا لجمعيتهن. فكيف يتم بالقوة صرف هذه الفتوى لجمعيتهن؟

أما عن اتهامات الطائفة الجامية لهن، فيجاب عليها بقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين}. فإن المرء عليه أن يحتاط في ألا ينقل كل ما يسمعه في أمر لو أخطأ فيه لعاد عليه بالضرر الفادح في الآخرة. وفي مقدمة صحيح مسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبا أَنْ يُحَدّثَ بِكُلّ مَا سَمِعَ». قال الحافظ ابن حجر: «إن الذي يتصدى لضبط الوقائع من الأقوال والأفعال والرجال، يلزمه التحري في النقل. فلا يجزم إلا بما يتحققه، ولا يكتفي بالقول الشائع، ولا سيما إن ترتب على ذلك مفسدة من الطعن في حق أحد من أهل العلم والصلاح. وإن كان في الواقعة أمر فادح، سواء كان قولاً أو فعلاً أو موقفاً في حق المستور، فينبغي ألا يبالغ في إفشائه، ويكتفي بالإشارة، لئلا يكون وقعت منه فلتة. ولذلك يحتاج المسلم أن يكون عارفاً بمقادير الناس وأحوالهم ومنازلهم، فلا يرفع الوضيع، ولا يضع الرفيع».

ويزداد هذا الإثم عندما يتم قذف وتكفير نساء غافلات مؤمنات، فهذا من نوع الإفك الذي قال الله عز وجل عنه: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ {*} وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}. وفي صحيح مسلم (4|1997 #2581):عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتدرون ما المُفْلِسُ؟». قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيام وزكاة. ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا. فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته. فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخِذَ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طُرِحَ في النار».

أما ما ينتقد حقيقة على الجماعة، فهو المبالغة في طاعة المعلمة (الآنسة)، لكن ليس أبداً كما تصوره الفتوى أعلاه، ولا قريباً من ذلك. بل تقدير سلفيي الجزيرة لابن باز مثلاً وغلوهم به أشد بكثير. أما عن طاعة الزوج فربما من أهم تعليماتهن أن طاعة الله والرسول أولاً ثم طاعة الزوج ثانياً. فلا تحتاج الجماعة إلى المزايدة على هذا. وأما السحر والحلول والاستغاثة بغير الله، فقد تقدم أن الجماعة تكفر من يفعل ذلك، وتوافق شيخ الإسلام ابن تيمية على موقفه. وهو أهم سبب لعداوة الأحباش لهن. ومعلوم أن عقائد الجماعات يتم تقييمها من كتبهم، وليس من افتراءات الطائفة الجامية الفاسقة، وأنه لو عثر على امرأة فاسدة فلا يجوز تعميم ذلك على الجماعة كلها. إذ لا تخلو أية جماعة من أفراد منحرفين عنها.

لدى بعضهن بعض البدع مثل الاحتفال بالمولد النبوي وبعض الأذكار الغير ثابتة مثل الصلاة النارية وأمثال ذلك. الصلاة النارية هي أن يقول المرء: «اللهم صلِّ صلاة كاملة وسلم سلاماً تاماً على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ، ويستقي الغمام بوجهه الكريم ، وعلى آله وصحبه وسلم في كل لمحة ونفس عدد كل معلوم لك». فهي كلها معناها أن الله يكشف الضر “برسول الله” (صلى الله عليه وسلم)، و هذا هو التوسل. و لو أنهم قالوا «اللهم صل على سيدنا محمد الذي يحل العقد و يفرج الكرب و يقضي الحوائج …». عندها يكون هذا شركاً. أما أن نقول “به” يعني بواسطة الدعاء إلى الله به. و التوسل جائز عند أكثر المتأخرين، و هو بدعة سيئة عند السلف الصالح.

كما ينتقد على الجماعة ضعف الاهتمام بالأدلة، ورأيي أن هذا نتيجة هدف الجماعة. فهي تهدف إلى إيجاد مستوى متوسط من الالتزام الديني عند النساء العوام وعند الأطفال (عن طريق المدارس الإسلامية). فهي تشبه حركة تبليغ في ذلك إلى حد ما. لكن تحتاج النساء بعد ذلك إلى من يأخذ بأيدهن إلى مستوى علمي أكبر من هذا. ويؤخذ عليها طريقتها في الضغط على الطالبات، من غير السماح بأي مناقشات. وبعض المنتميات إلى الجماعة، غير مقتنعات ببعض الأمور، و مع ذلك يمنعون من السؤال لماذا؟ أما عن سبب اعتمادهن للسرية في الدعوة، فبسبب الحظر الحكومي والتضييق الشديد، عمدن إلى عقد الدروس في البيوت. ولم يسمح لهن بإعطاء الدروس في مساجد سوريا إلا في عام 2006. وقد ابتدأت الدعوة الإسلامية في مكة بالسر، وكان الصحابة الأوائل يجتمعون سراً في دار ابن الأرقم. وأما تركيز الجماعة على استقطاب الغنيات وذوات الشهادات العالية، فلا يعاب ذلك. وهل كان رسول الله (عليه الصلاة والسلام) مخطئاً عندما حرص على دعوة أغنياء قريش والتكلم معهم؟ أم كان مخطئاً بإرسال الكتب والمراسيل إلى ملوك الأرض؟ أما كان مصعب مخطئاً عندما حرص على هداية سعد بن معاذ وأسيد بن حضير، سادة وأغنياء أهل يثرب؟

وأما واجبنا تجاهها فهو النصح لأعضائها بتجنب تلك البدع، وبالاهتمام أكثر بطلب العلوم الشرعية من الكتب المعتبرة الصحيحة، وليس من كتب القبيسيات. وعلى أية حال فالجيل الجديد منهن أكثر انفتاحاً بكثير من القديم. وبعض المدرسات القديمات صوفيات ونقشبنديات، وليس الجيل الجديد كذلك.

وقد تكلمت مع الشيخ العلامة عبد القادر الأرناؤوط، وسألت فضيلته عن جماعة القبيسيات وعن فتوى اللجنة الدائمة المذكورة أعلاه. فقال أن الجماعة يعتبرها صوفية وأن لها أفكار مخالفة للسنة يجب الحذر منها، لكن الفتوى المذكورة مبالغ فيها، إذ لم يصل الأمر عندهن إلى ارتكاب تلك العظائم ولا الخروج من الملة. كان هذا آخر كلام لي مع الشيخ قبل قليل من وفاته رحمه الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون. والشيخ من أعلم الناس بهذه الجماعة.

نسأل الله لهم الهداية والتوفيق للسنة، وأن يستعملهم في الخير، ويعظم لهم الأجر على ما يقدموه من الخير. والله أعلم.

ملاحظة: وصلنا هذا المقال  من شخص تحت اسم a.rوذلك كتعليق  , الا أن طول النص لايتناسب مع “تعليق” لذلك وجدنا من المناسب نشر المقال  على دفعتين ,  والمنشور الآن هو الجزء الأول  وسيأتي الجزء الثاني تباعا  , آملين بذلك  خدمة  الرأي الحر

الادارة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *