لقد اعتمد النظام الأسدي العديد من السياسات , التي انجحته في احكام السيطرة على سوريا طوال نصف قرن من الزمن , ولا يزال يستخدم هذه الوسيلة آملا استمراها في في تأمين سيطرته على العباد والبلاد , الا أن شيئا حصل ولا يريد النظام ادراك ماحصل , بل يريد التعامي عما حصل , وكأن التعامي يفيد في الغاء ماحصل . ماحصل هو التالي , فئات كبيرة من الشعب وصلت الى قناعة بأن النظام غير مقتدر على التغيير الذاتي , ومنيع ضد التأثير عليه لكي يغير , وذلك لأن الشيئ الوحيد الذي يمكن للنظام تغييره هو النظام بحد ذاته , التغيير لايتضمن الا رحيل النظام , والنظام لايريد الرحيل , لذا فانه يحارب !., هناك عامل التخويف والترهيب , الذي افلح في لملمة الكثير من الأتباع للنظام , لقد أدخل النظام في رؤوسهم القناعة , على أنهم سيقتلون اذا تمت الاطاحة بالنظام , وقسم من هؤلاء لم يعد يؤمن بهذه المقولة , اذ لاتوجد دولة عربية يتم بها القتل كما يتم في سوريا الأسد , ولا توجد دولة عربية تهدد الأقليات كما هي الأقليات مهددة في سوريا الأسد , حيث تحول الساحل السوري الى مقبرة كبيرة , وهنا قد يدعي البعض , على أن مقتل شباب الساحل السوري تم على يد الثوار , وهذا صحيح , الا أن ضرورة الثورة هي من صنع السلطة الفاسدة ,’ وشكل الثورة هو من صنع السلطة الأمنية , السلطة هي التي سببت الثورة وعسكرة الثورة , ولو كانت السلطة عادلة بعض الشيئ وفسادها محمول , ولو كانت ديموقراطية بعض الشيئ لما كانت هناك اي ضرورة للثورة , وبالرغم من ضرورة الثورة تصدت السلطة لها عسكريا , فكانت الحرب الأهلية , التي قتلت عشرات الألوف لحد الآن وأحرقت البلاد عن سابق عمد وتصميم , الأسد أو نحرق البلد , وها هم يحرقون البلد .
لحالة اليأس عند الانسان منظومة من المسلكيات ,اليائس لايخاف واليائس لايفكر موضوعيا ,واليائس يضع نفسه في مواجهة الدبابة ..اما قاتل أو مقتول , واليالئس انسان يعطي للنواحي المعنوية قيمة كبيرة , واليائس مؤهل للموت في سبيل غيره أو في سبيل قضية يؤمن بها , وهذا اليأس اصاب معظم المواطنين , والاصابة باليأس ليس من صنع أحد غير السلطة , السلطة هي التي جعلت من الكثير من المواطنين بشرا من الدرجة الثانية أو الثالثة عن طريق المادة الثامنة , التي لاتزال عمليا سارية المفعول , ليس لصالح الحزب , وانما لصالح العائلة الحاكمة , الأسد هو قائد الدولة والمجتمع , والمادة الثامنة الفاعلة الآن لاتقول الى متى ؟ , أي ان القول على ان الاٍسد الى الأبد هو قول يتناسب مع الدستور الغير مكتوب مع المادة الثامنة الأسدية وليست البعثية .
بالرغم من الضعف الذي أصاب وسائل التخويف ,لايزال الكثير منها قيد الاستعمال , الا أن تطبيقها يقتصر الآن على الطائفة العلوية , وذلك بعد أن يأست السلطة السلطة من امكانية ذج الطائفة المسيحية في الحرب الأهلية , والأمر ينطبق على العديد من الأقليات ..أكراد وغيرهم , وترهيب الطائفة العلوية الهادف الى ضمان وقوف هذه الطائفة وراء الأسد , سوف لن يتكلل بالنجاح لعدة أسباب , منها سبب عام وهو ان الطائفة لاتؤيد بشكل عام الفساد والديكتاتورية , وعدد المعتقلين من الطائفة العلوية من قبل النظام يفوق “نسبيا” عدد المعتقلين من طوائف وفئات أخرى, ثم ان العلوي انسان كغيره , انسان يفكر بالوطن وبنفسه أيضا , منهم الواقعي , ومنهم المتوهم وغير ذلك , وفي النهاية لايصح الا الصحيح , وللتارخ حتمية لايمكن لأحد تجاوزها ..التارخ يمهل ولا يهمل !