أزمة “المنحبكجي”

هناك أمور يسيطر عليها الشعور , أي العقل , وهناك أمور يسيطر عليها  اللاشعور ,   لربما شيئ من الغريزة ,  وبما يخص  طبيعة “المنحبكجي”  فانه من  الغباء تجاهل  الآليات  التي  تقود السوري  لكي يصبح “منحبكجي” , وهذه الآليات يمكن تلخيصها  بعامل مهم  هو غريزة حب البقاء , التي تخضع  داروونيا  الى  قاعدة بقاء الأقوى  والأفضل ,والمنحبكجي يرى على أنه أقوى وأفضل , وذلك لأن  مجبويه  أقوى وأفضل ,المنحبكجي يسقط  أفضلية وقوة المحبوب على نفسه , انه فوق البشر  , لأن  بشار فوق البشر  , ولأنه فوق البشر  ينطبق عليه دستور   الأسد أو لا أحد  , ومن يريد الاخلال  بهذا الدستور عليه   ان   يأخذ في حساباته حرق البلد ..الأسد أو نحرق البلد … والمحبوب   , الذي هو فوق البشر , يستحق  الخلود بعد  وفاته  , وقد نال المرحوم حافظ هذا الاستحقاق ,  ومن بقي حيا من السلالة  يستحق   أن يبقى الى االأبد …أي اننا مع الأسد الى الأبد .

هذه النظريات  والفرضيات والشعارات   بما يخص حرق البلد وما يخص   التأبيد وغير ذلك  , أصيبت في الفترة الأخيرة  بالكثير من الرجرجة  , وبعض الأذكياء من المنحبكجية   توقعوا ذلك  , دون التأكد من ذلك  , أي أنهم بين  نارين  , نار  البقاء الدارووني للأفضل , وهذه النار  معرضة للانطفاء , ونار  الرحيل    التي تشتعل بشدة  , والتي تحاول فرقة المنحبكجية اطفائها  دون جدوى .

البعض قرر التسلل بين النارين   ومنهم الكثير من  المنحبكجية الكتبجية  , الذين  غيروا هوياتهم الشخصية ,  وفي حقل المهنة   كتبوا “معارض” الا أن معارضتهم لغز  صعب التفسير  , حيث يقوم هؤلاء   بممارسة الضبابية  والتبرم والتملص  والهروب الى العموميات  , ثم  ترك  القرار النهائي الى تحصيل الحاصل   , يقولون ان النظام سيئ  , ولكن الثورة  ونتائجها أسوء  ,ولا يوجد خيار ثالث  , لذا  يجب البقاء مع النظام على علاته    , وهؤلاء يسمون انفسهم معارضة ” وطنية”  مثل نعيسة  وأبي حسن     وشريف شحادة والمعارض الكبير خالد العبود  , ثم المعارض الآخر طالب ابراهيم  , وغيرهم !.

يطلبون التفهم  لتخندقهم في  الخندق الثالث , انهم ليسوا مع السلطة , وليسوا  مع المعارضة ,  ويركزون على عقلانية وديموقراطية تخندقهم , وهنا نكتشف فجأة وجود  خيار ثالث !!!, وعندما يقال  ,  اتحدوا مع  الخندق الثالث الآخر  أي مع خندق  المسالمين  مثل حسن عبد العظيم  وميشيل كيلو  وغيرهم , يقولون  هؤلاء خونة  ويجب قص ألسنتهم   واعدامهم   والرقص على جثثهم (بسام القاضي ),  فخندقنا الثالث   يرفض الخندق الوهابي   ويرفض الربيع العربي , ويعتبر الثورة  عرعورية  صرف  , أي ان الثائر  الوحيد في هذه البلاد هو العرعور , الذي اجتلب 5000 ارهابي , حيث يقوم بترويع المواطنين ,والسلطة  تقوم  بحماية المواطن  , الذي روعه العرعور  واعتدى على ماله ورزقه , وفي سياق هذه “الحماية ” تم تقتيل  عشرات الألوف  من  البشر  ,ولا أظن على أن كل هؤلاء عراعرة , وما دخل  مقتل 3000 طفل بالعرعورية ؟.

ليس  شبح العرعور المهرج  هو بلاء الوطن , مصدر البلاء الأساسي  هم هؤلاء  الذين   عطلوا عقولهم  ويحاولون تعطيل عقول غيرهم  عن طريق ممارسة دوغماتيكية “منحبك” !!!, وهل يوجد  في علم السياسة دوغماتيكية  أعظم ؟  منحبك   سلفا!, اننا منحبكجية , ولا يجوز السؤال , لماذا هذا الحب في السياسة , التي لاتعرف  الحب ولا تعرف الكره , السياسة تعرف الموضوعية والمصلحة والعقل , وكيف للمواطن   الذي ينتمي الى قافلة “منحبك ” , أن يكون مواطن سياسي ؟

هناك بوادر  تراجع  في مواقع “المنحبكجية ” , الذين  شعروا  بأن ماء الفيضان وصل الى انوفهم .. وقصة  غرام المنحبكجية مع المحبوب , لم تعد عند بعضهم  شأن سياسة أو نظام أو دولة ..انه أمر شخصي ,  وهؤلاء  يجدون الآن فرقا بين  الأسد والدولة , الدولة باقية والأسد فان , ويقولون   انه من الممكن أن تكون مواطنا صالحا  ووطنيا سوريا  متحمسا , دون أن تكون  من حاشية المحبوب , أي دون أن تكون “منحبكجي” ..,وهذا التراجع  لم يكن نتيجة للتعقل , وانما نتيجة للأزمة  التي  تهدد  المحبوب والمنحبكجية  ثم البلطجية   والشبيحة على حد  سواء ,هل أتى التعقل متأخرا ؟؟ , أخاف من الجواب !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *