الانتحار مع بشار!

معظم رؤساء دول العالم , ولنأخذ الأقرباء وأولاد العم  والجيران  , من المرزوقي في تونس الى  أول رئيس منتخب في مصر منذ 7000 عام , يقولون على أن رحيل الأسد ضروري  لانهاء الفوضى  في البلاد  وللسماح بشيئ من الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية  , التي يبدو وكأن النظام الأسدي  لايستطيع تحقيق أي شيئ منها , لأن تحقيق أي قدر من الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية هو بمثابة  بتر  لأجنحة وأطراف النظام ,  وتحقيق أي شيئ من  هذه الضرورات هو بمثابة  تسميم النظام وخنقه , لامجال للمحاولة مع النظام المستعصي على كل علاج , ولا فائدة من الانتظار , الزمن لايشفي من الأمراض, لقد انتهت اسطورة الأسد  , وأي محاولة لانقاذه هي بمثابة محاولة  لانقاذ البربرية والديكتاتورية  والفساد , محاولة الانقاذ لم تعد عملا سياسيا  , وانما  جنحة  سياسية وأخلاقية .

النظام بما فيه الأسد لايتعظ , لذا فانه ماضي في طريقه الى الانتحار  , الذي  أصبح نوعا من الحتمية , التي  يصر النظام الأسدي عليها , ولم تعد هناك  أي فائدة من  محاولة تحليل  هذه الحتمية , انه ماض في طريقة   ولا يوقفه أي شيئ .

اذا كان الأسد يريد الانتحار ويصر عليه , فما هو ذنب من ضللهم  , وزرع في نفوسهم عقدة الخوف ؟؟ لماذا  نسمح لهم بالانتحار مع الأسد دون أن نحاول انقاذهم , لقد كانوا ضحية الأسد  , ويخافون  من تحولهم الى  ضحية للعرعور, مع العلم  على أنه لامبرر لهذا الخوف , ليس لأن العرعور  مخلوق راق ومهذب  ولايمت للاجرام بصلة , وانما لكون العرعور  منتهي كما هو الأسد منتهي , وفي سوريا الجديدة  سوف يكون هناك تيار محافظ   وقد يكون متدين , الا أنه ليس عرعوري , والأمثلة التي تبرهن عن ذلك نجدها في مصر  وتونس , محمد مرسي ليس عرعوري , والغنوشي ليس عرعوري , وفي كلا الدولتين هناك احترام للقانون  وهناك انتخابات حرة  وشفافة  وقدر جيد جدا من الديموقراطية  ومتاعبها وفوائدها , لم تعلق المشانق , ولم تفرض الجزية  والشريعة , مع  اننا في سوريا  نغوص في تأخرية منهجية البيعة  والولاية  والاستفتاء الذي يأتي بتأييد لسلطان البلاد بنسبة 100% دون خجل من اعلان ذلك على البشرية ..اذكر قبل سنين  مؤتمرا صحفيا  لوزير الداخلية  السوري , الذي أعلن امام العشرات من الميكروفونات  نتائج الاستفتاء التي كانت 99% لصالح الرئيس , مهنئا الرئيس على حب الناس له  وثقتهم به ..مهزلة  لامثيل لها .

معظم من يسير في طريق الانتحار  ومن ربط مصيره بمصير الذي سينتحر  هم من الطائفة العلوية , ولا أجد مبررا لذلك اطلاقا ,  ولا أجد أي سبب للخوف من وضع افترضتة  الأسدية لغاية تتمثل  بتجنيد هذه الطائفة  في خدمة الأسد حتى الموت ,  الأسد زائل لامحالة  , والوطن باق  لامحالة  , والذكي هو الذي يربط مصيره  مع  الدائم الذي هو الوطن , وليس مع  البائد , الذي هو الأسد , .

على الرغم من أنه  ليس من الحق  التغاضي  عن موبقات  بعض رجال الأسد , الذين ينتمون الى كافة الطوائف , الا أن منطق الحق يحترم المسؤولية  ومصدرها , ليس كل من  سرق في عهد الأسد هو مجرم , لأن قانون الأسد هو الذي فرض على بعض البشر ممارسة السرقة , من سيقدم الى المحامات هم اؤلئك المبدعين في فنون السرقة  والفساد , ليس شرطي السير , انما مخلوف ومعلوف  ومعروف  وشاليش   وغيرهم  وكامل عائلة الأسد .

الخوف  ينتج أسوء النصائح  , ومن يصاب  بالخوف  المتطرف هو الذي يرتكب أعظم الأخطاء , التحرر من الخوف هو الضمانة   لحرية العقل  , الذي يستطيع  عندها أن يفكر وينتج انتاجا جيدا .

كمسيحي  لا اخاف من أحد  لأني شخصيا لم أجرم بحق أحد ,  كمسيبحي ,أرى الآن ومنذ سنين نفاق  السلطة  وتأخريتها وطائفيتها  واستبدادها , لذا فاني أثور ضدها بالكلمة والقلم , ولا اخون  أو استنكر من يثور ضدها بالبندقية , لم تكن أعظمية وأعظم  ثورات العالم  ثورات قلم وكلمة , وانما ثورات  بالرصاص   والخنجر  والمقصلة ,  الثورة  لاتسمد ضرورتها من برنامج الثوار  , وانما من  فساد الوضع الذي يثورون عليه , وشرعية الثورة كذلك , شرعية تستمدها الثورة من لاشرعية الأنظمة التي يثار ضدها .

اندلعت الثورة  لأن النظام خالف  ماهو  عرف ومعروف  في السياسة , لقد فشل في كل المجالات ,  وهذا ليس جرم ,  الجريمة حدثت عندما رفض النظام الرحيل , وقبل ذلك رفض النصيحة ورفض الاصلاح ,  ووصل الى  بربرية الأسد وحرق البلد , عندها حمل البشر السلاح , ومن الضروري  هنا حمل السلاح  , لأنه اصبح البديل الوحيد    الذي يوصل  البلاد الى  مرحلة “الدولة” التي قضى عليها الأسد , ولا يزال يحاول الفتك بها .

لاتوجد أي فائدة  لأي انسان من ربط مصيره بمصير الأسد البائد , ولا توجد أي ضرورة  للانتحار برفقته , دعوه   يذهب  , حيث سيكتب التاريخ ,    لقد كانت الأسدية   مذلة للشعب السوري  .. أظلم  فترة عرفها هذا الشعب , والآن أصبحت  الأسدية ماض , دعونا نعيش مع بعضنا البعض  بكل محبة واحترام متبادل  , وسنعيش مع بعضنا البعض  بكل محبة  واحترام متبادل  , وسنلغي  هوياتنا   الحالية  ان كانت علوية  أو سنية  أو مسيحية أو غير ذلك  ,  وسنحيي  هويتنا السورية  ونحييها كل يوم … انها الى الأبد  وليس الأسد .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *