منذ عشرات السنين ونحن نسمع , ومع كل وزير أو زير اعلام جديد, نفس الرواية الخشبية الاسطوانية , أولا تصعيد وتصعيب الحالة ..” سورية تمر بظروف صعبة وتتعرض لحرب حقيقية لم تشهد لها مثيلا في تاريخها الحديث قياسا بكل المعايير السياسية والاعلامية والاقتصادية ولذلك هي بحاجة الى كل الكوادر الوطنية المؤمنة بالوطن والدولة السورية والدفاع عنها بكل الادوات المتاحة من الكلمة والمعرفة والحوار” وبما أن الوضع صعب فان سوريا التي “تتعرض لهجوم شديد من اعتداء على الاعلاميين والعاملين فيه وتخريب المنشآت والبنى التحتية للمحطات والمراكز الاعلامية لافتا الى شهداء قناة الاخبارية السورية الذين استشهدوا وهم يؤدون عملهم ويقومون بواجبهم الاعلامي والوطني جراء العمل الارهابي الذي استهدف القناة ودمرها بشكل كامل مقدرا الخسائر المادية الناجمة عن هذا العمل الارهابي بنحو مئتي مليون ليرة سورية”لذا فان سوريا “عازمة على أن لاتستسلم مهما طال أمد الازمة وهي وقادرة بشعبها وجيشها وقيادتها على مواجهة أحلك الظروف ” وما قاله الوزير الجديد الزعبي يختلف بعض الشيئ عن اسلافه , اذ تفوه بكلمة “معارضة” وهذا هو تطور عملاق في سوريا الأسد , التي لايمكن أن تحتوي أي معارضة , أين هي المعارضة ؟عندما ينال الرئيس حوالي 100% من الأصوات في الاستفتاء الأخير وما قبله ووالده نال 100% لثلاثة مرات في استفتاء تميز بالشفافية وعدم التزوير ,وكلمة المعارضة لم تأت لوحدها , انما قرنها السيد الوزير بكلمة “وطنية” اي “معارضة وطنية ” ,الفترة الأخيرة تتميز تبعا لذلك بمعارضة وطنية يعينها الرئيس ومعارضة غير وطنية يطاردها الرئيس ويقتلها ,قبل ذلك لم يكن هناك معارضة وطنية أو غير وطنية ,وانما تواجد من الشعب في سجن صغير , والقسم الأكبر من الشعب في السجن الكبير , وتقسيم البلاد الى سجن صغير وسجن كبير وفر للبلاد الهدوء والاستقرار الذي نعمت به , الى أن جاءت فذلكة المعارضات .
الوزير الجديد الزعبي قال عن المعارضة الشريفة الوطنية على انها” تمثل اليوم شريكا حقيقيا في الحكومة وتعد نموذجا للوطنية الصادقة” وهنا يقصد وزير الاقتصاد ووزير المصالحة الوطنية ” ,على فكرة سوريا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقسم المعارضة الى وطنية وغير وطنية , استثني هنا الصين وكوريا الشمالية وكوبا , حيث لاتوجد معارضة حسب قاموس الحزب الحاكم في هذه الدول .. الا أن سوريا تتغير وتتطور للأسف باتجاه غربي بما يخص الديموقراطية , وهذا يعني للأسف الشديد على أنها تتخلى عن ” أصالة ” ديموقراطيتها , التي توقع وزير الخارجية المعلم أن تكون قدوة للعالم أجمع , كما أنها تتخلى عن ثوابتها , التي منها حكمة القيادة الحكيمة المطلقة ..ابا وابن ,الحكمة المطلقة التي تميز الأسود , لذا نرى اينما نظرنا رمزيا صورتين على كل جدار في سوريا ..الأب الى جانب الابن !, ولا تشذ قاعات وزارة الاعلام عن هذه القاعدة , ففي الصورة رأيت الوزير التقدمي الزعبي على رأس الطاولة , وفوق رأسه على الحائط صورتين ,واحدة للأب والثانية للابن تأبيد !!, ومن هذا التأبيد للأسود يجب على الأمريكان أن يتعلموا , وعندما يعوا ويعتمدوا النموزج السوري في الديموقراطية قدوة , سيكون من واجبهم تعليق مالايقل عن 43 صورة , منها واحدة لنيكسون وواحدة للينكولن وواحدة لجرجي واشنتطن , وذلك لأن أمريكا تحترم كل رؤسائها السابقين , أما سوريا الأسد فتحترم الأسود فقط , لأن الأسود هم من حولوا سوريا الى سوريا الأسد ..القوتلي ..القدسي .. وحتى الأتاسي نور الدين ! من هم هؤلاء الصعاليك ؟
عصر الزعبي سيكون ذهبي , ذلك لأن الأستاذ الزعبي يطور البلاد اعلاميا بشكل آخر , شكل يعتمد على عدة قواعد , القاعدة الأولى تسمى التجاهل (احذر لاعلاقة للتجاهل بالجهل ) ., والأمثلة على التجاهل , الذي يعني التوصل الى حذف الحدث من الوجود كثيرة , منها مثلا تجاهل مجزرة زملكا قيل أيام , ثم مجزرة دير الزور في اليوم التالي , وبعدها ماحدث لقاعدة الطيران والصواريخ شمال حلب وهذه الأيام انشقاق العميد طلاس من القوات الخاصة , ثم تجاهل قصة وزير الدفاع السابق طلاس ..ماذا يفعل هذا الوزير في فرنسا ؟؟ وقائمة التجاهلات كبيرة جدا جدا ولا مجال هنا لذكرها , وانما ماذكرت هو أمثلة عنها .
القاعدة الثانية هي قاعدة استبدال منشأ الخبر , الواقع هو منشأ للخبر , كما أن المخيلة هي عند بعض الموهومين منشأ مهما للخبر , ولنأخذ العقيد رياض الأسعد , فهذا المنشق قتل حسب علمي عدة مرات , واعتقله الأمن السوري عدة مرات , وآخر اعتقال وثقه أمين سر مجلس الشعب خالد العبود , وبعد الموت المتكرر والاعتقال المتكرر هرب العقيد سارقا أموال الثورة السورية (مليوني دولار) من تركيا الى هنغاريا , فجأة تقول سانا على أن العقيد رفض مقررات مؤتمر جينيف ..لم يقتل ولم يعتقل ولم يسرق , ومنشأ كل الاعتقالات والتقتيلات والهروب هو الهروب من الواقع الى المخيلة ..هذا من ناحية !
من ناحية أخرى سمعت اليوم خبرا مفاده أن خالد أبو صلاح سيلقي كلمة في مؤتمر أصدقاء سوريا , وهنا نالني العجب , فحسب معلوماتي التي أأخذها دوما ويوميا من سانا , فقد لاقى الخائن أبو صلاح حتفه في باباب عمرو عدة مرات ,وقد تم قتل وبالتالي موت أبو صلاح على يد الجهات المختصة(ماهو اختصاص هذه الجهات ؟؟) ,كرفيقه الأسعد, عدة مرات , وفجأة يخرج هذا من القبر ليلقي خطبة في مؤتمر أصدقاء سوريا ,سبحان الخالق الذي يخرج الأموات من القبور !
منشأ قصة خالد أبو صلاح هي المخيلة , التي يسطر عليها نوع من التمني , فمن أورد الخبر يتمنى مقتل أبو صلاح ومقتل الأسعد ,وفي هذا الأمر مفارقة , وزارة موجودة في الواقع تتصرف وكأنها في حالة حلمية , سيطرة الأحلام على الواقع هي واقعة مرضية وعلاجها من اختصاص أطباء النفس , فاليهم ايها الرفاق .
الى جانب التمني , هناك جانب آخر أهم وهو الجانب المتعلق بحبل الكذب , اذ يقال على أن حبل الكذب قصير الا في وزارة الزعبي , فليس له نهاية , والى جانب الحلمية , هناك خاصة الغباء , أين فائدة ينتظرها هؤلاء من نشر أخبار كاذبة ؟ ألا يعرفون على أن الثلج يذوب بسرعة تحت حرارة الأحداث , حيث يظهر المرج ؟, الا يدركون قوة الاعلام العالمي ومناعته ضد الكذب البدائي , من يريد أن يكذب , عليه أن يكون أكثر ذكاء من الزعبي