الأنباء تتحدث عن مجزرة جديدة في حماه , ولا أعرف حقيقة كيف يتحول قتل الفرد الى مذبحة والمذبحة العائلية الى جماعية ثم الى مجزرة , وما هي الحدود التي تفصل المجزرة عن غيرها من عمليات القتل الاجرامي , كيفيا لاتوجد فروق , ولكن كميا , والأمر يبدوا على أنه أبسط مما نتصور , فعندنا يتجاوز التقتيل المعدل اليومي بكثير نتحدث عن مجزرة , واليوم نتحدث عن أمس الذي عرف مقتل حوالي 140 انسان سوري منهم 35 من عائلة واحدة في قرية القبير في ريف حماه , وما تبقى موزع على مختلف انحاء الجغرافيا السورية .
لقد بلغ عد القتلى في قرية القبير 92 وبينهم كما هو متوقع عدد كبير من النساء والأطفال , ونسبة العدد الكبير من النساء والأطفال تعود الى طريقة القتل , التي تتم بالقذائف المدفعية ومن المروحيات (في مدينة الحفة ) , والمدافع تسستهدف عادة مناطق سكنية , حيث أن الثوار لايملكون ثكنات أو مراكز تجمع كبيرة , وفي المساكن يسكن الأطفال والنساء , في حين ان الرجال يتواجدون عادة خارج المنازل ,كما أن عمليات التذبيح تتم في المنازل التي تخلو نسبيا من الرجال , وما يجد الشبيحة من نساء وأطفال يجري ذبحه , ثم تروج الشبيحة على أن من قام بالذبح هم الأقرباء ,وذلك لتشويه سمعة الشبيحة , الشبيحة تحتل الآن معظم مراكز السلطة , والتشبيح لايقتصر الآن على الذبح , التشبيح أصبح طريقة للحياة وأسلوب يمارسه أكثر رجال السلطة ..من آذن المدرسة ألى أستاذ الجامعة , ومثالي على ذلك الدكتور (شهادة روسية من كازاخستان )بسام أبو عبد الله .
لا أصدق الا عقلي وعيني وأذني , ومن يسكن القسم الغربي من سوريا يسمع كل يوم من الجامع النعوات ويشاهد جنازات دفن الجنود والضباط , وعملية حسابية عقلية بسيطة تقود الى الكثير من الوضوح , اذا تدفقت الأكفان بهذه الكثرةعلى هذه البلدة أو تلك , فكيف سيسكون عدد الأكفان في مجمل سوريا , وبنتيجة عملية الحساب يصل الانسان الى افتراض عددضخم من القتلى ,هذا العدد يتجاوز بكثير العدد الذي تنشره وسائل الاعلام الرسمية .
كما نعلم فان تسليح جيش السلطة يفوق بكثير تسليح جيش الثورة , وعدد أفراد جيش السلطة يفوق عدد أفراد جيش الثورة , وخبرة القتال عند كتائب الأسد تفوق مثيلها عند الجيش الآخر , لذا فان أي صدام بين كتائب الأسد والجيش الحر أو المتمردين أو العصابات سيقود الى مقتل عدد كبير من الجهات التي تتحارب مع كتائب الأسد , وعندما تدفن الجهات الرسمية عشرة جنود , يجب أن يكون عدد القتلى من الجهة الأخرى على الأقل مئتي قتيل .
كتائب الأسد متفوقة على الكتائب الأخرى عدة وعددا , فهل هي متفوقة على الكتائب الأخرى أخلاقيا ؟ للأسف فان الجواب هو النفي , لاتفوق اخلاقي لكتائب الأسد , وأصل مرض التشبيح هي كتائب الأسد , وقد انتقل هذا المرض الى الكتائب الأخرى , التي تشبح أيضا , وعن الجهة التي تقوم بالمجازر , يجب القول ان مجمل الشبيحة سلطة ومعارضة قادرة على التشبيح ولا يوجد عند الجميع أي رادع أخلاقي يمنعهم من ذلك .
من كل ماسبق يمكن القول على أن شبيحة السلطة مسؤولة عن معظم بل كل المجازر , وذلك للأسباب التالية :
1- مقدرة وقابلية هذه الشبيحة على القيام بتلك الأعمال , والماضي الأسود لهذه الشبيحة ..من قتل وسرقة وذبح وسحل ..لايمكنه أن يلغي هذه الامكانية
2- اعتيادية استعمال “الترهيب” من قبل الديكتاتوريات , وذلك لنشر الخوف والرعب بين المواطنين , ودفعهم الى الابتعاد عن معارضة الديكتاتور , وهذا الأسلوب معروف عالميا .
3-ضعف الفرضية التي تقول على أن “ارهابي” يقتل ابنائه ليشوه عن طريق هذا القتل سمعة الشبيحة , الشرقي لايقتل ابنائه بهذه التلقائية , فأولاد “الارهابي” بالنسبة له أهم من الوطن ومن الشبيحة وسمعتهم , ولا توجد أحداث موثقة تثبت هذه الفرضية الابليسية , لا يقتل أحد أولاده من أجل أي شيئ آخر في هذه الدنيا .
4- بعد المجازر يتجمهر انسباء المذبوحين حول المذابيح , عادة في قاعات , وهنا يقول الأقرباء والآباء والأمهات على أن الفاعل هم من جهة السلطة ..عسكر+شبيحة , ولم أر لحد الآن على شريط من يقف بالقرب من طفل مذبوح من الوريد الى الوريد ويقول , ان العصابات المسلحة ذبحته , ولا أستطيع , مهما كان خيالي واسعا, أن افترض أشياء لا أراها , وبعد مذبحة الحولة لم يتهم أي من المتواجدين في قاعة المذابيح الا السلطة ومن معها من الشبيحة . ومن أين لي تكوين قناعات أخرى ؟.هناك شبه اجماع عالمي على ادانة السلطة وشبيحتها بهذه الأعمال .
يوم أمس شاهدت المروحيات وهي تقذف النار على مدينة الحفة , وهل من المستغرب قتل البشر أطفالا ونساء وشيوخا ورجالا بنيران هذه المروحيات ؟ , شاهدت أيضا الدبابات وسمعت أصوات القنابل والمتفجرات , وهل من المستغرب أن يحدث قتل جماعي من جراء ذلك ؟ واذا كانت العصابات المسلحة هي التي تقتل , فلماذا القذف بالمدافع ومن المروحيات ؟, هل يمكن لعاقل القول , على أن المروحيات لاتقتل الا أفراد العصابات ؟؟المروحيات والدبابات تقتل كل بشر وتحرق كل حجر ولا يمكنها انتقاء الارهابي وعدم اصابة المدني …لقد توغل الاجرام في نفوس البشر , ولم يعد هناك ماينقذ الوطن من الانحلال ,
في تقرير آخر يقال ان معظم قتلى قرية القبير هم من الأطفال (20 طفل ) , وعمر بعضهم لايتجاوز السنتين , هناك من بين القتلى مايقارب 20 امرأة , وسيان ان كان مبالغ في هذا الرقم أو غير مبالغ به ,هذا لايغير اطلاقا من هول الجرائم , والأسلوب التي اتبعته قوات الأسد مشابه لأاسلوبها في الحولة ..أولا قصف شديد وبعدها قدوم الشبيحة للعمل بالسلاح الأبيض , وهذا التكتيك معروف عسكريا ..بعد القصف يأتي الرجال لتنفيذ مهمتهم ..وهذا الأمر يحدث في الجمهورية السورية كل يوم , قل لي يا أخي ماذا بقي من هذه الجمهورية ؟ غير الجثث .