لقد قيل لنا ,سوريا استقلت يوم 17-4-1946 , وفي هذا اليوم نحتفل منذ 66 عاما ,هل توهمنا ؟ هل خيل لنا على أن سوريا مستقلة ؟وكيف لنا ان نحتفل في هذا اليوم , الذي قتل به أكثر من سبعين سوريا بالرصاص , وبه أيضا تساقطت القنابل على الأحياء والمدن , وهدمت البيوت على رؤوس ساكنيها ؟
الوهم هو أقصر الطرق الى التخلف ,لقد تخلفنا , لأننا مصابين بالأوهام ,وأوهامنا لاتقتصر فقط على موضوع شكلية واشكالية استقلالنا , وانما حالت أوهامنا دون الوصول الى كامل أهدافنا , لقد توهمنا على ان العرب امة واحدة ذات رسالة خالدة , من المحيط الى الخليج , وحدة جاهزة وكاملة , لذا الم نسع الى العمل في سبيلها , ولماذا العمل , لطالما الوحدة جاهزة وكاملة. لقد توهمنا بأننا قادرون على محق اسرائيل من الوجود , استرحنا وأفسنا وانفسدنا وحولنا جيوشنا الى مرتزقة للدفاع عن زعمائنا , وهاهي اسرائيل تنال ماتريد وتلحق بنا الهزيمة تلو الأخرى . لقد توهمنا بأننا علمانيون , ولم نعمل شيئا من أجل العلمانية , فجأة وجدنا نفسنا في حضيض الطائفية , توهمنا بالقائد الى الأبد وبتقدميته وبالحرية التي سينعم علينا بها , فجأة وجدنا انفسنا في الزنزانات , توهمنا بالاشتراكية , فجأة وجدنا انفسنا في الريعية العشائرية , لقد حدث كل ذلك , لأننا لم نعمل للأي من هذه الأهداف , وانما اكتفينا بممارسة العطالة الفيزيائية والفكرية ..
توهمنا باصلاح الزراعة ..الاصلاح الزراعي , واذ بنا بدون زراعة , نستورد الشعير والقمح والملابس , وحتى الطربوش والعقال ومنديل عرفات , توهمنا بالصناعة , واذ بنا لانعرف كيف نصنع الطنبر , توهمنا بالرخاء ,ووقعنا في بئر الفقر , توهمنا بالعدالة , وقضينا على القضاء , توهمنا بالحرية ,واذ بنا نصبح عبيدا ..كل ذلك لأننا لم نعمل جديا للوصول الى أهدافنا .. امة صوتية , وأهدافنا لم تكن الا شكلية , ومن هنا اشكاليتنا , التي لادواء لها .
توهمنا بالاصلاح , واذ بنا نغوص في حضيض الفساد , توهمنا بالانتخابات , واذ بنا أمام مجالس سميت شعبية نيابية ,قوامها اختصاصيين في التصفيق والتملق , توهمنا بالأمن من خلال أجهزة الأمن , واذ بنا أمام اجهزة لا ممارسة لها الا تقتيلنا واذلالنا , توهمنا بالحركة التصحيحية , واذ بنا أمام حركة تخريبية ..كل ذلك سببه اغتيال عقولنا ,وابتعادنا عن فضيلة “الشك”, اننا نؤمن , ومن يؤمن “لايشك” , ومن لايشك ليس في رأسه عقل , ولأننا لم نعمل بجدية لتحقيق أهدافنا , نجد الآن انفسنا في محنة الهلاك والاندثار , نقتل بعضنا البعض ونتآمر على بعضنا البعض, ونحتفل بالاستقلال ونتبادل التهاني , ونذهب الى روسيا لكي يقولوا لنا ماذا علينا أن نفعل وماذا علينا أن نقول.
الاسقلال ! هل يستحق وجودنا أن يوصف بهذه العبارة ؟؟ وهم !!