هل لنا من خيار الا الانتحار ؟

الانسان السوري خائف , ليس منذ أمس  وليس منذ سنة , وانما منذ40  سنة  , وحتى منذ 1400  عام , فالتخويف  هو هدف   الممارسات القمعية , والخوف هو الحاضن الأمثل للعنف , الذي  أصبح  من أهم وسائل  التداول بين الأفراد  وبين النظام والشعب ,  حيث نتعرف كل يوم على  المزيد   محاصيله … قتل وسحل ..اختتطاف واغتيال  واعتقال ,  اندحر العقل  وقتل أيضا  ,وانتصرت البربرية  على كافة الجبهات .
وفي   حالة كهذه يبجث  الانسان عن السبب وعن العلاج, حيث يجد السبب دائما في السياسات التي تمارسها المجتمعات   وقيادة هذه المجتماعات , ولو أخذنا المجتمع السوري , لوجدنا على ان المسبب الأول  لعاصفة العنف   الحالية هي السلطة , ومن الواجب تحميل السلطة المسؤولية الأولى ,لأنها السلطة التي تحكم  البلاد  وبشكل مطلق ديكتاتوري , ولا تقبل ان يشاركها أي سوري  خارج عن رأيها وارادتها , السلطة  مارست العنف  وتمارسه حتى  هذه اللحظة ,  وليس اطلاق الرصاص هو المظهر الوحيد للعنف , فتقويض الحريات  هو من اعتى أشكال العنف  ,  الفساد هو عنف  , والاعتقال هو عنف , والمادة الثامنة , التي لاتزال عمليا سارية المفعول هي من أشد أشكال العنف تدميرا وتخريبا ,  وخراب البلاد الحالي ليس الا نتيجة لكل ماذكر , وما يمكن بكل سهولة  ذكره   اضافة الى ذلك تفصيليا .
عندما أرى صور السحل  والقتل  أتألم مع من يتألم من  أفراد الشعب السوري , خاصة بسبب البلاء الذي أصابه  ومن الصعب علاجه , لأن السلطة , التي تسحق الشعب , لاتقتدر الا على ممارسة السحق , الذي يحول دون  وصول  من يقتدر الى مسؤولية قيادة البلاد , ولم يكن بامكانها قبل سنة , أن تعرف ماذا سيحصل بعد سنة , وقد كان من الأفضل  للسلطة وللبلاد  قبل سنة  تسليم القيادة الى تيار مدني , كان قوي نسبيا  مقارنة  بقوة الأصولية , الآن قويت الأصولية  ,  وستصبح  حياة الوطن  , حسب تقديري ,  تحت سلطة مدنية  بعد سقوط السلطة الحالية , صعبة مع التيار الأصولي , الذي سينوب عن السلطة الحالية  في حرصه   على تدمير البلاد ,  فالأصولية  تتوافق مع السلطة الحالية في العديد من النقاط , ومشكلتها مع السلطة , هي مشكلة تسلط فقط , ولهذه المشكلة شبيها من مصر ,  حيث تحارب الرئيس المؤمن السادات مع المؤمنين من الأصولية لم يكن السادات علماني مدني  وانما أصولي  ببدلة بدلا من الجلابية , وهذا حالنا  أيضا !
بعد سقوط السلطة الحالية  , الذي أصبح  بسبب  تآكلها المتزايد شبه حتمي , سيكون  للسلطة المقبلة , التي ستكون  مدنية  وديموقراطية  وحرة , مشاكل كبيرة مع الأصولية , وهذه المشاكل  تتعلق في التباين المبدئي بين سلطة ديمقراطية حرة وبين أصولية لاتؤمن بالحرية والديموقراطية , وسنرى مستقبلا  على  أن تدمير الوطن  من  من قبل السلطة البعثية -العائلية لم يقتصر على الماضي والحاضر , انما  سيكون للسلطة الحالية تأثير كبير على المستقبل وذلك عن طريق الأصولية , وهذا التأثير سيكون   بمعظمه سلبي تخريبي, فالأصولية , التي قويت وترعرعت  في كنف السلطة الحالية , ستحاول  سرقة المستقبل  , كما حاولت في مصر وتونس  , الا أن تاثيرها على وضع  البلاد سيكون  أقل من تأثير مثيلاتها في مصر وتونس  , وهذا عائد الي بنية الشعب السوري  , التي  تحتلف عن بنية الشعب المصري  والتونسي أيضا , فمن المتوقع على سبيل المثال  أن يكون  للأصولية مايقارب 30% من أصوات  الناخبات والناخبين  في أول انتخابات حرة ديموقراطية  , وستنحدر هذه النسبة الى 5 أو 10% في انتخابات ثانية ,  ومقدرة الأصولية على  تجنيد المؤييدين   يتناسب  طردا مع مدة بقاء السلطة الحالية , فكلما طال ذلك , ارتفعت نسبة تمثيل الأصولية  وبقاء السلطة الحالية لسنين  , لايعني الا  تحول البلاد الى قندهار   , وهذا هو خيار الانتحار

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *