على رقاب العرب تنهال السواطير والأساطير , ومن السواطير ماهو حديدي , الا أن ساطور الخشب أشد فتكا من ساطور الحديد الصلب , يسيطر الساطور الخشبي المصنوع من اللغة الخشبية على اللغة السياسية والاجتماعية وحتى التجارية والفلسفية …الخ , ويحولها الى لغط بدون أي قيمة أو رصيد واقعي , كلمات خالية من أي معنى , لا هدف لها الا التضليل وتخدير المواطن وقتل عقله .
احد معالم ساطور اللغة الخشبية هو استعمال التعابير الجاهزة والمعلبة , ومن المعلب على سبيل المثال تعبير المؤامرة العالمية الامبريالية , والتصدي لهذه الامبريالية العالمية , ثم تعبير دول الصمود , وتعبير دولة الممانعة , وتعبير الحرب الكونية , ثم مفهوم المندس , وسيل من التعابير , التي لم يتم ابتكارها لكي تستعمل في التفاهم مع الآخر ,انما لتهجين دماغ الآخر بالمعلبات الكلامية , فوصف دولة بأنها دولة مواجهة مع العدو , هو بمثابة الغاء لأي تفكير حول دور هذه الدولة ان كان مواجهة أو غير مواجهة , انه اثبات لوجهة هذا الدور , الذي لانقاش به , الهدف من المعلبات اللفظية هو قتل النقاش وبتره , وذلك لتيسير مهمة اللبخ واستعمار العقل وبالتالي افنائه .
اللغة هي للتفاهم ,تنكص اللغة خشبيا الى حامل ميت لميت آخر , يتجلى في العديد من الابتكارات اللغوية , تعبير الخونة الذين ينفذون مشاريع خارجية , هذا التعبير لايخرج في قتله للعقل عن سابقه , ثم تعبير المندسين , الذين ينفذون مؤامرة خسيسة ضد النظام ,ثم عن الحوار, الحوار فقط مع من لم تتلطخ يده بالدم ,والمقصود هنا الغاء الحوار , دون القول المباشر بالغاء الحوار , اذ انه من المستحيل التعامل مع هذه العبارة على أرض الواقع , المعارضة تتهم كامل السلطة بالتلطخ بالدم , والسلطة تتهم كامل المعارضة بالتلطخ بالدم , ثم هناك الكلام والحديث الخشبي عن العصابات , كعصابات ميشيل كيلو او عصابات رياض الترك او ياسين الحاج صالح , ثم تعبير من ارتكبوا اعمال تخريبية , أي ان عمل اي معارضة تخريبي , اما قصف المدن بالمدافع والطائرات فهو عمل ” بناء ” , أو تعبير الرجعية المتآمرة التي تدعمها الصهيونية والقوى الاستعمارية , التي تهدف الى تدمير الانجازات التاريخية للحكم , اي يريدون تدمير الدمار, لا ننسى مسألة خطاب الرئيس , الذي لم يكن تاريخي فحسب, انما سيصنع تاريخ هذا الكون ..يا ما شاء الله !!
يجب الترقي عن لغة ليس لها من هدف سوى الاملاء والتلقين , وليس لها من فاعلية الا تدمير العقل والفكر , يجب رفض كل استجحاش للانسان , يجب استعمال لغة تسمح بالانفتاح على الآخر وتسمح بالتفاعل الايجابيسي مع الآخر , لغة المواعظ والاملاءات والتلقينات والميالغات اي اللغة الخشبية خربت الكثير, وشوهت العقول وأثارت النعرات وأحدثت الشذمة الجغرافية والشعبية ,وأوصلت الأوطان الى الهلاك والندثار , بالرغم من ذلك لايتكلم الناس سوى بلغة خشبية .