الحوار تحت سقف الوطن وفي الخيمة , هل يعني ذلك الزنزانة ؟

     نسمع  في الآونة الأخيرة  تعابير جديدة نسبيا  مثل   تعبير “سقف الوطن ” أو تعبير ” خيمة الأسد “, حيث على الحوار أن يتم  تحت سقف الوطن , وفي خيمة الأسد , ولا نعرف كثيرا  ماذا  تعني السلطة  بتعبير”سقف الوطن” ؟  , وان كان تعبير “خيمة الأسد” اكثر وضوحا ,فالحوار  في الخيمة  هو بمثامة استلام  لصاحب الخيبمة  والتواجد في  الخيمة  ليس الا للتوقيع على وثيقة الاستسلام , وفي نهاية الحروب  تنصب الخيم على  خطوط وقف اطلاق النار ,  حيث  يلتقي المنتصر والمهزوم  لتبادل التواقيع , ومن الخطأ ان يظن  أحد على ان المعارضة  وصلت الى هذه المرحلة مع السلطة الأسدية .

عودة الى تعبير “السقف”  ولا أعرف تماما  ماهي ضرورة “السقف  ” للحوار, الحوار يجب ان يكون في الفضاء  وليس  تحت السقف , هذا  بالاضافة الى كون تعبير السقف  , هو تعبير ضبابي  ولذلك مضلل , ولا عجب من نزعة السلطة للتضليل , الذي تمرست به وتمرنت على ممارسته طوال نصف قرن من الزمن .

واذا اصرت السلطة على “السقف” فيجب  عليها  ان تخبر المواطن , من رسم هذا السقف ؟, ولماذا ؟ وأين هي حدوده؟  وأين هي ضرورة  وضع سقف للحوار؟  فالحوار ليس شخصي  وانما وطني  والقائمون على الحوار هم  أشخاص “اعتباريين” , وبهذه المناسبة  يتملكني الشك  على انه  للسقف وظائف أخرى  وهي , كما تعودنا , الخداع  والتضليل  والالتفاف والتزوير .

لايمكن لفكرة “السقف”ان تأتي الا من قبل سجان , لايرى في الوطن الا فاعلية الزنزانة , سجان تمرد على الحرية والعدالة الاجتماعية والديموقراطية ,  وخرب البلاد ببلاء  منهجية الأحادية  الضيقة ” المسقوفة ”  عائليا ,المنغلقة والمتقوقعة في مصلحة العائلة ماديا  قبل أن تكون معنويا , ولو كان للمعنويات عند فيلق النهب قيمة , لما تحمل هذا الفيلق  بهدلة  وشرشحة السرقات.

الزبانية تحاول شرح  اشكالية “السقف ” بالقول  : تحت سقف الوطن يعني  أن يصب  كل شيئ في خانة  المصلحة  الوطنية من أجل الجميع  ,  حيث أن الجميع مدعوين  الى حلقة الحوار  , ليدلي كل  برأيه  (هذا مليسمى في قاموس السلطة ,استئناث) وبأفكاره  التي قد تقدم شيئا مهما  وايجابيا  من أجل اخراج سوريا من أزمتها الحالية , ولتكون الديموقراطية  في أبهى اشكالها  هي الوجه المشسرق  لسوريا  مابعد الاصلاح , وكل مواطن “شريف”  مدعو للحوار , بشرط أن يرفض الارتباط  بأجندة خارجية  ويرفض الاملاءات  الغربية الأمنريكية  ويتمسك بالثوابت الوطنية  وثوابت المقاومة والتمسك  بحقوقنا  وبكل شبر   من تراب  أرضنا المحتلة  , ولا يقبل أبدا بلغة اتنازل  , لأنها لغة  رفضتها سوريا ولا تزال ترفضها حتى  اليوم , والبوق يقول اضافة الى ذلك , على أن الجميع يعرف  ان الأزمة  المفتعلة  في سوريا  هي الثمن الباهظ  الذي تدفعه  بسبب مواقفها  المبدئية  والمشرفة . وهل يمكن القاء االوم على أحد بسبب  رفضه المشاركة في جلسات “تهريجية” حيث  تحاور السلطة   نفسها , سلطة احتكرت  الشرف بشكل عام  وشرف  المقاومة   والدفاع عن كل شبر من أرض الوطن , هذا بالاضافة  الى جوانب    الشرف الأخرى , التي لاتتمثل بمخلوق آخر  باستثناء  بشار والله .

امكانيات التدجيل على الشعب السوري  تتدنى  ,  وقد  قربت من مرحلة التلاشي , ولم تعد  لملمة جماعات التصفيق   والاستماع الى اناشيد التبخير والتبجيل والتأليه  سهلة , ولم يعد  سهلا حتى تسيير المسيرات , ولا جمع خمسة أشخاص طوعا  للاصغاء الى أمين  الفرع أو أمين الشعبة  , وهو يكيل المدح  للرئيس “الشامخ” ولم يعد ينفع التهديد ..وانتم ايها الديدان سيأتي دوركم  ! اي الدور لدخول الزنزانة , ولم تعد كلمات الاهانة للمثقف ذات فعالية , الا فعالية الضحك عليها ..اما عن مرتزقة السياسة من المقفين السوريين  , فبعضهم ثأري  وبعضهم يدعم مخططات الأعداء  وبعضهم ازعر , وثم بعضهم  هارب من خدمة العلم , والبعض  هارب من احكام قضائية , والباقي لاقيمة له  ولا ثمن . اي ان الثقافة  أصبحت في خبر كان , وفي الوطن ثلاثة مثقفين فقط هم خالد  العبود  وطالب ابراهيم وشرف شحادة , وأخيرا انضم اليهم الحسون المغرد …أليس كل هذا  “تهريجا ” من النوع السقيم ,   وهل يمكن رؤية  أي امكانية لحوار حقيقي  وليس تهريجي ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *