“عصبة الأمم السورية المتحدة”؟؟!!
ضياء أبو سلمى القاضي نوران.
ما يثير غضبي فعلا في نقاشاتي مع طلابي في الجامعة وهم طبعا من “المثقفين” وغيرهم ممن ألاقي على مواقع “النت” هو تلك النزعة التي أجدها عند الناس في منطقتنا بشكل عام والتي تتمظهر في شكلين مريضين وهما أم التعالي على إنسانيتنا وكأننا كنا وما زلنا أنصاف آلهة وهكذا يمتدحون بإسراف رجال التاريخ – خاصة إذا كان لهم هالة دينية – دون موضوعية ضرورية تعيد لهم حقهم في أن يكونوا بشرا مثل كل البشر وبالتالي لهم ما لهم وعليهم ما عليهم والشكل الأخر يتجسد في موقف معاكس ينطوي على جلد الذات والإحساس بالدونية وكأننا دون بقية البشر وحوش – كما وصف السيد عماد بربر صلاح الدين بأنه وحش وأنه رجل عسكري ولم يكن إنسانا أبدا – وفي تلك الحالتين نحن في أزمة في التعامل مع التاريخ بموضوعية و ايجابية بناءة تخدم طموحاتنا في مستقبل أفضل!
نقطة أخرى فيما كتبه السيد نضال مارد عن النشيد السوري الذي جاء فيه جهل مريع بنشيد وطنه ثم تحامل وتعامي عن عظمته و رفعته الشعرية والفكرية ثم جاء حديثه عن الوطن السوري والدولة السورية منعزل تماما عن ثقافة تشكيل كل ما نعرفه في تشكيل دول العالم وهكذا وحسب ما كتبه ليس هناك شعب سوري واحد بل “شعوب سورية” كما قال وبالتالي ما ينظّر له في حقيقة الأمر هو ليس لبناء دولة سورية واحدة علمانية قوية ديمقراطية بل “عصبة الأمم السورية المتحدة” وكل ما علينا الا أن نطور فكرته بعد قليل من الوقت ونشكل منظمة الأمم السورية المتحدة ونستعير أفكار السيدة سلفيا باكير التي تحترم جدا السيد بان كي مون و أقواله وأفعاله ومواقفه و وهنا كذلك يمكننا أن نستعير أفكار السيد أدم توماس عن “المواطنية المعولمة” التي في ردي عليه وصلنا الى أنها في الحقيقة “الأمركة” وهكذا نصل وحسب أفكاره الى أحقية الغرب – أي أمريكا – في قيادة العالم “الحرّ” ونطلب من أمريكا أن تعين لنا نحن السوريين “بان كي موننا” وفي هذه التشكيلة “الرائعة” لوطننا السوري لن ينقصنا عندها سوى “الزبالة السعودية” السلفية على طريقة التيسير عمار كي نتنشق عطر آل سعود الذي رأى فيه التيسير عمار عطرا أفضل بكثير من الزبالة السورية حسب أقواله حرفيا!! فهل هذا ما تريدونه لوطننا السوري أن يكون؟؟؟؟ كفى!!! وهذا فقط غيض من فيض ما يرد علينا من أفكار البعض في “سيريانو”!!!
ملاحظة: كل فكرة نسبتها لأحد الزملاء في “سيريانو” موثقة وموجودة من يحب أن يتأكد ما عليه سوى أن يراجع مواد هؤلاء الزملاء ويتحقق من كل فكرة عزوتها للزميلة أو الزميل ولن أتردد في مساعدة أي باحث عن المواد للوقوف فعلا على مصداقية هذه الأفكار وحتى حرفية بعض الكلمات الواردة فيها.
أصبت يا أستاذ ضياء أبو سلمى , نحن في أزمة في التعامل مع التاريخ بموضوعية وايجابية , لأن الموضوعية والايجابية هي الطريق الأفضل لبناء مستقبل أفضل .
توجد فوارق بين الزعماء , الا هذه الفوارق لست أساسية , وصلاح الدين له انجازاته خاصة العسكرية , ولهو كبواته خاصة الانسانية , ولا يجوز الحكم عي شيئ الا في سياقه الزمني , أي انني لا أستطيع مقارنة صلاح الدين وحضارة ماقبل 900 سنة مع حضارة اليوم في القرن الحادي والعشرين .
بشكل عام لافائدة من الضياع في نشوة المديح والمفاخر, , لأنه من الطبيعي أن يقوم القائد أو الرئيس بالأعمال الجيدة ..انها مهمته وواجبه , ولا لزوم لتأليههه من أجل ذلك , كما ان قيام رئيس أو قائد بواجبه الطبيعي لايعتبر مفخرة مميزة , الا في عصر ندر به ماهو طبيعي , وعصرنا الحالي فقد الطبيعية , وقد يمكن لهذه النقطة الأخيرة تفسير بعض أشكال تصرفاتنا تجاه اولياء الأمر.
السؤال الأساسي هو التالي , هل أدت شخصية سياسية أو عسكرية أو غير ذلك دورها بشكل مقبول ؟ أو انها لم تؤد دورها بالشكل المقبول ؟, أظن على أن الباحث الحيادي المعتدل لايعطي الزعماء العرب من أول خليفة حتى عصرنا الحالي علامات جيدة , وللرسوب في امتحانات التاريخ العديد من الأسباب , ومعظم هذه الأسباب دينية المنشأ , ذلك لأن الحاكم كان ولازال حتى هذا اليوم ديني النصف وديكتاتوري النصف الآخر , ولا مجال مع هذا الخليط من الديتاتورية والدينية الا ان يتحول الانسان الى شاعر بلاط او الى سجين , وفي كلا الحالتين يرتكب الديكتاتوري الديني خطأ بحق التاريخ وواجباته , الحاكم لم يصنع تاريخا جيدا , وانما صنع الدمى والدميمين , استعبد وصنع العبيد , وعلى هذا الجانب يجب التركيز , ونقد هذا الجانب ليس تشهيرا , وانما ضرورة ماسة , والنقد يقود الى خلق المقدرة على التمييز بين الخير والشر, اريد خيرا لكل البشر , ولا أريد شرا لأحد .
أظن على انه توجد موافقة شبه جماعية على تقييم الوضع الحالي بأنه وضع شرير , وذلك بغض النظر عن أسبابه ومسببيه , وأظن أيضا على أن عدم المقدرة على تفكيك التراث ورؤيته بعين ناقدةهو من أهم أسباب الشر الحالي , يجب أن نقول للأعور انك أعور وللسارق انك سارق وللمجرم انك مجرم , ولصلاح الدين أيضا انك مخطئ , وأخطأت في حرق المكتبة ..أخطأت في تجويع السهروردي حتى الموت . والهدف هنا تلافي هذه الأخطاء , ومن منا لايخطئ .
أرى ان الأخطاء تتكرر , وأرى ان تفكيكنا للتاريخ مأزوم بأزمة الفخر والنشوة الطاغية على كل شيئ تقريبا , وأرى انه من الخطأ التعامل مع الخطأ وكأنه غير موجود , وأرى اننا لم نتعلم من الأخطاء ماهو كاف , ثم اني أرى على أننا مستمرون في ارتكاب الأخطاء , وهذه هي الكارثة , التي جعلت وضعنا كارثي , اننا نحتاج الى صلاح الدين الجديد , الذي يقوم بانجازات ايجابية أفضل من انجازات صلاح الدين القديم , وصلاح الدين جديد لايرتكب أخطاء القديم , هل في واقعنا شيئ من هذا القبيل ؟
لم يفهم العروبيون لحد الآن , على أنه يوجد في سوريا شعوب متعددة , وذات أصالة اعمق وأنقى وأجدر من الأصالة العروبية الحجازية , ولست هنا في سياق تقييم الأصالة والجدارة .
تتفاوت مكونات المجتمع الشعبية , أي شعوب المجتمع , في العديد من المجالات , والهدف دائما في الدولة الديموقراطية هو السعي الى ازالة التفاوت ,وليس الى الغائه بالكلمات والفرامانت , أو الى طمسه أو تذويبه في محاليل الشعوب الأخرى , ولا أعرف المنطق الذي يقف وراء محاولة العروبة تصدر الموقف واذابة الجميع في محاليلها , ففي روسيا على الأقل 50 شعبا ومئة لغة , وقد تضمن الاتحاد السوفييتي أكثر من الشعوب وأكثر من اللغات ,و لم يسمى الاتحادالسوفييتي نفسه الاتحاد السوفييتي الروسي , الا في بلادنا فالأمر يختلف وعقارب الساعة تدور الى الوراء , حيث علينا العيش تحت المظلة العربية ,ولا يمكن تبرير ذلك الا بشعور الأعراب بنوع من التفوق , وهذه هي العنصرية , التي لايقبل بها متمدن أو عاقل , ولا تستطيع الأحزمة العربية وحديثا الأحزمة المذهبية تقديم الحماية الكافية للعروبية في محاولتها خنق الكردية ..حاولت وفشلت , وفي العراق قادت الشوفينيةالعروبية الى نوع من الاستقلالية الكردية, وفي السودان انشطرت الدولة بفضل عروبية البشير الى شمال وجنوب , والحبل على الجرار , ولا نهاية للانشقاقات التي كان للعروبية الدور الأهم في تسبيبها .
أحد الشروط لقيام ديموقراطية موحدة علمانية هو ازالة الطغيان الشخصي أو الأممي , وفي تسمية الدولة الجديدة “عصبة الأمم المتحدة السورية ” الكثير من الواقعية , والأكثر رقيا ولطفا هو “جمهورية الأمم السورية المتحدة” كما هو حال الهند أو الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية , وحال العديد من الدول الكبيرة والصغيرة , واذا اراد العروبيون الانشقاق وتكوين دولة “عربية ” عرقية صافية فليكن لهم مايريدون ..انه حق تقرير المصير الذي على العرب التنعم به ..يجوز لهم مايجوز لغيرهم ديموقراطيا .
السيدة “الديمقراطية,” نسرين عبود، التي ما توقفت لحظة واحدة عن الذم والقدح في “لا ديمقراطية” “النظام” السوري وحزب البعث وو.الخ..ها هي تكتب لنا مايلي ” لم يفهم العروبيون لحد الآن,على أنه يوجد في سوريا شعوب متعددة, وذات أصالة اعمق وأنقى وأجدر من الأصالة العروبية الحجازية” فهي إذا تؤمن أن ثمة شعوب أعمق و “أنقى” و “أجدر” في سورية أليس موقفا كهذا عنصريا ومعاديا كل المعاداة لكل ما تجسده الديمقراطية قولا وفعلا؟؟؟ كيف تنتقدين أمرا وتأتين بمثله؟ بل بما هو أبشع منه (لأن العنصرية أبشع ما أنتجه العقل البشري المريض)– وأنا هنا لست بصدد الدفاع عنه أبدا- لأن البعث ونظامه السوري على الأقل( خلافا “ربما” لنظامه العراقي وممارساته) لم يقل أن العروبة عرق ولم يقل لا “أنقى” ولا “أجدر” لكنه قال أن العروبة أولا ثقافة لمن يحبها و “يتكنى” بها وبلغتها (أي لمن يختارها ثقافة عن حبّ ووجدان مثل البيروني العالم الكبير من العصور الوسطى الذي كان يقول”لأن أشتم بالعربية أحب إلي من أمدح بغيرها!! ) و ثانيا تاريخ وماضي. وأرجو أن لا “ينط” أحد على ما أقول ويأخذ بالردح علي ولي ويظهر عقده المبررة والغير مبررة من البعث ونظامه السوري لأنني فعلا لا أدافع ولا أبرر بل أقول بموضوعية رغم اختلافي الفكري الجوهري مع البعث حيث أنني أقولها وبكل فخر أني فكريا أقرب الى فكر القومي السوري مع تعديلات تنفي عنه أخطر سمة فيه وهي “الدينية البنيوية في بنيته” أي البناء الفكري في بنيته أقرب الى الدين أو كأنه دين وهذا ما أرفضه في تنظيره العقائدي بما يماثل شيئا من البعث. أما النكتة المثيرة بحق من السيدة الديمقراطية نسرين عبود فهي أنها تنهي حديثها بعد “أنقى” و”أجدر” بالقول: ” ولست هنا في سياق تقييم الأصالة والجدارة.” هل يا عزيزتي نسرين تقرئين جيدا ما تكتبين؟ هل تعرفي ما “الديمقراطية” قبل أن تنادي بها؟ والأهم هل أنت فعلا ديمقراطية أم انه مجرد موقف يقوم في جوهره على مبدأ “نكاية فيك يا طهارة”؟
أبو سلمى يسأل اذا كان القول , “يوجد في سوريا شعوب متعددة , وذات أصالة أعمق وأنقى وأجدر من الأصالة العربية الحجازية “وأنا أجيب :
من المؤكد على أن الشعوب السورية تختلف في أصالتها وخواصها وجدارتها عن بعضها البعض , فمنها ماهو قديم جدا كالفينيقية التي اعتنت بالأحرف وبالكتابة , ومنها ماهو أحدث زمنيا كالعربية التي اعتنت أكثر بالحروب والاحتلال , والعبارة لاتتضمن أي تحديد ..من هو أجدر؟ ومن هو أقل أصالة أو أكثر أصالة ؟ لذافان تعريف الشعوب بهذا الشكل لايمثل تفكيرا عنصريا, وانما تفكيرا علميا وتاريخيا وواقعيا , العنصرية تصبح واقعا مرضيا , عندما تريد مجموعة أن تستولي على هوية البلاد , بحجة ما .. كالقول ان العروبة هي هوية سوريا واسمها الجمهورية “العربية” السورية , وليست الجمهورية “الكردية “السورية !! والحجج التي تريد العروبة بها تبرير استيلائها على هوية الوطن مختلفة جدا ..اهمها الادعاء بأن التاريخ العربي هو التاريخ الذي صبغ سوريا بصبغته ..الخ, حقيقة لايوجد أي تبرير مقبول من الآخرين , والدافع للاستيلاء على الهوية , هو دافع عنصري باثولوجي , وهو نفس الدافع من حيث الآلية , الذي يريد تعريف سوريا بأنها سوريا الأسد والجيش السوري هو كتائب الأسد ..انه استيلاء على الهوية بالعنف وبحد السيف , ولم يفوض أحد حزب البعث باطلاق اسم الجمهورية العربية على سوريا , ولم يفوض أحد اطلاق اسم سوريا الأسد على سوريا وعلى الجيش كتائب الأسد , فسوريا ليست جارية تباع وتشترى , وسوريا ليست مزرعة لأي انسان , انها ملك مواطنيها , وهي وطن ل 23 مليوب انسان , ولا أقبل أن يقول أي سوري على أنه “سوريا” , ولا أقبل أن يقول أي انسان على أن زواله يعني زوال سوريا , سوريا هي كيان بشري وتاريخي لايتضمن فقط القرداحة والعائلة , وانما ماري وأوغاريت وتدمر والأموية الدمشقية والكرد والسريان والفنينيقيين والسوريين القوميين وأفاميا ونواعير حماه وسوق الهال والآرامي واليزيدي والعلوي والسني والمسيحي والأرمني واليهودي , والبيزنطية والسلوقية والرومانية ..الخ , اسم هذا الكيان هو “سوريا” فقط , ومن الممكن القول المملكة السورية أو الجمهورية السورية , وذلك حسب النظام الذي يريده الشعب السوري بأكثريته , حقيقة وليس تزويرا !!
لايهمني ماذا يقول البعث , وانما يهمني ماذا يفعل البعث , ولا علاقة لكون العروبة ثقافة أو غير ذلك باستيلاء العروبة على الهوية السورية , للشعوب الأخر أيضا ثقافة !
الحق كل الحق الى جانب أبو سلمى عندما يقول على أن أفضل من مثل سوريا سياسيا وانسانيا هو الفكر السوري القومي , والحق معه غندما يقول ان بنية الحزب السوري القومي ارتشحت بالفكر الديني التعبدي ..عبادة سعادة والتوقف عنده تطوريا وتاريخيا ..مصيبة المصائب .
لم أكن في سياق تقييم الأصالة والجدارة , ولم أقييم , انطلاقا من الموقف الذي يقول , لافائدة عملية من التقييم ..سيان ان كان هذا الشعب أكثر أو أقل أصالة من الشعب الآخر , فلا علاقة لقلة الأصالة أو كثرتها بحتمية المساواة بين فئات وأفراد الدولة السورية , وتحقيق العدالة الاجتماعية لهم جميع دون أي تفضيل أو تفريق ودون السماح لأحد أن يستولي على أي شيئ في الوطن ..كالهوية أو الجيش أو المال العام , وأظن على أنه باستطاعة أبو سلمى العثور على بعض الديموقراطية في هذا الطرح
عزيزتي السيدة نسرين: أما أنك لا تعرفين القراءة أو أنك لا تريدين القراءة أو أن حالة مسيطرة عليك جعلتك تظنين أنك “ديمقراطية” بنفس الطريقة التي جعلتك تظنين أني أسأل أن كان “يوجد في سوريا شعوب متعددة , وذات أصالة أعمق وأنقى وأجدر من الأصالة العربية الحجازية “ ولكن القراءة لما كتبت لا تطرح أبدا سؤالا كهذا!! أرجوك تعلمي أن لا تقوليني ما لم أقله عبر قراءتك “الدرويشة ” لما يكتب شبيهة بدروشة فهمك للديمقراطية وعدم انسجامها مع العنصرية! العنصرية والديمقراطية لا يجتمعان أبدا يا عزيزتي!! كنت أتمنى أن يكون لدي متسع من الوقت كي أشرح لك الأمر أو أن أسهب فيه نظرا أننا نمر بوقت امتحانات جامعية تستهلك معظم الوقت. عودي لما كتبته وأعيدي قراءته مرة ثانية!