رسائل الرئيس وأجوبتها , أين هي المشكلة ؟

بعد خطاب الرئيس الأخير  توقع  البعض ما نلمسه  ونشاهده  ونسمعه  الآن , ماقاله السيد الرئيس نفذه بحذافيره , لقد توعد بصنع المجازر  , وصنعها  , والأرقام تبرهن عن ذلك , فيوم أمس بلغ عدد القتلى رسميا 150 قتيل , ومن المنطقي أن يكون العدد الحقيقي  أضعاف هذا العدد  , أي أننا بألفية القتلى يوم أمس  ,هذا عدا الخراب  المادي , وعن الخراب السياسي  , الذي يلغي أي صيغة للحوار , ويؤكد على أنه ليس للسلطة   من هدف أهم من هدف التأكيد على سلطانها ,   وذلك مهما كلف الأمر ,  حيث   تظن السلطة  انه بامكانها عن طريق أبواقها  الغاء  كل مسؤولية عنها في ممارسة الاجرام,  الأبواق تقول  ان السلطة تقوم بواجبها   الأخلاقي والشرعي في حفظ الأمن   عن طريق الحل الأمني   , ثم ان كل  قتل وتخريب هو من صنع العصابات المسلحة  الارهابية , ولا علاقة للسلطة بأي من هذه الأعمال المنكرة ..بريئة برأءة بيلاطس من دم المسيح .

بعد الخطاب  حدث الكثير  , وآخر ماحدث كانت زيارة وزير الخارجية الروسي  مع  رئيس  مخابراته , حيث قطع الرئيس  الوعد  بانهاء ممارسات العنف أيا  كان مصدرها  ثم تنفيذ بنود المبادرة العربية الأربعة  ,  من سحب الجيش  واطلاق سراح المعتقلين  والسماح للصحافة العالمية بالدخول الى  البلاد ثم البدأ بالحوار  مع المعارضة . لم يحدث  ماتم الاتفاق عليه , والسلطة قالت  انها نفذت  الحيز الأكبر من تعهداتها  الأربعة  , وبالحقيقة لم تنفذ السلطة الا التوقيع على الاتفاقية مع الجامعة العربية  , حيث لاتخضع الالتزامات والتعهدات الى منطق النسبية , كالقول  لقد نفذنا 20% من بنود الاتفاقية ..التنفيذ يعني   كامل التنفيذ  , وليس جزءا منه  , لأن تعريف “الجزء “مطاط   وهلامي  , وهكذا انتهى  عمل المراقبين وأعلنت الجامعة فشل مهمتها , ولهذا الاعلان والاعتراف   أسباب وجيهة , منها تصاعد عدد القتلى يوميا تحت اشراف المراقبين  وزيادة حدة العنف  .

اللجوء الى مجلس الأمن   تعقد بالفيتو الروسي -الصيني  وبتصاعد العنف والقتل  الذي بشر به الرئيس  وطبقه , تأزم الوضع   , وانفرج  نسبيا بعد تعهد الرئيس المعروف أمام وزير الخارجية الروسي , ومنذ هذا التعهد تشهد البلاد تصعيدا كارثيا  للعنف والقتل  , من خمسين قتيل  الى مئة  ثم الى مئة وخمسين   وهكذا   تصاعديا , وهكذا يمكن القول  ان المعنى العملي لما تعهد به الرئيس  نظريا , هو تصعيد  القتل   , الا أني لم أفهم عبارة الرئيس  بالشكل الذي تجري به ترجمتها على الأرض الآن, ظنيت , وبعض الظن اثم , على ان التوجه الآن أصبح سلمي , ولم أظن اطلاقا  على أن هذا الوعد عبارة عن خداع , لقد وطدت الترجمة الاجرامية لوعود الرئيس  الشعور بعدم الثقة بما تقوله الرئاسة , لاشيئ جديد بعدم الثقة , انها ظاهرة تتزايد منذ أربعين عاما , ظاهرة قادت الى الانفجار !

وعود الرئيس  وتطبيقات هذه الوعود  على الأرض  , هي عبارة عن رسائل  الى الشعب السوري  , والى كل معارض للسلطة , رسائل  يمكن وصفها بالعديد من الكلمات  , من هذه الكلمات  كلمة “دموية”  ,انها بالواقع رسائل  دموية  ,  لأن ترجمة الرسائل  تترافق مع مزيد من الدماء ,التي سببها أيضا   الجواب على هذه الرسائل , فالجواب كان دموي أيضا  , وهذا ماتبرهنه  أحداث حلب الأخيرة ..تضربني  على الخد الأيمن , أضربك على الخد الأيسر  , تقلع عيني , أقلع عينك .فالى  أين مع تقليع العيون  وبتر الأطراف  وتقطيع الرؤوس , والى أين مع  تسليط  المدافع على  الأحياء  والى أين مع التوحش ؟ , وظن الرئيس بجدوى مايقوم به  , هو برهان على صحة مايقال عنه ..الرئيس ليس جزء من المشكلة  , وانما هو المشكلة برمتها

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *