الاستفتاء غدا

لقد كان بامكاني   التعرف على مواد الدستور الجديد  أيام بعد صدوره , والمفاجأة الكبرى كانت بتعيين يوم غد 26-2-2012  كموعد للاستفتاء على الدستور , فأين هي الحكمة من تقليص مدة دراسة وفهم وتحليل الدستور الى حوالي عشرة أيام , ثم القول  , ان  تطبيق الدستور خلال الثلاثة سنوات القادمة ليس الزامي  , في السنوات اثلاثة القادمة يبقى كل شيئ على حاله , , ولو قيل على أن الدستور الجديد سيطبق بدءا من يوم 1-3-2012  , لفهمت العجلة في الاستفتاء عليه .

العجلة  غير ضورورية اطلاقا  ,والاستفتاء بهذا الشكل غير اخلاقي, ولا يهدف  حقيقة الى “الاستقتاء” وانما يريد التلاعب  بارادة الموطن  وتزييف هذه الارادة .  السلطة تطلب ابداء الرأي حول مشروع دستور , لم يقرأه المواطن , ولا يستطيع المواطن فهمه بتلك السرعة ,

للعجلة في الاستفتاء اسباب عدة  , منها استفراد المواطن  , حيث تتبع السلطة نفس السياسة  في علاج الأزمة الحالية …تريد استفراد الشعب , وتهذيبه كما تريد وتشاء ..دون تدخل أحد ودون علم أحد , والاستفراد في الاستفتاء   يختلف بعض الشيئ عن الاستفراد في التأديب والتهذيب  , العجلة تهدف الى  استسباق  تكوين الآراء الجماعية   عن طريق المجموعات السياسية  , حيث لايوجد وقت للتشاور ولا يوجد وقت  لصياغة موقف مشترك من  الدستور , انها سياسة  منع المواطن من ممارسة السياسة  , وهذا المنع مستمر منذ أربعين عاما .

الخداع في هذا الاستفتاء يكمن في أمور أخرى , توجد احصائية تقول  ان حوالي 17% من الشعبالسوري  منشغل بأمور الثورة  وأطيافها المختلفة ومشاكلها وهمومها  , وهل يعقل ان يذهب حمصي أو حموي  الى الاستفتاء في  البلدة التي هرب اليها , نصف سكان حمص  غير متواجدين في حمص , ولكي  يستطيعون ممارسة واجباتهم المدنية  , يجب عليهم التوجه الى صناديق الاقتراع المخصصة لهم  في أحيائهم ومدنهم , وهل هذا ممكن الآن  في ما لايقل عن نصف الجمهورية السورية ..درعا ..ادلب ؟؟ريف دمشق .الرستن  ..جسر الشغور ..جبل الزاوية.. دير الزور .البوكمال ..وغيرذلك من المناطق . كل هؤلاء لايستطيعون  ممارسة الاستفتاء  ,  أي ان معظم مناطق المعارضة لاتستطيع ذلك , وبالتالي  فان نتائج الاستفتاء معروفة ..98% من الشعب مع الدستور الجديد  , حيث يقال بعدها 98% مع الرئيس  , وقد يكون العدد المطلق  لمن شارك في الاستفتاء لايتجاوز مليون مواطن  من أصبل أكثر من 14 مليون مواطن , اضافة  الى ما لايقل عن 8 مليون مهاجر  منهم 4 مليون  ناخب ..الخ  النسبة 98% هي النسبة المشتقة من مليون  وليس من 20 مليون .

المدة التي توفرت للمواطن قبل الاستفتاء هي مدة غيركافية للقراأة  وليست كافية للنقاش ,وليست كافية  لتكوين رأي جماعي  , واستفتاء بهذه الظروف  على دستور  صاغته لجنة مكلفة من الرئيس , وليس من جمعية تأسيسية , هو ضرب من ضروب الخداع ..نوع من أنواع التذكية   اوالمبايعة , التي تعرف عليها الشعب مرة من تاريخ الخلفاء ,   ومرة  أخرى من تاريخ الأربعين سنة السابقة .

ممارسة الاستفتاء هي أمر شكلي ,  المهم بالاستفتاء هو تأمين  غطاء دعائي  للاستمرار  في  الوضع الحالي  ثلاثة سنوات على الأقل  ..وفي هذا الوقت  يخلق الله ما لاتعلمون

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *