سجناء رأي , وسجناء بلا رأي !!

ليس من الخطأ التذكير  بمساجين العقود الأربعة الأخيرة  ..مساجين  ما يسمى الرأي , هؤلاء الذين قضوا في السجون سنين ,  وأنا أعرف ان هناك في سوريا سجناء   ومحبوسيات لعشرات السنين  بسبب الرأي  ,  الا أني  لم  أكن أتصور  أن السلطة  وأبواقها  على تلك الدرجة من الصفاقة , التي تسمح لها بالحديث عينك ..عينك ..عن سجين رأي (جريدة الوطن تحدثت هذا اليوم عن اطلاق سراح  سجين “الرأي” نجاتي طيارة , وتحدثت عن  عدد غير معروف من سجناء الرأي ),أي انه من الممكن للانسان السوري أن يغيب في غياهب السجن  لمجرد تبنيه لرأي آخر  لايتطابق مع رأي السلطة , هذه السلطة  التي تريد الآن قيادة عملية الاصلاح  ..يا للعار !!! ,وكأنك  تطلب من  اللصوص  مكافحة السرقة , ومن القتلة مكافحة القتل , ومن المهرب مكافحة التهريب  , ومن المهرج الالتزام بالجدية ..يا للعار !!

سلطة  تعتبر نفسها شرعية  , ولا أريد هنا فتح باب النقاش حول الشرعية أو اللاشرعية ..اذ أن هذا النقاش عقيم  مع سلطة  تبوح  بعزمها  على التسلط والتسلبط , لطالما تستطيع ذلك بقوة البندقية …سلطة تكتب على لافتات معلقة  على الكثير من جدران دمشق ..أنا مع القانون !! همي همك ..الخ  , والسلطة , التي هي مع القانون  لم تقرأ هذا القانون , ولم تكلف نفسها عناء  التعرف على مضامين المادة 25  , والتي  تقول ان الحرية  حق مقدس  , حيث تكفل الدولة  حرية المواطن الشخصية  وتكفل المساواة  بين المواطنين  بالحقوق والواجبات, والمادة 26  , التي تؤكد حق المواطن  في الاسهام في الحياة السياسية  والاقتصاديةوالاجتماعية والثقافية , والمادة 28 التي تقول ان المواطن بريئ  حتى يدان بحكم قضائي ..والعكس  حدث مع السيد نجاتي طيارة , اذا حكمت المحكمة الجنائية  في مدينة  حمص بالبراءة ,    وأمرت باطلاق سبيله , فما كان من المخابرات الجوية  الا أن اقتادته مكبلا بالسلاسل  من ماخور اعتقال الى ماخور  اعتقال آخر ..حيث نال من الركل والضرب والتعذيب ما لايوصف  , وذلك على الرغم من أن المادة 28  من الدستور تقول , انه  لايجوز تعذيب  أحد جسديا  أو معنويا  أو معاملته  معاملة مهينة   ويحدد القانون عقاب  من يفعل ذلك  ..

اقتصار التذكير بسجناء الرأي على المواطن المتواجد في ماخور التعذيب والاهانة والاغتصاب ’, يمثل الجزء الضئيل  من مساجين الرأي   ,   الجزء الأكبر هو الشعب بكامله  , والذي يقبع  في سجن أكثر ظلما وظلمة من سجن  رياض الترك أو ميشيل كيلو أو مشعل التمو ..أو غيرهم …الشعب سجين في سجن مؤبد , والفرق بين هؤلاء وبين سجناء الرأي , هو انه ليس للشعب رأي ..هناك سجناء  رأي وسجناء بلا رأي ..سجناء الصمت القسري , سجناء الخوف من الاعتقال والتعذيب ..سجناء الفقر الذي ألم بهم والاهانة التي لحقت بهم , والسجانون  ليسوا فقط  افراد الأجهزة الأمنية والمخابرات والفرق الخاصة والأمن السياسي والأمن العسكري  والأمن الحزبي  والشبيحة  التي تحمل ادوات القتل والاعدام الميداني عينك ..عينك , السجانون هم أيضا  أبواق النظام  ومروجي الحروب الأهلية  ..هم خالد العبود  وهم نضال نعيسة  وهم أبي حسن  وهم طالب ابراهيم  ..الخ , انهم  اللصوص  الذين  سجنوا الشعب في سجن الفقر بسبب سرقاتهم ..انهم رامي مخلوف  وشاليش والغريواتي  وحمشو  .انهم محمد مخلوف  وعاطف نجيب  والعائلة الحاكمة برمتها  ..من صغيرهم الى كبيرهم .. السجان ليس فقط من رفس البشر في قرية البيضة , وانما من رفس القانون  بحذائه  ومارس الفساد والسرقة  , ومن مارس الدجل الدعائي  بالقول ..أنا مع القانون ..فعلا انهم مع القانون ..مع قانون الغاب  وليس مع قانون دولة تريد  أن تكون حرة   وديموقراطية …فالدولة الحرة , هي الدولة التي تحترم حرية المواطن ..أين نحن من احترام حرية المواطن ؟؟؟ أسفي على وطن تأكله الضباع !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *