منذ سنين , والمواطن السوري يسمع بالشبيحة ويعاني أيضا من الشبيحة , ولا لزوم اطلاقا للاستفاضة في البحث عن موجبات اطلاق اسم الشبيحة على الشبيحة , الذين تحولوا في الفترة الأخيرة الى” متطوعين ” , فالسلطة لاتقول انها تجند الشبيحة ,وانما تقول على انها تتقبل طلبات التطوع لخدمة الوطن من مواطنين شرفاء , هم الشبيحة , وضعوا كامل امكانياتهم في خدمة الوطن ..روحهم ودمهم في خدمة الوطن , الذي هو الرئيس أو السلطة ..
بمناسبة اكتشاف تزوير فج من قبل الاعلام السوري (day press) , أساسه قلب مضمون مقابلة مع أدونيس رأسا على عقب , وتشويه ماجاء بها بشكل لايمكن تصوره ,أحببت القاء بعض الأضواء على مايسمى “الشبيحة الاعلامية ” , واستعمال هذا التعبير يعود الى عزمي بشارة ,وهذا التعبير يريد التدليل على ظاهرة التشبيح في الاعلام , بعد أن تطور التشبيح من انشاء مراكز التهريب والموانئ الخاصة به على الشاطئ السوري , الى عمليات السرقة والسطو , ومؤخرا الى “التطوع ” لخدمة الوطن , ولا أريد هنا بحث التناقض بين كينونة الشبيح الاجرامية , وبين مقدرة الشبيح على التطوع لخدمة الوطن .وذلك لأن الشبيح لايعرف من وطن الا وطن السرقة والنهب واللاقانونية .واستعمال الكلام الفصيح الصريح الواضح يسمح بالقول , على أن السلطة تستعين من أجل اخماد الثورة بقطاع الطرق , وهذا لايعني على أنه ليس للثورة أيضا قطاع طرق , ولا يعني على أن الوضع الأمني المتردي لم يفرز قطاع طرق مستقلون عن السلطة وعن الثورة …
للتشبيح الاعلامي معالم وخواص , وفهم المعالم والخواص يمكن له أن يتم عن طريق تقديم امثلة أو حالات توضيحية .. وأول شبيح اعلامي مهم كان أحمد سعيد في حقبة الخمسينات والستينات , حيث قدم برنامج أكاذيب وحقائق , ومن ضمن” الحقائق “التي قدمها كان اعلان انتصار الجيوش العربية في حرب 1967 , بينما كان الجيش الاسرائيلي يدمر هذه الجيوش تدميرا كاملا ..والسنين بعد ذلك عرفت الكثير من التشبيح الاعلامي , الذي لم يطلق عليه اسم “تشبيح” , أتذكر الشبيح وزير الاعلام العراقي الصحاف, الذ استخدم اسلوب أحمد سعيد في التشبيح , ومؤخرا الشبيح الاعلامي موسى ابراهيم الناطق باسم الخارجية الليبية , ثم مؤخرا مجموعة من الشبيحة السورية الاعلامية وعلى كرسي قيادة الشبيحة الاعلامية السورية يجلس بدون منازع الدكتور طالب ابراهيم , الذي قال الكثير , الا أهم ماقاله حسب رأي كان الافصاح عن عزم سلاح الجو والبحر السوري فرض حصار جوي على منطقة شرق وغرب المتوسط ..من كازابلانكا الى ايران ..من المضيق الى الخليج , وسعادتي كانت كبيرة , لأني لم الاحظ على أن جهة عالمية اخذت تشبيحات طالب ابراهيم مأخذ الجد , وان ذكرنا طالب ابراهيم , فعلي ذكر شريف شحاذة , ومن يذكر شريف شحاذة عليه بعدم تجاهل اساتذة الجامعات منهم الدكتور بسام العبد الله ومنهم د. فايز عز الدين , د. فايز صوان , ومن الجامعة الى مجلس الشعب حيث نجد نجم المصارعة الاعلامية وفقيه اللغة العربية الدكتور خالد العبود وأنس الشامي وغيرهم .
ذكر الأشخاص لايسمح بتجاهل هيئات التشبيح والسلطة السورية هي السلطة الوحيدة في العالم , التي تتبنى ” جيشا ” “للقرصنة الاليكترونية , الذي يقرصن المواقع الاليكترونية ويخرقها ويبث اخبارا دعائية لصالح معلمه أو معلميه , ثم الدخول في الفيس بوك , ونشر الصور والدعايات , ويقال ان الجيش الاليكترون ينشر عامدا متعمدا صورا بشعة لبعض المدنيين من الذين عذبهم أو قتلهم الجيش , وذلك بقصد الترويع وتخويف المواطن .
من اهم ممارسات التشبيح الاعلامي هو ماتقوم به فضائيات محلية من ترويج لأمور افتراضية ..كثر الحديث قبل شهور عن المندس , والآن اختفى المندس ,الحديث لايتوقف عن العملاء والمخربين حيث يزف موقع سوري كل يوم انباء عن العصابات المسلحة , التي بقودها لؤي حسن وبرهان غليون وياسين الحاج صالح وحسن عبد العظيم وغيرهم .
كل ماذكر باستثناء تشبيحات طالب ابراهيم , يتصف ببعض الذكاءالغريزي , أما ماقام به دي برس من تشويه للمثابلة وتزوير لها يفوق كل وصف ..
كلمة أخيرة عن آالية انتقاء الشبيح , فالشبيح يجب أن يكون أولا غبي , وقوة جسمه تتناسب عكسيا مع قوة عقله …الشبيح يمارس الولاء المطلق لزعيمه , الذي يسمى المعلم , والشبيح لايتورع عن القيان بأي شيئ ..قتل وسلب ونهب وتعذيب ..لكل ممارسة سعرها , والخدمة لمن يدفع .
بقي سؤال مهم , وهو : كيف تم ارتشاح معظم مؤسسات الدولة السورية بحضارة التشبيح ؟ والتشبيح شمل أيضا القطاعات الخاصة , وحتى الانسان السوري أصبح بشكل عام شبيح … قاس ..عنيف ..قابل لاتكاب أي حماقة من أجل مصلحته المادية ..ضعيف الأخلاق غير مثقف , سياسيا ميت ..متملق مرائي .. مخادع وخانع ..وليس لكل هذه الصفات أي علاقة بطبيعة الانسان السوري ولاديا ., هذا الانسان كان قادرا على صنع حضارات متألقة , سبب التطبع المذكور هي التربية التي كان على الانسان السوري أن يتلقاها من سلطة مهيمنة مستبدة بدائية ,بها تتمثل كل خواص ومعالم التشبيح , ومن هنا لاعجب من تشبيح الانسان السوري ومن تشبيح مؤسساته .