لماذا الثوابت ؟؟ ومنذ أبن رشد وديكارت يقال لايوجد ثابت الا العقل , وما يقررهة العقل هو الثابت مرحليا , وذلك حتى يقرر العقل شيئا آخر , والرئيس في خطابه الأخير تحدث عن الثوابت ,الا أن ماسماه “ثوابت” لايسمى “ثوابت ” في علم الاجتماع وعلم السياسة , لقد اختذل الرئيس ” الثوابت” القومية الكلاسيكية! , ومسخها منتجا منها خطوات سياسية مرحلية , حيث ذكر من الثوابت مواقف محدودة, مثل دفاع سوريا عن لبنان 1982 , ثم القيام بحرب تشرين عام 1973 ومساعدة المقاومة في عام 2006 وعام2008 ..هذه ليست ثوابت , وانما خطوات تنفيذية ذات علاقة بموضوع سياسي معين وعابر.
اضافة الى ذلك فموضوع “الثوابت “بشكل عام , هو موضوع مرعب في تأخريته ودينيته , حيث لافكر في الثوابت , لأن الثوابت لاتستلزم التفكير , انها أمور قطعية , والفكر هو نتيجة للتفكير , , ووجود الانسان مرتبط بالفكر الناتج عن التفكير ..أنا أفكر , اذا أنا موجود , ولما كان تناسب التـاخر الفكري مع كثرة الثوابت طردي, قلت في مناسبة أخرى ,على أن الدين خال من الفكر , وذلك لكون الدين مؤلفا من ثوابت , وحال الدين كحال القومية , التي تكثر فيها الثوابت , اذ قد تصبح خالية من أي فكر , وهذا حال القومية العربية على سبيل المثال , حيث لم تنتج الا الخراب , وذلك لأنها لافكر لها , لأن الثوابت لاتسمح لها بالتفكير .
فالأحداث التي أطلق عليها سيادة الرئيس اسم الثوابت , والتي يقال أنه دفع ثمنها , غريبة جدا , انها في أحسن الأحوال اهدافا سياسية ضيقة جدا ..كأن يقال ..لقد ساعدنا المقاومة الفلسطينية ..عمليا يعني هذا ساعدنا حماس وحاربنا فتح , وهل مساعدة حماس ومحاربة فتح في الحصيلة مساعدة للمقاومة الفلسطينية , وهل حماس هي الممثل الشرعي لكامل الحركة الفلسطينية ؟؟, ثم عن حرب 1982 ..وكيف انتهى الدفاع عن لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية ؟ لقد انتهى بنزوح حركة التحرير الى تونس وبمذلة الهزيمة , التي لحقت بمن حرض على هذه الحرب الغير مدروسة وبمن خاضها ..ولطالما لم تؤد الحروب التي سماها الرئيس ثوابت الى استرداد بعض الأمتار من الأرض والكرامة المسروقة , لذا يمكن القول انه دفع ثمنا من أجل لاشيئ , وبالواقع لم يدفع الرئيس شيئا , الشعب هو الذي دفع الثمن الباهظ من أجل لاشيئ .
السيئ في التاريخ العربي بشكل عام هو الوهم و نوع من التثبيت على قيم وأهداف وطموحات وهمية , دفع الشعب ثمنها دما ومالا ووجودا وذلك حقيقة ..السعر كان حقيقي والطموح لم يكن الا وهما , وقصة دفع الرئيس لثمن الوهم هي من أكبر الأوهام , لقد خاضت الأمة العديد من المعارك تحت شعارات ورايات وأهداف مختلفة ومتعددة , وتحت قيادة أنظمة خلطت الأوراق بهلاوانيا , بشكل أداخ المواطن , الذي لايعرف لحد الآن بشكل قطعي , ان كنا قد انتصرنا أو انخذلنا في هذه الحروب المكلفة .. المواطن لايستطيع التفريق بين النصر والهزيمة , ولا بين التحرر والاستبداد ..دائخ حائر هائم , لايعرف مايكفي عن مفهوم “الهوية ” ولا عن الأهداف الوطنية ..التي يسميها البعض مزاجيا أحيانا ثوابت , وبعد فترة تسمى خيانات , وكل هذا الغموض أدى الى شعور المواطن على أنه يخضع في وطنه الى نوع من الاقامة الجبرية , وبالتالي ألى ضعف شعور المواطنة عنده .
التقرير الذي نشر في سيريانو تحت عنوان ..الأسد يدفع ثمن المس بالهوية .. يقول : “في ظل الرفض السووري لأي املاء يتصل بمسألة الصراع مع اسرائيل , انتقل الاستهداف المباشر الى الداخل السوري وفق مانشهده اليوم من أحداث دموية خطيرة ” وكاتب التقرير يريد هنا القول , ان الأزمة السورية هي من انتاج الحالة مع اسرائيل , ومن هنا نستطيع استنتاج العديد من الأفكار , اولا : الاعتراف بالفساد والأخطاء الداخلية كسبب للأحداث الدموية , هو اعتراف لفظي فقط , لا اعتراف حقيقي بوجود اخطاء , وثانيا : الوعد بالاصلاح هو وعد وهمي أيضا , ولماذا الاصلاح الداخلي اذا تعلقت المشكلة باسرائيل فقط ؟؟ , وما نشاهده عمليا منذ عشرات السنين يؤيد المفهوم السلطوي حول النقطة الأولى , ويؤيد وهمية الاصلاح الداخلي ..لم نر منذ سنين الا الوعود والكلام , عمليا يزداد الوضع سوءا .
اذا صدقت السلطة بوعودها بالاصلاح , فانها بذلك تعترف بالفساد وسوء الادارة كسبب للأحداث الدموية الأخيرة , وبذلك تصبح الفرضية التي أتى التقرير بها لاغية ,لا علاقة للأحداث الدموية برفض الاملاء بما يخص الصراع مع اسرائيل , وأي صراع هذا الذي تطبل السلطة له … ؟ فالجيش السوري لم يحارب اسرائيل مايقارب السنة الكاملة بشكل متواصل, كما يحارب الآن الشعب السوري منذ مايقارب السنة , ولم يبلغ عدد القتلى من الاسرئليين يوما ما عدد القتلى من المدنيين السوريين من الذين سقطوا برصاص الجيش ,وذلك مع العلم على أن الشعب السوري هو الذي يتحمل مصاريف الجيش التي بلغت نصف الميزانية تقريبا , وهو الذي يزود الجيش بالعنصر البشري , الذي بلغ عدد قتلاه رقما مرعبا ..الجيش ليس لقتل الشعب , والشعب ليس لقتل الجيش , ومن أوقع الجيش والشعب في هذه المحنة ؟؟؟ انها القيادة !
2/3 يتبع
المواطن العربي لايؤمن بمقولة أنا أفكر , اذن أنا موجود . وانما بمقولة أنا أفكر ,اذن أنا مفقود !