لقد راق لي التفكير بخصوص الثوابت , التي تربينا عليها , الثوابت مريحة جدا , لأنها تقضي على الحيرة والسؤال ,ولا لزوم لوجع الرأس آنيا عند التسلح بالثوابت , فوجع الرأس ياتي لاحقا وبكل تأكيد , لأنه عندما يصبح ماكان يسمى مسلمات أو ثوابت حول الهوية والوطنية والوطن والسياسة والمصلحة الوطنية خلال سنين فجأة غير مناسب من حيث القالب والقلب , تقع المشكلة العويصة , هنا لايوجد الا حلا من اثنين , اما لوي الرقبة والاستسلام الى الثوابت , أو الكفر بالثوابت , وكل حل له مشاكله العميقة , الكفر صعب , لأن باقي فئات الشعب قد لاتريد الكفر , ولوي الرقبة صعب , لأنه ليس بهذه السهولة يتقبل الجميع تقريبا لوي رقبتهم .
التأزم من خلال العراك مع الثوابت , هو تأزم عميق جدا , وما ينتج عن هذا العراك متطرف جدا بالنسبة للبعض , وليس من المؤكد ان تنجو دولة من الاندثار عند تعرضها الى العراك بسبب الثوابت … كما أن كثرة الثوابت تترافق مع قلة الحاجة الى التفكير والى ضمر الفكر كما ونوعا (كما قيل في مقال في سيريانو) , ثم انه على المروجين للثوابت محاولة الاجابة على السؤال التالي : ماهي علاقة الثوابت بالتطورالديموقراطي وتطور الحريات ؟
الثوابت ليست الباب الذي تدخل منه الديموقراطية بسهولة , وذلك لسبب بسيط جدا , وهو ان الديموقراطية هي وضع عليه التأقلم باستمرار , بينما تتطلب الثوابت التكلس والتحجر باستمرار, وموضوع الحرية التي هي حالة ديناميكية هو موضوع أكثر تعقيدا , وذلك لأن تحول الثوابت بعد انتهاء فترة صلاحيتها الى استعمار مؤبد هو أمر حتمي , الدين واستعماره للبشر بعد أن فقد صلاحيته هو مثال عن هذه الحالة.
الثابت الوحيد هو العقل وقراراته التي تختلف من آن لآخر , وكل ماينتجه العقل هو جيد ,ولا مشاكل مع الحرية عندما يكون العقل سيد الموقف , لأن العقل يحب الوقوف الى جانب الحرية التي تضمن بقاء العقل منتجا وعاملا , وشأن الديموقراطية لايختلف عن الحرية بأي شيئ .
اذا كان انقسام الأمة أمر سيئ جدا , لذا على هذه الأمة تجنب هذا الانقسام , وهناك من يقول , ان تجنب الانقسام يتم باختراع واختلاق الثوابت الي تجمع فئات الشعب على ثابت واحد أو أكثر , والتجارب على الأرض تتكلم لغة أخرى , الثوابت التي تجمع لفترة , تقود الى الانقسام والتشرذم لفترة أطول ,سبب ذلك عدم وجود ثوابت ترضى بها كل فئات الشعب طوعا , أي أن الأمر سيحدث قسرا , ولا يمكن لفئة من شعب أن تقسر فئة أخرى الى اللانهاية , الأزمة حتمية والانشقاق كذلك