الخطاب الذي سيصنع التاريخ !!!!!

الخطاب الذي ألقاه الرئيس السوري قبل أيام  طويل جدا  , ولا أدري ان كان أطول من خطابه  الثالث بتاريخ 20-6-2011 على نفس المدرج الجامعي أو أقصر  , واذا  استلزم الخطاب السابق  أكثر من 16 صفحة من القياس  الكبير ,  فالخطاب الحالي يستلزم  أقل من ذلك  أو أكثر!!, الا أنه بالتأكيد أقصر من أقصر خطاب ألقاه كاسترو  ,  , والشيئ الواضح من  هذا الخطاب هو عدم  تناسب المضامين طردا مع عدد الصفحات   , وأخشى أن يكون التناسب عكسي ,وفي حال حذف ماقيل  للمرة المئة تقريبا  ,  فسيكون التناسب عكسي بدون أي شك.

ما قيل في الخطاب لايصلح لصناعة التاريخ , كما  ادعت احدى الجرائد , جلابية من يصنع التاريخ فضفاضة جدا  على  خطاب سيادة الرئيس  ,   ولوكانت صناعة التاريخ تتم بخطب من هذا النوع , لما خرجت سوريا من التاريخ  , لما آلت الى ما آلت اليه … من يريد صناعة التاريخ  يتكلم بشكل آخر  ويتصرف بشكل  آخر   , وللعائلة الحاكمة منذ حوالي نصف قرن  توفرت عوامل عدة لصناعة التاريخ , منها  السلطة المطلقة  , ومنها الثقة , ثم عامل الزمن , الذي لايمكن الاستهانة به  (نصف قرن), الا أن صناعة تاريخ مشرق لم تحدث !!

الى جانب توافر العديد من العوامل التي  تمكن سلطة من  صناعة تاريخ مشرق  للشعب  والوطن , فقد  تشربت هذه السلطة بالعديد من  المعالم  , التي خربت  وأتنلفت تاريخ الشعب السوري  والوطن السوري  , منها غياب الحكمة  والشفافية  وغياب احترام القانون , ومنها  التسلح بالفساد  والمحسوبية   واغتيال السياسة  وانعدام  الديموقراطية والحرية , ثم القضاء على المعارضة فيزيائيا   , وتملك الوطن بدلا من خدمته  ..انها سوريا الأسد !!, هناك العديد من المعالم , التي لامجال لتعدادها  الآن ..اننا بخصوص خطاب الرئيس !

هناك بعض النقاط التي تلفت الانتباه ,  على الأقل ليس بسبب مضمونها , وانما بسبب وقعها المؤلم على ضمير المواطن والوطن , ومن هذه النقاط  موضوع “التغطية  ” , فالرئيس قال انه لايوجد غطاء لأحد  ..”موضوع القتل  بحاجة الى أدلة  , البعض يعتقد انه لم يتم القاء القبض  على أي شخص  ممن ارتكبوا  أعمال قتل ..وأنا أقصد العاملين في الدولة  ..هذا الكلام غير صحيح  حيث تم القاء القبض  على عدد محدود  في جرائم  قتل  وغيرها  ولكن أقول محدود  لأن الأدلة  المتوفرة  بحد ذاتها كانت محدودة  ومربوطة بهؤلاء الأشخاص  ..ووجود الأدلة  أو البحث عنها  بحاجة الى مؤسسات  , والمؤسسات بحاجة الى بيئة  وظروف  , والبيئة الحالية تعيق  عمل عمل هذه المؤسسات  ,لكن أؤكد  بأنه لايوجد غطاء لأحد  وأؤكد مرة أخرى  على أنه لايجد  أي أمر  في أي مستوى  من مستويات الدولة  باطلاق النار  على أي مواطن  ولا يحق اطلاق النار بحسب  القانون الا دفاعا عن النفس  ودفاعا عن المواطن”….الخ !

في خطابه الثالث على مدرج الجامعة قال الرئيس: سنعمل  على ملاحقة  ومحاسبة كل من أراق الدماء أو سعى الى اراقتها ..فالضرر الحاصل  أصاب الجميع  والمحاسبة  على ذلك  هو حق للدولة بقدر ماهو حق  للأفراد .. كلام جميل  في الخطاب الثالث , وأجمل منه ماجاء في الخطاب الرابع , الا أن الواقع يبرهن كل يوم  على عدم دقة ماقاله الرئيبس في خطابه الثالث والرابع أيضا .

فكيف يمكن للرئيس القول , انه في دولة الفساد  لايوجد غطاء لأحد , مع العلم على أن دولة الفساد مؤسسة على تغطية  كل فساد , ومن الفساد  سوء استخدام السلطة  للعنف , اذ انه من الشرعي أن تحتكر السلطة  الشرعية  مادة العنف , ولا يحق لسلطة غير شرعية احتكار هذه المادة  , كما أنه لايحق لسلطة شرعية  استخدام هذه المادة بشكل غير شرعي , والسلطة السورية ليست شرعية  أولا , ولو كانت شرعية ,لأصبحت غير شرعية بسبب استخدامها الغير شرعي لمادة العنف …والبراهين على ذلك أكثر من أن تحصى  , ومن  يريد معرفة البراهين عليه بالتوجه الى مؤسسات حقوق الانسان السورية والعالمية , حيث تبرهن هذه المؤسسات  عن  عدم اصابة الرئيس  في عدم وجود تغطية لأحد  وفي عزم الدولة على ملاحقة القتلة والمجرمين , وما قاله الرئيس في مقابلة منع أهل جوبر  حول اسباب عدم ملاحقة  عاطف نجيب  هو  أحد عشرات الألوف من البراهين  , التي تدمغ السلطة بجرم الاجرام  وسوء الادارة .

أشار الرئيس الى المؤسسات , التي عليها  جمع الأدلة واجراءالتحقيقات بخصوص القتل ,نعم … الوضع السوري يبرهن منذ  نصف قرن من الزمن عن غياب هذه المؤسسات , ولا يمكن لوضع غير ديموقراطي (اعتراف الرئيس بأنه  لاتوجد ديموقراطية في سوريا ) , أن  يحتضن مؤسسات من هذا القبيل , ليس الحراك هو الذي أعاق عمل المؤسسات  , وانما الديكتاتورية  هي  التي قتلت هذه المؤسسات وألغت القضاء  ورفست الدستور والقانون بصراميها …لايمكن اعاقة ماهو غير موجود أصلا !!

وعن الأدلة  , اذا لم يكن بالامكان جمع ادلة حول القتل  , فكيف يصل عدد المعتقلين  في الأشهر العشرة السابقة الى عشرات الألوف , وعلى أي أساس تم اعتقال هؤلاء  , ثم على أي اساس تقول السلطة ..هناك  من تلطخت يداه بالدم , ومن لم تتلطخ يداه بالدم , ولماذا تعتقل السلطة  ناصع اليدين ؟؟؟ وعن التلطيخ بالدم , لماذا يوجد قتل  بعد  أو أثناء معظم المظاهرات المعارضة , ولم يحدث لحد الآن أي قتل بعد أو اثناء مسيرة مؤيدة ؟؟ ألم يفكر الرئيس  على أنه على سامع وقارئ خطابه  طرح أسئلة من هذا القبيل ؟؟أو أن يعتقد  على أن مايقوله منزل من السماء , وأظن انه يعتقد ذلك , وهذا هو صلب المشكلة !!

وعن الأدلة مرة أخرى , حيث يعتبر الرئيس  على أن الحراك عطل عمل المؤسسات  ومنعها من اجراء التحقيقات القانونية  ,  كيف كان الحال قبل آذار من هذا العام  , هل اعتقلت السلطة منذر خدام 13 عاما كاملا   وسجنته 13 عاما كاملا  بعد اجراء التحقيقات؟؟؟ , وعن المواطن  ميشيل كيلو هلى جرى التحقيق   وجمع الأدلة التي قادته الى السجن عدة مرات  , لفترة ستة سنوات على الأقل ..وماهي الأدلة التي قادت   الترك الى السجن مدة 25 عاما مع الأشغال الشاقة …ولماذ على ياسين الحاج  صالح أن يقضي  16 عاما في السجن   وعلى عارف دليلة 10 سنوات  في الزنزانة  وعشرات السنين بما يخص  الصحفي نيوف  وحسن عبد العظيم  وغيرهم … مشعل التمو …وغيرهم ..والقائمة تطول لتشمل عشرات الألوف من المواطنين , الذين تعرضوا للاعتقال والسجن  والتعذيب , في الوقت  الذي كان على مؤسسات الرئيس أن تعمل وتجمع الأدلة  بحق هؤلاء .

للأسف لاوجود لتلك المؤسسات أصلا  ولا وجود للقانون أصلا  , ومن ازال القانون من الوجود هي سلطة الرئيس , ومن قاد البلاد الى حافة الهلاك , أو بالأصح الى الهلاك  كان الرئيس وسلطته  !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *