“كثر نعيق الغربان فوق رأس الشام.أيها السوري إن لم تستطع أن تصلي لوطنك سورية فلا تنضم الى جوقة الغربان. من أجلك يا سورية أركع وأصلي وأذرف دموعي في محراب القداسة أن ينقذك رب الكون من الرعاع والضباع!!” رياض متقلون.
نهر التاريخ ينبع في الشام أيلغي التاريخ طرح هجين؟!
شمس الدين العجلاني – أثينا.
ملاحظة: الكلمات الشعرية بين قوسين هي للشاعر نزار قباني.
قل يا سيدي ما تريد أن تقول، وتكلم باسم أبناء وطني، وحاصرنا بمتاريسك وحقدك ونفطك وجزيرتك، افعل أنت ومن تشاء من العربان والغربان وقطاع الطرق ولصوص الليل والنهار، افعل ما تشاء فليس جديداً علينا ما تتعرض له دمشقنا، من ظلم وإرهاب ومؤامرة من ذوي القربى، ليس جديداً على دمشقنا حمل صليب العذاب ولواء العروبة، فمنذ «أيام النبي العربي.. والشام تتكلم عربي ومنذ أيام معاوية، وهشام ومروان.. حتى أيام حافظ الأسد ومنذ موقعة بدر.. حتى موقعة جبل الشيخ.. والشام مواظبة على تكلم اللغة العربية وعلى تعليمها، إن صناعة دمشق الأساسية هي العروبة».
ليس بجديد على دمشقنا في ظل الجهل والظلم العربي أن تبقى تدافع عن كل العرب لأن «هكذا خلق الله السوريين، كل رغيف يخبزونه يقتسمونه مع العرب، وكل شجرة يزرعونها تأكل من ثمرها العرب، وكل حجر يحملونه على أكتافهم هو لتعمير بيت العرب»، فالأيام العابرات سطرت كم عانت دمشق من العربان والأصدقاء والأعداء. وبقيت دمشق كأسطورة الطائر الفينيقي الذي يحترق عند المساء، لينتفض من جديد مع مطلع الصبح. تقلب على دمشق أقوام وأقوام، وعرفت من المجد لحظات ندر أن عرفتها مدينة أخرى. وعرفت من الأيام السوداء ما يبكي الحجر. ولكنها لم تعرف مذلة اليأس، فدمشق عميدة المدائن كانت ولم تزل تحمل التفاؤل المشبع إيماناً بالحياة، وأنها أقوى من الموت، والشدائد.. وبقيت وستبقى دمشق، هي دمشق الرقم الصعب، حاملة لواء العرب والعروبة، فـ(الرسم الجميل يرسمه رسامون دمشقيون… والورد الدمشقي، يزرعه مزارعون دمشقيون… والقومية العربية.. تصنعها السيوف الدمشقية…).
من الذاكرة
سنعود بذاكرتنا إلى فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ونقرأ عناوين بعض الصحف العربية فنقرأ فيها:
استيقظت سورية، فمتى يستيقظ لبنان!؟ (مجلة الصياد اللبنانية العدد 542 تاريخ 6 كانون الثاني 1955).
بين الحكومة السورية و«آلاي بي سي» الشركة العاتية تركع حتى الآن على ركبة واحدة (مجلة الصياد اللبنانية العدد 582 تاريخ 27 تشرين الأول 1955).
مؤامرة يعرضها عراقي كبير على الرئيس هاشم الأتاسي (مجلة الأحد العدد 237 تاريخ 31 تموز 1955).
سورية تثير موضوع غفوة الجامعة العربية! (مجلة الصياد اللبنانية العدد 592 تاريخ 5 كانون الثاني 1956).
مؤامرة على سورية. (مجلة الإذاعة السورية العدد 97 تاريخ 10 كانون الأول عام 1956).
رسالة عاجلة يوجهها الرئيس القوتلي إلى الملك سعود لسحب الوساطة (صحيفة الرأي السورية 25 كانون الأول 1957).
القوات المعتدية الثلاث تقوم بحشد غير عادي على الحدود السورية – الأردنية (مجلة الإذاعة السورية العدد 81 تاريخ 16 كانون الثاني 1957).
السلطات السورية تضع يدها على مؤامرة دنيئة، بدء التحقيق وشموله لبعض النواب والشخصيات السياسية ذات الميول المشبوهة (صحيفة القبس السورية 25 تشرين الثاني 1956 العدد 5427).
كيف ينقلب الوطنيون إلى عملاء للاستعمار؟ (صباح الخير المصرية العدد 58 14 فبراير 1957).
ليست هذه أول مرة تتآمر فيها انكلترا وفرنسا وتركيا ونوري السعيد… على سورية (مجلة صباح الخير المصرية العدد 54 ليوم الخميس 17 يناير 1957).
السراج رفض خيانة بلاده وفضح مؤامرة سعود ضد الجمهورية العربية المتحدة، إسقاط طائرة الرئيس عبد الناصر واعتقال القوتلي وإخوانه وإسناد رئاسة الجمهورية للمقدم السراج (جريده القبس السورية 7 آذار عام 1958 العدد 5803).
لماذا صمتت عمان وبغداد ومكة وأنقرة اليوم (صحيفة العلم السورية الجمعة 7 آذار 1958 العدد 3254).
وثائق تدين الملك سعود بالتآمر المجرم (صحيفة الشام السورية 11 آذار 1958 العدد 703).
التمايز والاستعمار أخطر مرض يصيب الأمة فيفككها (صحيفة المضحك المبكي السورية العدد 1078 الأحد 2 آب 1964).
المجزرة الكبرى: ما ذنب العالم أن تكون فرنسا مصابة بعقدة نفسية سببتها لها ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية (مجلة القوات المسلحة المصرية العدد 324 أول مارس 1958).
فارس الخوري يحذر من لعبة إسرائيل (مجلة الصياد اللبنانية العدد 598 تاريخ 16 شباط 1956).
انتصرت سورية في معركة البترول (مجلة الصياد اللبنانية العدد 588 تاريخ 1 كانون الأول 1955).
شباب سورية يهبون للتدرب على القتال (مجلة الصياد اللبنانية العدد 590 تاريخ 22 كانون الأول 1955).
يقولون:
يقولون كان أعظم الأباطرة البيزنطيين في الزمن الغابر يدعى هرقل، وحين وصله نبأ هزيمة جيشه شر هزيمة في أرض الشام غضب واستشاط، وأصابه اليأس والاكتئاب، ولملم بقايا جيشه وغادر أراضي الشام، ووقف على أعتاب سورية قائلاً: (سلام عليك يا سورية، سلام موَدع لا يرجو أن يرجع إليك أبداً).
والقائد العسكري الفرنسي هنري دي جوفنيل، الذي كان يوماً ما المفوَّض السامي في سورية ولبنان (عام 1926) روى حديثا جرى بينه وبين وزير تركي، حين كانت سورية ما تزال تشكِّل جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، حول سورية ودمشق فقال للوزير التركي: «بالله عليك، احتفظوا بها لكم (أي سورية)، واحتفظوا خاصة بدمشق! فإن هذه المدينة هي واحدة من تلك المدن المسمومة التي تقضي على الإمبراطوريات!».
والصحفي والكاتب الفرنسي جوزيف كيسِّل الذي جاء إلى سورية في عام 1927 في مهمة للاطلاع على مجرى الأمور بخصوص إخماد الثورة السورية الكبرى في العام 1925-1926، فقال: «من الواضح أن جميع الأنظمة السياسية لا نفع لها هنا، حيث إنه ليس هناك بين البلدان ما هو بالطبيعة أكثر تعقيداً وأكثر صعوبة وأكثر ثورة من هذا البلد: سورية».
والأهم من هذا وذاك قول الرسول العربي المنقوش على القلوب وعلى أحجار الشام: (إن الله باسط أجنحة الملائكة على الشام).
ستبقى دمشق:
( ندخل مرة أخرى لعصر الجاهلية.. ها نحن ندخل في التوحش.. والتخلف.. والبشاعة.. والوضاعة.. ندخل مرة أخرى.. عصور البربرية..
إن اللصَّ يرتدي ثوب المقاتل..) فافعل أنت ومن تشاء من العربان والغربان وقطاع الطرق ولصوص الليل والنهار، افعل ما تشاء فليس جديداً علينا ما تتعرض له دمشقنا، من ظلم وإرهاب ومؤامرة من ذوي القربى، ليس جديداً على دمشقنا حمل صليب العذاب ولواء العروبة، وستبقى دمشق تلك المرأة الطاهرة التقية النقية التي تتوضأ بماء العروبة كل يوم خمس مرات لأن: (دمشق من حيث الأقدمية هي الأولى.. وهي الرائدة.. والأستاذة.. وجميع القوميين العرب خرجوا من رحمها وتتلمذوا عليها.. لا أحد يتكلم العربية مثل دمشق.. ولا أحد ينطق الحروف العربية على طريقة الغساسنة والمناذرة.. و«منهج البلاغة» و«العقد الفريد”و«لسان العرب».. إلا دمشق.. ولا أحد يحمل سلم العروبة بالعرض.. إلا دمشق..)، فـ: (يا بلدي الطيب.. يا بلدي، لو تنشف آبار البترول ويبقى الماء، لو يخصى كل المنحرفين وكل سماسرة الأثداء، لو تلغى أجهزة التكييف من الغرف الحمراء، لو أعطى السلطة في وطني، جرّدت قياصرة الصحراء من الأثواب الحضريّة، ونزعت جميع خواتمهم.. ومحوت طلاء أظافرهم، وسحقت الأحذية اللّماعة.. والساعات الذهبيّة، وأعدت حليب النّوق لهم.. وأعدت سروج الخيل لهم، وأعدت لهم حتى الأسماء العربيّة). يا من تريدون الأذى لدمشقنا انتبهوا جميعا..: إنني رأيت موسى وعيسى ومحمد يصلون في محراب واحد وفي وقت واحد ويرفعون أيديهم للسماء: رب العرش احم لنا الشام.