لماذا الثوابت ؟؟ ومنذ أبن رشد وديكارت يقال لايوجد ثابت الا العقل , وما يقرره العقل هو الثابت مرحليا , وذلك حتى يقرر العقل شيئا آخر ,الزعماء العرب من حملة الشهادة الثانوية لايدركون حتى الدلالة المعجمية لمفهوم “الثوابت” وما يعتبرونه من الثوابت ليس بالثابت في علم الاجتماع وعلم السياسة , انهم يمسخون المفهوم عن جهل به , فالخطوات السياسية المرحلية لاتمت للثوابت بأي صلة , هذه الخطوات سياسية متغيرة حسب الظروف التي تمليها , والظروف عادة سياسية عابرة ومتغيرة .
اضافة الى ذلك تعتبر “الثوابت “بشكل عام تأخريته لأنها غيبية دينية بالدرجة الأولى , لافكر في الثوابت , لأن الثوابت لاتتطلب التفكير , انها أمور قطعية ايمانية لاتسمح بالسؤال او الشك الرشدي الديكارتي , والفكر هو نتيجة للتفكير , ووجود الانسان مرتبط بالفكر الناتج عن التفكير ..أنا أفكر ,اذن أنا موجود , ولما كان تناسب التـاخر الفكري مع كثرة الثوابت طردي, يمكن اعتبار الدين خال من الفكر , وذلك لكون الدين مرتكز على الثوابت , وحال الدين كحال القومية , التي تكثر فيها الثوابت , اذ وقد تصبح خالية من الفكر , وهذا هو حال القومية العربية على سبيل المثال , حيث لم تنتج الا الخراب , بدون فكر وبالكثير من الثوابت , لأن الثوابت لاتسمح لها بالتفكير .
فالأحداث التي أطلق عليها سيادة الرئيس اسم الثوابت , والتي يقال أنه دفع ثمنها , غريبة جدا , انها في أحسن الأحوال اهدافا سياسية ضيقة جدا ..كأن يقال ..لقد ساعدنا المقاومة الفلسطينية ..عمليا يعني هذا ساعدنا حماس وحاربنا فتح , وهل مساعدة حماس ومحاربة فتح في الحصيلة مساعدة للمقاومة الفلسطينية , وهل حماس هي الممثل الشرعي لكامل الحركة الفلسطينية ؟؟, ثم عن حرب 1982 ..وكيف انتهى الدفاع عن لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية ؟ لقد انتهى بنزوح حركة التحرير الى تونس وبمذلة الهزيمة , التي لحقت بمن حرض على هذه الحرب الغير مدروسة وبمن خاضها ..ولطالما لم تؤد الحروب التي سماها الرئيس ثوابت الى استرداد بعض الأمتار من الأرض والكرامة المسروقة , لذا يمكن القول انه دفع ثمنا من أجل لاشيئ , وبالواقع لم يدفع الرئيس شيئا , الشعب هو الذي دفع الثمن الباهظ من أجل لاشيئ .
السيئ في التاريخ العربي بشكل عام هو الوهم و نوع من التثبيت على قيم وأهداف وطموحات وهمية , دفع الشعب ثمنها دما ومالا ووجودا وذلك حقيقة ..السعر كان حقيقي والطموح لم يكن الا وهما , وقصة دفع الرئيس لثمن الوهم هي من أكبر الأوهام , لقد خاضت الأمة العديد من المعارك تحت شعارات ورايات وأهداف مختلفة ومتعددة , وتحت قيادة أنظمة خلطت الأوراق بهلاوانيا , بشكل أداخ المواطن , الذي لايعرف لحد الآن بشكل قطعي , ان كنا قد انتصرنا أو انخذلنا في هذه الحروب المكلفة .. المواطن لايستطيع التفريق بين النصر والهزيمة , ولا بين التحرر والاستبداد ..دائخ حائر هائم , لايعرف مايكفي عن مفهوم “الهوية ” ولا عن الأهداف الوطنية ..التي يسميها البعض مزاجيا أحيانا ثوابت , وبعد فترة تسمى خيانات , وكل هذا الغموض أدى الى شعور المواطن على أنه يخضع في وطنه الى نوع من الاقامة الجبرية , وبالتالي ألى ضعف شعور المواطنة عنده .
التقرير الذي نشر في سيريانو تحت عنوان ..الأسد يدفع ثمن المس بالهوية .. يقول : “في ظل الرفض السووري لأي املاء يتصل بمسألة الصراع مع اسرائيل , انتقل الاستهداف المباشر الى الداخل السوري وفق مانشهده اليوم من أحداث دموية خطيرة ” وكاتب التقرير يريد هنا القول , ان الأزمة السورية هي من انتاج الحالة مع اسرائيل , ومن هنا نستطيع استنتاج العديد من الأفكار , اولا : الاعتراف بالفساد والأخطاء الداخلية كسبب للأحداث الدموية , هو اعتراف لفظي فقط , لا اعتراف حقيقي بوجود اخطاء , وثانيا : الوعد بالاصلاح هو وعد وهمي أيضا , ولماذا الاصلاح الداخلي اذا تعلقت المشكلة باسرائيل فقط ؟؟ , وما نشاهده عمليا منذ عشرات السنين يؤيد المفهوم السلطوي حول النقطة الأولى , ويؤيد وهمية الاصلاح الداخلي ..لم نر منذ سنين الا الوعود والكلام , عمليا يزداد الوضع سوءا .
اذا صدقت السلطة بوعودها بالاصلاح , فانها بذلك تعترف بالفساد وسوء الادارة كسبب للأحداث الدموية الأخيرة , وبذلك تصبح الفرضية التي أتى التقرير بها لاغية ,لا علاقة للأحداث الدموية برفض الاملاء بما يخص الصراع مع اسرائيل , وأي صراع هذا الذي تطبل السلطة له … ؟ فالجيش السوري لم يحارب اسرائيل مايقارب السنة الكاملة بشكل متواصل, كما يحارب الآن الشعب السوري منذ مايقارب السنة , ولم يبلغ عدد القتلى من الاسرئليين يوما ما عدد القتلى من المدنيين السوريين من الذين سقطوا برصاص الجيش ,وذلك مع العلم على أن الشعب السوري هو الذي يتحمل مصاريف الجيش التي بلغت نصف الميزانية تقريبا , وهو الذي يزود الجيش بالعنصر البشري , الذي بلغ عدد قتلاه رقما مرعبا ..الجيش ليس لقتل الشعب , والشعب ليس لقتل الجيش , ومن أوقع الجيش والشعب في هذه المحنة ؟؟؟ انها القيادة !
2/3 يتبع

المواطن العربي لايؤمن بمقولة أنا أفكر , اذن أنا موجود . وانما بمقولة أنا أفكر ,اذن أنا مفقود !