الاخوان ..نجاح لمرة واحدة !!

من المنطقي  أن  يسأل المواطن السوري عن خلفية  كل طرح  , مهما كان مصدره , الا أن المواطن السوري  لايسأل بتاتا , لأان تربى على الانصياع  وعدم النقاش والتلقين  والتملق  والزيف والخداع والكذب والتمويه  والتخوين والتكفير , وأحد الطروحات , التي يجب الاستفسار عن خلفيتها  , هي طروحات النظام  , النظام يروج  على أن غيابه  سيقود عبر صناديق الاقتراع الى نظام الولاية أو الخلافة والى أمير المؤمنين   , أو على الأقل الى اتجاه  اسلامي , يتصف بالقسر  والديكتاتورية  والرجعية والسلفية  ,  تصور الخلافة وأمير المؤمنين  هو تصور  يتصف بالكثير من   المبالغة المزاجية المجازية .

أولا  يجب  التأكيد ,  على أن اعتراف السلطة , هو اعتراف تقصد السلطة من خلاله الاستفادة  , ولا تقصد من خلاله تنوير المواطن وتحذيره بنية جيدة , وانما  تقصد  تغبيش عينيه  واغلاق أذنيه   لكي لايرى ولا يسمع , بعد أن أتلف النظام  عقله   وغير كيانه  النفسي والعضوي  بما يتناسب مع استمرارية النظام . الخلفية التي على المواطن الهالك  البحث عنها  تتضمن السؤال  عن :

1- صحة  مايقوله النظام عن حتمية صعود الاخوان  , بعد  تجربة  ديموقراطية المرة الواحدة , أي أن  تكرم النظام  على الشعب بالديموقراطية  , سيكون لمرة واحدة فقط  , بعد ذلك سيأتي الطوفان الاسلامي , والمواطن  الذي عليه التفكير  موضوعيا , وهو لايقوى على ذلك للأسباب  آنفة الذكر ,  يستطيع بكل سهولة  دحض هذه المزاعم , ودحض  مقولة الأغلبية الافتراضية للاخوان المسلمين , فلا الوضع السوري الديموغرافي يسمح بذلك  , هذا اذا انطلقنا من  وضع يسطر عليه الشبح الطائفي , واذا  لم يكن باستطاعة الاخوان في مصر الحصول على أكثر من 50%من الأصوات  , ولم يكن باستطاعة الاخوان  في تونس  الحصول على أكثر من 50% من الأصوات , فسوف لن  يتمكنوا من الحصول في سوريا على  أكثر من 20% الى 30%  من الأصوات ,  وهذا  لمرة واحدة  فقط ..الأمر ليس ديموقراطية المرة الواحدة , وانما نجاح الاخوان  لمرة واحدة , وسبب النجاح لمرة واحدة واضح, لم يكن بامكانية الاخوان  لحد الآن   وفي  كافة  المجتمعات العربية الا التسول الشعبوي  باستخدام مادة المظالم التي الحقتها الديكتاتوريات الطائشة بهم , ديكتاتوريات كان لها الباع الأكبر في ايقاظهم  واعطائهم مادة  التسول   بالمظالم , التي قدمت لهم مانراه  من نجاحات نسبية في مصر وتونس .

أما اذا انطلقنا من وضع  يسيطر عليه  العقل السياسي   , وقلنا  هناك الشيوعي  والسوري القومي والاشتراكي  وغير ذلك  ,فستكون نسبة   نجاح الاخوان المسلمين   أشح بكثير من  نسبة نجاحهم  في حال سيطرة الشبح الطائفي .. ليس أكثر من 15% من الأصوات  , وقد كانت نسبتهم عام 1955 أقل من 15% بكثير , الا أنه من المؤكد  على  أن نسبهم  ستصاعد مع كل يوم   نقضيه مع هذا النظام , والقضاء السريع والمبكر على النظام ,  هو صورة عن القضاء على الاخوان المسلمينن , انهم ظل النظام , والنظام ظلهم  , ولا يمكن احراز تقدم  جوهري في المجتمع السوري  بصحبة النظام أو بصحبتهم .

2- صحة مايدعيه النظام عن شعبيته , حيث يقول  عضو مجلس الشعب الرفيق  العبود , ان 95% من السوريين يؤيدون النظام  ويريدون بذل الغالي والرخيص في سبيله ,الروح والدم على سبيل المثال وليس الحصر , وبذلك تدنت النسبة  من تهريجية  استفتائية 99,8%  وقبل ذلك 100% الى 95% و, ومن في رأسه بعض العقل  يسأل , لماذا يعتمد النظام منذ أكثر من أربعين عاما مبدأ الاستفتاء  ومبدأ التزوير المفضوح  , اذا كانت شعبيته كاسحة بهذا الشكل ؟ ,وأين هي في هذه الحالة ضرورة المادة الثامنة ؟ والرفيق العبود لم يهتم بالنقطة المهمة ,  التي تتعلق بموجبات  تأييد نظام معين , فالشعب يؤيد أي نظام  يقدم له  التقدم والرخاء والحرية والكرامة والديموقراطية والعدالة والشفافية , الشعب يؤيد أي نظام  لايجعل من الفساد دستورا غير مكتوب  ومن الوساطة والمحسوبية  والسرقة اسلوبا لتعامل  الحكومة مع الشعب ..اين هو التقدم  في  أي مجال ؟ وأريد هنا استسباق الرفيق بالقول , ان التقدم المطلق  غير مهم اطلاقا , التقدم النسبي هو الأهم , ولا شك  على أن عدد المشافي  مثلا ازداد في الأربعين سنة الأخيرة , ولا شك بزيادة  عدد الطرقات  وغير ذلك , المهم هو التالي , كيف يمكن توقع تطور الوضع الصحي   أو غيره من المجالات  تحت سلطة  أخرى , سلطة لم ترتكب الأخطاء التي ارتكبتها السلطة الحالية , وهنا يمكن القول ان وضع سورية سيكون في القمة  , وليس بين اسوء   عشرين دولة في العالم , اضافة الى ذلك  حصل في السنين الأربعين الأخيرة تأخر  مطلق في مجالات أخرى,منها مجال الحريات ..مجال التقدم الدجيموقراطي وغير ذلك , لقد كان الوضع في الخمسينات , بالرغم من شوائبه , افضل من  الوضع العليل الحالي .

3- صحة التناقض  أو التوافق  بين مايدعيه النظام وبين مايتوقعه النظام , النظام يدعي الشعبية المطلقة  ويدعي حيازته على تأييد الأكثرية المطلقة  , هذا من ناحية  , ومن ناحية أخرى  لايريد النظام , بالرغم من التوسل  المزمن لديه  ومنذ السبعينات  , السماح بانتخابات حرة  , النظام يدعي التفوق  ولا يريد البرهنة عليه , لأن هذا التفوق  حسب رأي جماعة النظام , جلي وواضح كالشمس ..انظروا المسيرات  والصور على السيارات  وما تعبر عنه من ديموقراطية سورية! , وفي نفس الوقت   تقول جماعة النظام   , ان الاخوان  قادمون عن طريق الصناديق  في حال سقوط النظام , فكيف يمكن فهم كل هذا التناقض أو التعقيد  , كيف يمكن لشعبية  كاسحة  أن تندثر على صناديق الاقتراع ؟؟ تلفيقة  متخلفة  عقليا , ومن ضرورات المواطنة  الصحيحة السعي لفهم  هذه  التلفيقة  وخلفيتها ,الأمر من أوله الى آخره دجل  , فشعبية السلطة منهارة تماما ومنذ زمن طويل  , والسلطة لاتقوى  على الاستمرار ساعة واحدة  بدون السجن والسجان  والبندقية , كما أن توقعات النظام بخصوص الاخوان المسلميبن  باطلة , النظام يوظف هذه التوقعات من أجل  الحفاظ على استمراريته  ومكاسب  رجاله .

4- صحة التضليل التآمري , كل نسكات المجتمع السوري وتأخره  وشقائه وفقره  هي نتيجة للمؤامرة!! ,  , وتوظيف المؤامرة للتمويه  ليس اختصاصا سوريا  , وان ممارسة تمارسها الكثير من السلطات والأنظمة بقصد التبرئة من  المسؤولية  عما حصل من تطورات سيئة , واذا كانت المؤامرة مسؤولة عن الكوارث التي تصيب  البلاد , فما هي وظيفة النظام عندئذ؟  , النظام هو المسؤول  اخلاقيا وقانونيا  وسياسيا عن ردع التآمر والمآمرات عن شعبه ,  ومن واجبه النجاح في هذه المهمة , وكل شعوب المعمورة تلتزم   بالعرف التالي  , النظام الفاشل يجب أن يودع  , ماعدا النظام السوري  فعليه بالبقاء ,  لأنه  يشكل  محور النضال ضد  الامبريالية العالمية والرأسمالية العالمية والاستعمار  والصهيونية  والنضال من أجل فلسطين  ودعم الحركات التحررية  في العالم ,  ثم  انه محور  التفاعل الوحدوي  الاشتراكي في المنطقة , اضافة الى انه ضمانة للحريات , انه قلب العروبة النابض  وحامل لواء القومية العربية  ..انه حامل لقضايا أكبر من تفاهة خبز المواطن  , ونظرا للانشغال بهذه القضايا الكبرى  العظمى  وضع النظام القضايا الثانوية  مثل الحريات والديموقراطية على الرف  ..لأجل غير مسمى !  ومن محاسن النظام  التي  تدل على حرص ووطنية غير مسبوقة ,  هو أمر الجيش  أو كتائب الأسد  , حيث يلتهم هذا الجيش  56% من الميزانية العامة (لا أعرف اذا كان هذا الرقم صحيح , هذا ماقالته قبل أيام وزيرة الدفاع الفرنسية السابقة) , انه الجيش الصامد الأبي  , الذي لم يلحق لحد الآن  اضرارا بأي جهة معادية   تفوق على الاضرار التي الحقها بالشعب السوري , هذا اذا  استخدمنا عدد القتلى كمعيار ,  ومن ينتقد هذه الفضائح ولو تلميحا  , تحيله السلطة الى محكمة  أمن الدولة حيث يحكم عليه بالسجن سنين  لاضعافه الشعور القومي , والشعور القومي هو الشعور القومي “العربي  “حصرا , الذي لايستلطفه القومي الكردي  أو  القومي السوري   أو   غيرهم   من    القوميات !!..نتيجة لذلك يمكن القول ان كل كردي  لايؤمن بالقومية العربية , ويعطي للقومية الكردية الأفضلية  معرض لأحكام أمن الدولة ,أو بالأحرى معرض للاعتقال والسجن عشرات السنين دون محاكمة , وبفضل نظرية المؤامرة  أصبح معظم الخارج الدولي متآمر على سوريا  , ومعظم الشعب السوري أيضا شريك  في التآمر على سوريا (اتهامات متبادلة  بين مؤيدي السلطة ومعارضيها )

في النتيجة , يمكن القول  , على أن مهمات المواطن السوري ضخمة جدا , وفي السنين الأربعين السابقة  لم تفهم السلطة البدائية  شيئا عن ضرورة بناء المواطن الناقد  والذي يفكر , والذي يستطيع حمل اعباء المهمات الكبرى  , لقد اهتمت  ونجحت في قتل المواطنية عند المواطنين , وفي قتل السياسة والعقل  عندهم , وفي تعليمهم اساليب التلفيق والتملق ,  ما العمل عنما لايستطيع المواطن القتيل  القيام  بواجباته ؟؟؟وأعلى  درجات التفاؤل  لاتسمح أكثر من القول ..قتل المواطن  هو قتل الوطن….يتبع

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *