سمعت خبر انتهاء لجنة صياغة الدستور من صياغة بعض مواد ه , حيث نص الد ستور المقترح على أن يكون دين رئيس الدولة الاسلام , وان الشرع الاسلامي هي مصدر اساسي للتشريع السوري . المادة الثالثة من الدستور تتألف من شطرين , ولادة الشطر الأول كانت عام 1950 , حيث ادخل الاخوان آنذاك هذه الفقرة على الدستور , الذي تركته فرنسا بدون هذه الفقرة , والفقرة الثانية من المادة الثالثة ادخلت من قبل اخوان من طرز آخر ..اخوان البعث عام 1973 , حيث تقول هذه المادة بمصدرية التشريع اسلاميا .
من يستعرض تطور الدستور , يستطيع بدون أي شك اثبات وجود تطور , ويمكن اعتبار هذا التطور سيئا أو جيدا ..كل حسب موقفه وفهمه , الاخونجي السني يرى ان حصر رئيس الدولة بمسلم أمرا جيدا , وبالواقع فان هذه الاشكالية قليلة الأهمية , فليكن دين رئيس الاسلام أو غير الاسلام , رئيس الدولة يتغير في النظام الجمهوري كل عدة سنوات , اما في النظام الجملوكي الممارس والغير معلن في سوريا , فلاتغير الا باذنه تعالى , يعطيكم هذا عمره , يأتي ولده , وهذا ماتعنيه كلمة “جملوكي ” التي ابتدعها رئيس الجمهورية التونسية الحالي المرزوقي , وهي مختصر لعبارة “جمهوري-ملكي” , وعلى الله التيسير .
أما الفقرة الثانية من المادة الثالثة , فهي حضاريا أفقر من الفقرة الأولى , وهذه الفقرة تعتبر الاسلام هو المصدر الأساسي للتشريع السوري , وقد ادخلها الرئيس المرحوم حافظ الأسد , الأمين العالم لحزب البعث العلماني ورئيس الجمهورية والقائد الى الأبد , هذه الفقرة هي الفقرة الخانقة لكل تقدم دستوري , ولا أعراف ان كان المرشد العام للاخوان يريد أكثر مما أراد الرئيس , الذي حقق للاخوان مايريدون تحقيقه …تناغم بالأفكار تحت وابل الرصاص !
لا لزوم للتعليق ولا لزوم للشروحات ولا لزوم لمقارنة كل هذه الأشياء مع قوانين منظومات حقوق الانسان , فقبل الحديث عن الحقوق يجب الحديث عن الانسان , والحديث عن الانسان وحقوقه في هذه الدولة هو مضيعة للوقت , فلا حقوق ولا انسان ..انها همجية دستورية , وما يعجز الدستور عن تحقيقه همجيا , تحققه الممارسة , التي تستطيع تحقيق أكبر منه .
الدستور حقيقة بكامله لايمثل مشكلة عصية على الحل , وحتى لوقيل ان مصدر التشريع هو الاسلام , فالأمر ليس بتلك الكارثية , الممارسة هي الكارثة , والنظام لم يحترم في العقود الماضية الا دساتيره الخاصة به …احتقار الانسان لايقتصر على الأولى والفقرة الثانية من المادة الثالثة من الدستور المقترح ..هناك أمور أهم , المادة الثامنة وقوانين الطوارئ وممارسة قوانين الطوارئ حتى بعد الغائها رسميا , محكمة أمن الدولة لاتزال عاملة ..المواد الخاصة باضعاف الشعور القومي والمس بهيبة الدولة وغيرهم ,لاتزال سارية المفعول …هذه هي الكارثة , والكارثة ليست المادة الثالثة من دستور لايطبقه أحد ..