لأي نظام سياسي أو سلطة مهمات أساسية سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية أيضا , ومن أهم هذه المهمات بشكل عام هي الحفاظ على استقلالية البلاد , فالبلاد ملعب , على لاعبيه (تقليديا) أن يكونوا سوريين, والبلاد مسرح يجب أن يكون للسوريين عليه أهم الأدوار وأولها , والوطن يختل عندما يستقيل اللاعب السوري والممثل السوري من مهمته وعمله , أو يمنع من مزاولة مهماته . .
اننا الآن في وضع جعل من سوريا ملعبا للآخرين , وبجدارة , لقد فشلنا باللعبة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية , وظنينا على ان التلاعب بالسياسات والكلمات كاف ..لم نلعب لعبة الديموقراطية بتقدم , وانما بتراجع اسطوري , وهاهو الرئيس يقول , انه لم يدع على أن سوريا بلد ديموقراطي , وكأن المصارحة بهزيمة الديموقراطية وحدها كافية لاقناع المواطن بأنه لايزال اللاعب في ملعب البلاد , هذا يسمى تلاعب , هدفه تخدير المواطن ولفت انتباهه الى فضيلة المصارحة , وذلك بدلا من العمل وبدلا من البحث عن اسباب هزيمة الديموقراطية , المصارحة لاتكفي , لأن المصارحة واجب شخصي , والديموقراطية حق عام .
لقد بدأ العصيان المدني يوم أمس ,و مع أن العصيان المدني يمثل أعلى اشكال الاحتجاج حضارية , فشلت السلطة الموبوءة بالديكتاتورية والمدمنة على القهر والقسر بالتعامل مع أكثر الظواهر حضارة …فأزلام السلطة يتنقلون من متجر لآخر ..افتح والا نفتح النار .. وبدون شك تقوم مجموعات مسلحة بعمل معاكس ..اغلق والا نفتح النار … , وبالنتيجة يحترق البائس السوري بين نار عصابة السلطة ونار عصابة معارضة , والعصابات تلعب لعبتها القذرة على ملعب ومسرح الأحداث السوري , , واذا كانت ممارسة اللوم واجب , فيجب لوم السلطة أولا, لقد أرادت أن تكون الى الأبد قائدة للدولة والمجتمع , أي مسؤولة عن الدولة والمجتمع , تركت الملعب , ووجودها كالوهم ..لرفع العتب !!
تعامل السلطة مع موضوع العصيان المدني هو من أقل المواضيع أهمية , وقد اتيت على ذكره لأنه يمثل الحدث الأخير في سلسلة أحداث الأزمة السورية , وفي الأزمة السورية بكاملها يتجلى غياب اللاعب السوري عن الملعب السوري, حيث أن السلطة سمحت أولا بحدوث الانفجار الذي تأخر حدوثه كثيرا , الله يمهل ولا يهمل , وقد كان بامكان أي دارس لعلم السياسة أو الاجتماع معرفة ان الانفجار آت لامحالة , وقد انذر الكثيرون من المثقفين السوريين ومن غير المثقفين على مدى العقود الأخيرة وحذروا من الانفجار , وما تحدثنا به الأدبيات السياسية من السنين والعقود الأخيرة , لهو أثبت برهان على تلقي السلطة للكثير من الانذار والتحذير , والذي اجابت السلطة عليه بالسجن عشرات السنين لكل منذر ومحذر, لقد انقصوا من هيبة الدولة , وأضعفوا الشعور القومي , وأين هي هيبة الدولة الآن ؟ , وأين هو الشعور القومي ؟ , وشبيحة السلطة تنبح على العروبة وتشتمها ليلا نهارا .
الكثير قيل في السنين الماضية عن الفساد وعن المادة الثامنة والحرية والديموقراطية وغير ذلك , وأتى القسم والوعد والوعيد , الذي تحول عمليا الى تهديد , وكل وعد تبخر , وكل منذر محذر اندثر , ومن الوعود لم يبق الا الأسود .. والانفجار حصل , وان لم يكن بلامكان تلافيه , فيجب أن يكون بالامكان على الأقل علاجه .!
وفي سياق العلاج بدأت السلطة أيام بعد منتصف آذار من هذا العام بممارسة التضليل والحديث عن العصابات والاندساسات كما جاء على لسان بثينة شعبان , أي أن الوصفة العلاجية كانت مكتوبة قبل حدوث الاندساسات وأفعال العصابات عمليا , والسلطة بالرغم من أخطائها في بداية الأمر لم تأبه بالاعوجاج الذي حصل , ولم تشأ تقويمه ..سابرت وتابعت , وقتلت وشردت , منتطيه صهوة جواد الحل الأمني السوري , الذي قاد الى الحل الأمني العالمي , الذي نحن الآن بصدده شئنا أم أبينا , وعلى الملعب السوري تم استبدال اللاعبين , وذلك برضى السلطة اللاشعوري .. من يقرر الآن هي الجامعة العربية كمرحلة انتقالية قبل تسلم مجلس الأمن هذه المهمة.
السلطة استقالت عمليا ووضعت نفسها بين نار العدو الغربي , وبين نار الاحتماء بالروس والصينيين , الذين يهتمون أولا بمصالحم ,والمصلحة السورية أصبحت ثانوية , لم يعد لوجود سوريا على ملعبها أي ملامح ..العراق أصبح المفوض العام , وايران تحسن علينا بالصدقة , حيث ستشتري البترول والخضار والفواكه , وحزب الله يمارس النقد المبطن , ويحاول الحفاظ على طريق الرجعة ,وحماس حزمت حقائبها … ونحن نحترق بين مكبر ومكابر ..وكل ذلك لم يلهم السلطة الا على شيئ واحد , وهوالامعان في الجهل والتجاهل, وكذلك متابعة الاستقالة التدريجية والتنصل المتزايد من القيام بما هو حقيقي وعملي ونافع للوطن , المسؤولية محصورة فقط بالحفاظ على مكتسبات الفساد والسرقات والامتيازات , والمناورات , ومحاولة كسب الوقت ولو كان لساعات … من مال الله ياكريم ..يومين أو حتى يوم !!!
يابشر !!!, لم يعد بالوطن مايمكن سرقته , ولم يعد من الممكن للبعثي أن يوزع صكوك الوطنية , بدون أن تترافق حفلة التوزيع مع انفجار غريزة الضحك والسخرية , لقد كان هناك شبيحة وذبيحة ونبيحة , والآن تحولت السلطة بكاملها الى شبيحة وذبيحة ونبيحة ..انحدار شاقولي الى الأسفل ..ومع ذلك لاتعلم ولا المام بالوضع المخزي المشين ..الحل الأمني هو العلاج , واقتحام المدن وتسيير الجيوش من مدينة لأخرى وعودة الى المدينة الأولى أصبح ممارسة تلقائية ومن أهم الواجبات والمهمات … الرئيس يبقى رئيس والاصلاح يبقى كلمة دون أي مضمون عملي على الأرض , وعلى الأرض تسيل الدماء ,التي أصبحت بغزارة الماء , وبحق السماء !!!, هل لنا أي رجاء ؟؟
عندما تنعترف السلطة بالفساد , يجوز البحث عن شخص أو اسم فاسد جرت محاكمته وادانته, غريب أمرك يا سوريا !, فساد دون فاسدين سوريين !! ..فالفاسد هو الغرب والشرق ومنظمة العفوالدولية والأمم المتحدة التي فقدت مصداقيتها ومنظمة حقوق الانسان التي ادانت سوريا ب122 صوت مقلبل رفض 13 صوت للادانة وامتناع 44 عن التصويت , والمثكول طلال سلمان من جريدة السفير يرجو ويتضرع ويكتب تحت عنوان محنة سوريا :بشار الأسد, راجيا الرئيس ومتضرعا له وراسما الطريق .. مشجعا وقائلا هناك طريق عبد الناصر بعد 5-حزيران 1967 , فليسلكه الرئيس ويقوم بخطوة مشابهة شجاعة …. الا أنه لاحياة لمن تنادي ,والرئيس المستقيل لايريد أن يستقيل , ولا أعرف ماذا سيحدث اضافة الى ماحدث حتى يتيقن الرئيس على أن عصر المملكة الأسدية انتهى..لم يعد لاعبا , وانما أصبح ألعوبة , وما كنت يوما أتمنى أي يصبح وطني وطن التلاعب