هناك نوع من الصراع بين الحكومة السورية ومؤيديها وبين العديد من المنظمات الدولية , وفي سياق هذا الخلاف , تحول الانسان السوري الى مجرد عدد أو رقم , أخلاقيا وحتى قانونيا , لافرق بين قتل انسان واحد , وبين قتل خمسة آلاف ظلما , الظلم هو المهم , وجريدة الوطن السورية تحاول تحويل الظلم المطلق الى ظلم نسبي , تناضل وتكافح وتتهم من أجل اثبات الشك في مقولات الأمم المتحدة وأجهزتها , جريدة الوطن تتهم الأنباء التي تصدر عن المفوضية السامية لحقوق الانسان بأنها غير صحيحة , ومن المنطقي أن لاتكون صحيحة تماما , فالخبرة مع الحروب تقول , ان عدد الضحايا الحقيقي هو أعلى بكثير من عدد الضصحايا التي تصرح به المنظمات والمؤسسات التي تراقب الحدث , خاصة في المناطق , التي لاتسمح السلطة المسيطرة بزيارتها من قبل الصحافة العالمية , وهذا هو الواقع السوري .
قالت نافي بيلاي المفوضة السامية لحقوق الانسان في الامم المتحدة يوم الاثنين انها أبلغت مجلس الامن الدولي ان عدد قتلى في الحملة على المحتجين التي مضى عليها تسعة أشهر في سوريا تجاوز الآن 5000. وكان العدد الذي ذكرته بيلاي للقتلى قبل عشرة أيام فحسب اكثر من 4000.
وقالت بيلاي للصحفيين بعد ان قدمت إفادة للمجلس عن الوضع في سوريا “اليوم أخبرت بأن الرقم تجاوز 5000.” ويتضمن الرقم مدنيين وجنودا منشقين ومن تم إعدامهم لرفضهم اطلاق النار على المدنيين لكنه لا يشمل اعضاء من الجيش واجهزة الأمن الأخرى قتلوا بأيدي قوى المعارضة. واوضحت بيلاي ان الانباء تفيد ان أكثر من 14 الف شخص اعتقلوا وان 12 ألفا على الاقل طلبوا اللجوء في بلدان مجاورة وان عشرات الالاف اصبحوا من المهجرين داخليا. وتحدثت عن “انباء مثيرة للقلق” عن تحركات ضد مدينة حمص. وقالت بيلاي في ملاحظات إفادتها “تظهر روايات مستقلة جديرة بالتصديق ومدعمة ان هذه الانتهاكات وقعت في اطار حملة واسعة وممنهجة على المدنيين.” وابلغت مجلس الامن ان معلوماتها تستند الى معلومات ادلى بها اكثر من 230 شاهدا.
وادعت بيلاي على افعال الحكومة السورية قد تشكل جرائم بحق البشرية ,ونادت باحالة المشكلة السورية الى مجلس الأمن , وذلك لاحالتها أخيرا الى المحكمة الجنائية الدولية.
أعرب الجميع من الشرق والغرب عن صدمتهم تجاه الأخبار التي تأتي من سوريا, أما سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بشار جعفري فقد قال انه ما كان ينبغي قط ان يسمح لبيلاي بالتحدث أمام مجلس الامن وان الجلسة كانت جزءا “من مؤامرة كبيرة تحاك ضد سوريا من البداية.” واتهم بيلاي بانها “غير موضوعية وغير منصفة وغير صادقة… في التقرير الذي قدمته.” واضاف قوله للصحفيين “انها تجاوزت تفويضها وسمحت لنفسها بأن تستغل لتضليل الرأي العام.الا أن السفير لم يقل للمجتمع الدولي , لماذا لم يكن للمفوضة السامية أن تدلي بشهادتها أمام مجلس الأمن ؟, ومن له أن يدلي بشهادته هناك ..هل يعني السفير مثلا وكالة سانا للأنباء أو جريدة الوطن ؟؟؟ أو قناة الدنيا ؟؟
مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري قال ان المفوضة السامية لحقوق الانسان بيلاي تحيك مؤامرة ضد سوريا , وهي جزء من مؤامرة كبيرة تحاك ضد سوريا مضيفاً: «هم يسعون وراء تثبيت مقولة وجود أزمة إنسانية في سورية ليبرروا تدخلهم الإنساني لاحقاً .
من تصريحات مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة ’, يمكن الاستنتاج , أنه لاتوجد أزمة انسانية في سوريا ..انها مؤامرة قذرة!, فتضخيم العدد يخدم فيما يبدو توجه بعض الدول لتحويل الأزمة السورية إلى «كارثة إنسانية» يتطلب تدخلا فوريا , وتضخيم العدد قد يقود الى احراج روسيا, وأشار الجعفري بالفعل إلى هذا السيناريو قائلاً: إن هناك من يريد «أن يقود الأوضاع باتجاه حق التدخل الإنساني الذي اخترعه وزير الخارجية الفرنسي السابق كوشنير»، مضيفاً: «هم يسمونه الآن التدخل الإنساني العسكري وهو مصطلح جديد لم أسمع به طوال حياتي الدبلوماسية, والجعفري على حق , لم يسمع بهذا المصطلح هل سمع المندوب الدائم بما يسمى حقوق الانسان ؟؟؟
الجريدة تتهم بيلاي بأنها أهملت ذكر القتلى من الجيش والقوات المسلحة , ولا مبرر لهذا الاتهام , اذ أن المفوضة السامية قالت صراحة , ان هذا العدد لايشمل القتلى من الجيش , ولا أظن ان الجيش يسمح لشاهد محايد من الجيش أن يتحدث عن عدد القتلى وغير ذلك ..مثلا الاعدام الميداني لمن يرفض اطلاق النار …هل هذا الخبر صحيح ؟؟
من ناحية أخرى ,قرر مجلس النواب الأميركي فرض عقوبات إضافية على سوريا، وذلك جاء في إطار مشاريع قوانين تهدف إلى تشديد العقوبات على سوريا وإيران وكوريا الشمالية،ثم ان الأمين العام للأمم المتحدة لم يمارس الصمت تجاه الأوضاع السورية , حيث طالب المجتمع الدولي بالتحرك «لوقف القمع في سوريا» . وعلى صعيد آخر طالبت منظمة « هيومن رايتس ووتش » مجلس الأمن بالعمل من أجل وقف «إنتهاك حقوق الإنسان في سوريا»، في الوقت الذي أعلن فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 27 عنصراً من الجيش والأمن السوري في مواجهات مع منشقين في محافظة درعا، فجر اليوم.
دعا الأمين العام للامم المتحدة، بان كي مون، أمس، المجتمع الدولي «باسم الانسانية» الى التحرك لوقف القمع في سوريا، معتبرا ان هذا الوضع «لا يمكن ان يستمر» على ما هو عليه.
وأكد كي مون، في مؤتمر صحافي عقده في مقر الامم المتحدة في نيويورك، أن «اكثر من خمسة الاف شخص قتلوا في سوريا، وهذا الامر لا يمكن ان يستمر. باسم الانسانية اقول ان الوقت حان لكي يتحرك المجتمع الدولي»، مضيفاً أن «الوضع مقلق للغاية، وآمل ان تتمكن الامم المتحدة من اتخاذ اجراءات بهذا الشأن يتم التوصل اليها عبر التشاور ».
واوضح كي مون انه سلم «خلال الايام القليلة الماضية» مجلس الامن تقرير مجلس حقوق الانسان، الذي يدين النظام السوري على التجاوزات التي يرتكبها بحق المتظاهرين والمعارضين، مشيداً، في الوقت نفسه، بالتحرك الذي تقوم به الجامعة العربية بشأن الوضع في سوريا.
من جانبها شددت منظمة هيومان رايتس ووتش ، اليوم، على ضرورة مطالبة مجلس الأمن بوقف إنتهاك حقوق الإنسان في سوريا، وتحويل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما حثت، بعد تقديم تقرير عن الأوضاع في سوريا في عدد من العواصم العالمية منها موسكو، على اتخاذ اجراءات عقابية بحق المسؤولين الذين يثبت تورطهم في في الانتهاكات «الجسيمة والممنهجة» للقانون الدولي.
ونشرت المنظمة أسماء 74 مسؤولا سوريا تتهمهم بارتكاب جرائم قتل وتعذيب مدنيين، مؤكدةً أن لديها أدلة ضد القيادة السورية تثبت تورطها في ارتكاب جرائم ضد المدنيين.
ودعت المنظمة روسيا والصين إلى دعم الاجراءات القوية الصادرة عن مجلس الأمن، ووقف جميع المبيعات والمساعدات العسكرية للحكومة السورية، ودعم جهود الجامعة العربية الخاصة بنشر مراقبين، بالإضافة إلى دعوة دمشق إلى تسهيل مهمة المراقبين.
كذلك، طالبت المنظمة الحكومة السورية بالوقف الفوري لاستخدام «القوة المفرطة والمميتة ضد المتظاهرين».
من جانبها، رأت الباحثة في المنظمة، آنا نيستات، و التي عملت في سورية وساهمت في إعداد التقرير أن «التقرير يثبت أن هناك جرائم ضد الانسانية ارتكبت في سوريا »، مشددةً على أنها أعدت التقرير «بناء على شهادات أكثر من ستين عنصرا منشقا عن الجيش التقتهم في سورية وبلدان أخرى، وأنه يتضمن بالاسم 74 مسؤولا في الجيش والقوى الأمنية قاموا باعطاء أوامر مباشرة بالقتل»، مضيفةً أنه وعلى الرغم من صعوبة تحديد عدد الأسرى إلا أن هناك ظاهرة يجب الإلتفات لها وهي «حالات القتل من دون محاكمة والتعذيب الذي خضع له المعتقلين».
وإعتبرت نيستات أن عدم معرفة الرئيس السوري بوجود انتهاكات خطيرة وعدم إعطائه أوامر بقتل المتظاهرين لا تعفيه عن المسؤولية بمقتضى القانون الدولي.