الخيار الأول أولا ! والخيار الأخير أخيرا ,

اذا صدق قول السلطة ,ان هناك  خيارات أمام  المواطن السوري, وأول الخيارات هو اختيار  السلطة , عندها  تبقى  السلطة  تقريبا كما هي , ودولاب الاصلاح  يدور كلاميا كما دار للعديد من المرات في السنين والعقود السابقة ,  الحكم تقدمي  اشتراكي لاطائفي ونظيف , والسلطة في أيدي أمينة ,  الغت  حالة الطوارئ  والسجون لاتزال عامرة بالركاب   , كرمت الاعياد باطلاق سراح  500 من العباد الغير ملطخة ايديهم بالدم والفساد ,  أطلق الحوار الوطني مع الذات , حزمة من القرارات  والدساتير   بشأن الاعلام  والأحزاب  ومكافحة الفساد  وغيرذلك   بتأني شديد  لاسرعة   ولا تسارع , وانما بحكمة وروية  لاتضارع , واذا رفضت أيها المواطن هذا الخيار  , فهناك العواقب  والكوارث  , ومن أهمها :

1- تقسيم البلاد , خطر كبير  , وفزاعة عملاقة , وقد نبه الصغير والكبير من السلطة على خطورة  هذه التقسيم , حتى رئيس الجمهورية , حيث نوه  في مقابلته مع الديلي تلغراف الى هذا المكروه , والسؤال  المر  هو  لماذ التقسيم اذا كان للسلطة أن تذهب , ولا أعرف  مثيلا لهذا الأمر الا في سوريا , ففي كل بلدان العالم تذهب سلطة وتأتي أخرى دون أن تتعرض البلاد الى التقسيم ,   والذي يريد تطبيق هذه القاعدة على أيطاليا مثلا , عليه أن يتوقع انشاء أكثر من مئة دولة  في السنين الخمسين الأخيرة على التراب الايطالي   , وهل يسمح لي القارئ بابداء رأي متواضع ؟  ورأي هو التالي : الذي يحذر من التقسيم , هو الذي يهدد بالتقسيم  ويريده  في خال سقوط السلطة , ويقال انه توجد مخططات وأفكار مريبة حول دولة ساحلية , ومن لايريد هذه الدولة لايخطط لها , ولا أعرف مدى صحة هذه الأخبار , الا أن أدبيات السياسة في سوريا تعرف ذلك  وتتردد احيانا اشاعات حول هذا الموضوع .  وباختصار , اما السلطة على حطت ايدك  أو التقسيم , ومن  سيقسم هو  المحذر  وليس آخر , موضوع التقسيم شائك جدا  , ولا يسعني هنا الا القول  على أن التقسيم غير وارد  اطلاقا , ولا توجد أي امكانية  لتنفيذه ان سقطت السلطة أو أو لم تسقط .

2- الفتنة الطائفية , وهذا يعني , اما السلطة أو الفتنة الطائفية , ولماذا هذا التطرف ,  ولماذا يجب قرن اسقاط السلطة مع حدوث فتنة طائفية ؟  هل تمثل السلطة طائفة معينة ؟؟ والجواب سيكون ..والعياز بالله , السلطة لاتمثل طائفة معينة  وانما هي سلطة علمانية لا طائفية  وتمثل  كافة أطياف الشعب , وبما أنها كذلك  فلا أرى أي خطر من  حدوث فتنة طائفية   ,  تذهب سلطة علمانية مدنية وتأتي أخرى مدنية علمانية , ولا توجد أي مشكلة بهذا الخصوص  , وما قالته السيدة بثينة شعبان أيام بعد حوادث درعا  , حيث تحدثت عن فتنة طائفية هو أمر مبالغ به  كثيرا , بشرط ان لاتمثل السلطة طائفة معينة , اما اذا مثلت السلطة طائفة معينة  , فالأمر يختلف , عندها يحق الكلام عن حرب طائفية وبالتالي فتنة طائفية , ولا أظن على أن هذه الفتنة ستحدث , لأنها  للأسف حدثت , ليس من جراء حوادث درعا , وانما من الممارسات السلطوية على مدى  نصف قرن تقريبا , لقد حدث المكروه , ولا ينتظر حدوث أكبر منه , وسقوط النظام سيحافظ على البنية الطائفية  وبشكل معكوس , الا أن سقوط النظام سيترافق مع تطورات ديموقراطية  تستطيع كبح جمام طائفية مرتقبة , لا خوف من هذه النقطة , فالأمور سوف لن تكون مثالية , انما ستكون أفضل من السابق .

لاتملك السلطة أي أحقية في وصف المعارضة بأنها طائفية , توجد بدون شك تيارات طائفية  في المعارضة , وفي السلطة لاتوجد الا التيارات الطائفية ,  والسلطة هي التي شجعت الممارسات الطائفية , لذا فان استمرار وجودها سيكون عونا للطائفية وليس  معارضة لها .

3- اسقاط النظام  سيقود الى الفوضى وانعدام الأمن : وكيف ذلك والسلطة  لم تكن بارعة الا في  تخويف المواطن والقضاء على أمنه وسلامته ,  وعن الفوضى يمكن القول ,  ان من دستر الفوضى واختراقات القانون   كانت السلطة , والقانون لاينص على تشجيع الفساد , وجود الفساد بالشكل االأسطوري السوري  هو برهان على الفوضي وممارسة لها , لذا لالزوم للخوف من تزايد الفوضى , وانما يجب  توقع تناقصها , هنا يجب التنويه الى تفسير آخر لموضوع ” الأمن”  , فالأمن لايعني الكبت والقهر والخوف , للأمن مفهوم آخر  لاضرورة لشرحه الآن تفصيليا .

4- اسقاط النظام  يعني التنازل عن المجابهة والممانعة  وعن الدفاع عن مصالح العرب تجاه المد الصهيوني الاستعماري الغاشم , لا أحد يأخذ ذلك مأخذ الجد .  كلام للاستهلاك , لايقدم  وانما يؤخر,   فلا فلسطين تحررت ولا الجولان استردت , ولم تقدم السلطة للفلسطينيين الا دعمها المعنوي لحماس ,  ويشاع على أن حماس من صنع اسرائيل , ودعم حماس قاد الى تقسيم البقية الباقية من فلسطين , ثم ان دعم حماس هو دعم لحركة الاخوان المسلمين , وكيف يمكن فهم دعم الاخوان في غزة مع محاربة الاخوان في سوريا , وموضوع محارية الاخوان في سوريا ليست بهذا الوضوح ,ولم تكن للاخوان تلك القوة الا بعد ان اعلن البعث الحرب عليهم , وفي انتخابات ديموقراطية عام 1954  نال حزب البعث  18 نائباًا  و38 نائباً للكتلة الديمقراطية (خالد العظم)، و27 نائباً لحزب الشعب، و18 نائباً لكتلة العشائر، و14 نائباً للحزب الوطني، و10 نواب مستقلين.، و16 نائباً للكتلة الحرة، و5 للإسلاميين ،ونائبين للحزب القومي الاجتماعي السوري، ونائبين للحزب التعاوني وأول نائب شيوعي كان  خالد بكداش.. أي أن الاخوان نالوا خمسة مقاعد مقابل 18 مقعد لحزب البعث , وهل يمكن توقع نتائجا من هذا النوع في الوقت الحاضر ,  سياسة البعث وممارساته قادت الى تكاثر الاخوان وتعاظم قوتهم , وقديكون  نصابهم من المقاعد في انتخابات يمكن لها ان تجري  عام 2012 كنصابهم في تونس ..وهذا ليس بفضل ربي وانما بفضل البعث والسلطة .

يمكن تعداد الكثير من الجوانب التي ستتحسن بعد القضاء على السلطة , ولا يمكنني رصد أي سلبية مهمة , وحتى موضوع حماية الأقليات هو أمر سلطوي افتراضي  مزيف , السلطة هي التي أوجدت الأقليات  الطائفية  , وذلك لأن السلطة طائفية , والسلطة الطائفية لاتستطيع بنتاء نظام يهدد وجودها ,والنظام  المدني يهدد وجود أي سلطة طائفية , وفي النظام المدني لاتوجد طوائف , لذا لايمكن لسلطة من هذا النوع أن تكون مدنية .

اني متأكد على أن المجتمع السوري  سيكون حكومة وشعبا  بعد تخطي هذه  المرحلة اكثر حرية وديموقراطية  وشفافية ونظافة , لذا لا أريد تسمية هذه المرحلة على أنها “أزمة ” المجتمع السوري , انما أزمة السلطة , التي ستمثل نهايتها , لقد اعمرت طويلا ,وآن  لها الرحيل .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *