الركود في صنع الحلول , واستنزاف امكانيات الحوار , قبل أن يكون لهذا الحوار على الأرض أي وجود عملي , هو مايميز الوضع الحالي , ولا أعرف ما تنتظره الأطراف المعنية بالأمر والمسؤولة عرفا وأخلاقا عن المأساة السورية ,وأظن ان هناك من ينتظر الفرج من السماء , وينتظر أن ترحل السحابة الممطرة لوابل من المشاكل على السلطة, الا انه توجد أسباب كثيرة للقول , ان مافات مات , وانه لاعودة للماضي ولا استمرار له , وانه سوف لن يكون بامكان السلطة الاحتفاظ بالكثير من المكاسب الغير مشروعة والغير منطقية كالمادة الثامنة , وسوف لن يكون هناك امكانية لتمريق الكثير من بضاعة الماضي والاتجار بها في الحاضر أو المستقبل , ولو قبل البعض من السوريين بذلك , فالوضع العالمي سوف لن يقبل ذلك ولن يسمح بأن تعود الأمور الى ماكانت عليه سابقا , لقد تطرفت النظرة للأزمة ودخل الجميع في طرق وحيدة الاتجاه ..لاعودة ..اما قاتل أو مقتول ..والأرجح مقتول ..يوم امس ادانت لجنة حقوق الانسان في الأمم المتحدة السلطة السورية , ضد قرار الادانة لتي صوتت 13 دولة , مقابل 122 دولة مع قرار الادانة , وغدا ستأتي مطرقة الجامعة العربية ….وضع مؤثر ومحزن ..الى هنا وصلت سوريا في ظل القيادة الحكيمة , ولم يبق الا التدويل الرسمي , بعد أن حدث عمليا ..الأزمة السورية مدولة منذ أشهر , الا أن تدويلها لم يأخذ بعد الشكل الليبي أو الشكل اليوغوسلافي , والحرب الأهلية التي بدت معالمها في الظهور ستفرض أوضاعا غير مسبوقة , وما لايمكن تحقيقه بالحسنى , سيتحقق قسرا ..الخيارات تتناقص , والاجبارات تزداد ,فالى أين ؟؟
دخلت أطراف عديدة حلبة الصراع ..شاءت السلطة أم أبت , وبذلك زادت الأمور تعقيدا ,والسلطة التي كان عليها ان تتعلم من فشلها في الشهور الماضية لم تتعلم مايكفي , ولا يكفي الا الحل .., والفشل يتمثل في التعامل مع كافة أوجه المشكلة , وأوضح الأمثلة على ذلك هي طريقة التعامل مع المادة الثامنة ..بين مد وجزر , بين الالغاء والاحياء بين الحديث عن مكاسب الحزب وبين عدم وجود هذا الحزب أصلا, ضاعت الطاصة , وحل الصمت , ومات الحديث عن المادة الثامنة فترة , ليعود مجددا الى الوجود , وعادت الفذلكات الدستورية بخصوص مجلس الشعب وموافقته أو عدم موافقه , وكأنه لمجلس الشعب الحالي أن يوافق أو يرفض , وهل يوجد أصلا مجلس شعب ؟؟؟
لاحيلة للسلطة في ايجاد حل مقنع لشيئ ما , القتلى والجرحى واتهامات المنظمات العالمية والحل الأمني والاعتقالات والسجون والشجون والثكلى والعصابات المسلحة وغير المسلحة والمعارضة العميلة أو الوطنية الشريف والمواحهة والمجابهة وقلب العروبة النابض ..شعارات ومقولات اسطوانية خشبية تدور وتدور , هذا الذي يقول ان عدد القتلى 4000 وغيره يقول انهم فقط 700 , ولا أعرف أين هو الفرق في الاجرام بين 700 و 4000 قتيل , هل نكبة 700 أقل من نكبة 4000 , ومن يقول ان هناك فرق , يتعامل مع الخلق كبضاعة , وليس كبشر .
أين هي الصحافة العالمية التي يجب أن تدخل البلاد وتراقب , وهل من المعقول قبول مقولة الرئاسة .. لايهمنا ذلك فالاعلام العالمي يأخذ معلوماته من سانا , همنا الوحيد عدم تسرب الصور ..هل هذا الأمر معقول؟ وهل القول ان الجامعة العربية تمهد لتدخل خارجي ديبلوماسيا معقول ؟؟وبماذا يذكرنا قول الرئيس على أن دمشق لن تخضع للضغوط الخارجية , وأنه مستعد للموت من أجل سوريا وشعبها ؟ ألم نسمع أقوالا مشابهة قبل فترة قصيرة من الزمن من قبل زعيم عربي آخر ؟ , وبماذا سيزلزل الرئيس الشرق الأوسط ويزعزعة ويحرقه بكامله عند حدوث تدخل أجنبي ؟ ,اين هي الفائدة من احراق الشرق الأوسط ,والرئيس يؤكد على أنه لاعلاقة لموضوع الرئاسة بهذه الحريقة ..هل يمكن القول ان احراق الشرق الأوسط ضروري من أجل انقاذ الشرق الأوسط , أو احراق سوريا ضروري لانقاذ سوريا ؟؟؟والحكومة التي وقعت على الاتفاقية مع الجامعة العربية تقول مجددا ان الحل ليس بسحب الجيش , بل الحل الوحيد يكمن في البحث عن المسلحين وملاحقة العصابات المسلحة، ومنع دخول الأسلحة والذخائر من دول مجاورة، ومنع التخريب وفرض احترام القانون والنظام وذلك مع ان الاتفاقية تقول بسحب الجيش من المدن والأحياء وتقول باطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتقول بالشروع بالحوار مع المعارضة , وكيف يستقيم الوضع الحالي المقسم لسوريا مع بقاء الرئيس الذي يقول ،اذا كان الرئيس يمثل عامل توحيد للبلاد، فيجب أن يبقى، واذا كان عامل انقسام فيجب أن يرحل , وهل البلاد الآن منتقسمة أو موحدة ؟؟؟
لقد تعرفت على مقالة المفكر السوري جورج طرابيشي في هذا الموقع , وفهمت ماقاله بخصوص الاصلاح الالغائي , وتحليله للكثير من الأمور الخاصة بتطور الجيش والدولة والسلطة والنظام , خاصة حالة الابتلاعات , اذ يمكنني القول ان النظام ابتلع الدولة والسلطة ابتلعت النظام ثم اتت العائلة وابتلعت السلطة , أي أن العائلة ابتلعت كل شيئ , وابتلاع كل شيئ صعب , لذا أصيبت بعسر البلع , وهي مصرة على ابتلاع الفروج بلحمه وعظمه وريشه وجلده لوحدها ,والذي يريد تخفيف عسرة البلع عندها هو الذي يريد , كما قال الأستاذ ابراهيم الأمين , اقتسام “مغانم ” السلطة معها ..انه الطفيلي الدخيل , الذي يريد اللعق معها , وهذا أمر لاتقبله وزبانيتها يرفوضونه رفضا تاما .. وكما قال زعيم الطلاب الساعاتي ..مكتسبات حققتها السلطة على مرالسنين من خلال المادة الثامنة , أصبحت نوعا من الفرض والحق الالهي , الذي لايمكن التفريط به . السلطة وبالتالي العائلة استولت على الدولة , والسبيل الوحيد أمام أي نظام الى اصلاح حقيقي لنفسه هو الغاء نفسه ورد الاعتبار , كل الاعتبار الى الدولة التي قد يكون صادرها لمصلحته (طرابيشي) وفي هذا المعنى تماما حدثنا المفكر أدونيس في رسالته الى الرئيس .
يجب على من يريد تحاشي التدخل الخارجي ان يعرف , على ان هذا التدخل أصبح واقع على الأرض , وحتى الشكل المسلح منه أصبح واقع , وبالتالي اصبحت الحرب الأهلية واقع , ولا مجال لايقاف هذه التطورات الا بالغاء الذات واعادة الدولة الى الشعب , الذي هو مالكها الشرعي .