اقتدر انقلاب الأسد “التصحيحي” على رفاق الدرب في قيادة الحزب أن يحتضن الرفض القومي لهزيمة 1967 الكارثية , روح الانقلاب مثلت رفضا شعائريا نظريا لواقع الهزيمة ,الأمر كان ارتكاسا نظريا على الهزيمة , وأكثر من النظري لم يكن ممكنا , الا أن القصور الحقيقي تجلى بعد ذلك في الفشل بتغيير هذا الارتكاس النظري الشعاري الى واقع عملي مقتدر على المقاومة الفعلية , وعكس ذلك حصل ,فالشعار النظري تطور الى المزيد من الشعارات الأكثر نظرية , لا الى المزيد من النشاطات الأكثر فاعلية وعملية , تطور الى نوع من المزايدة !, التي انفضح أمرها مؤخرا ,فالعدو الذي ارادت روح التصحيح قهره وزعزعته ومكافحته ,نعم بأكبر قدر من الحماية والراحة بعد الحركة التصحيحية , التي أمنها له نمر من الورق ., فالنمر الورقي وضع المقاومة بطروحاته أمام المستحيل ..على المقاومة القيام بالكفاح المسلح وممارسة الحرب الشعبية ضد اسرائيل ..كيف ذلك وبأي وسيلة يمكن الانتصار على اسرائيل ؟, التي تعهدت برد الصاع صاعين …تخدشها المقاومة بظفرها , تجيب اسرائيل بقنابلها ..معادلة استنزافية لايقوى على الاستمرار بها أحد .الا أن استنزاف الذات كان وسيلة جيدة لممارسة الهروب الى الأمام, وفي سبيل البقاء على الكرسي لم يكن ذبح المقاومة والوطن بالسعر الغالي , , ومن أجل الكراسي , بدأت ماتسمى جبهة الرفضوالصمود والعناد بالالتفاف حول ذاتها الرافض وذلك بممارسة ديبلوماسية خفية أو صريحة بهدف تحقيق بعض المكتسبات .. وذلك بشكل مباشرة أو غير مباشر من خلال وساطة(تركيا) ..لم تحقق شيئا ,لأن اسرائيل غير مجبرة على رد أي شيئ من المسروقات , فأين هو دافع اسرائيل لزيادة المكافأة لجبهة العناد والصمود والتصدي , التي تصدت لعقود عديدة لكل من حاول ازعاج اسرائيا ..الفتات كان كافيا لضمان التزام الجبهة بالصمت , وهذه الجبهة مارست بشكل فعال تحاشي التحرش باسرائيل , ففي عام 1970 اصطدمت المقاومة الفلسطينية مع النظام الهاشمي في شهر ايلول الأسود , رئيس الجمهورية المتوفي الكتور نور الدين الأتاسي قرر بجرأة كبيرة التدخل في شؤون الأردن , فما كان من وزير الدفاع حافظ الأسد الا معارضة نور الدين الأتاسي , ثم تقبل ذلك على مضض , حيث قام بارسال قواته الى الأردن بدون تغطية جوية , مما سمح بالاستمرار في ابادة الفلسطينيين وابادة القوات المتدخلة أيضا ..هكذ يقال على ذمة التاريخ ..ولم أكن شهود عيان . ويقال أيضا ان الأسد الذي أصبح بعد ذلك الرجل الأول , اغلق الحدود في وجه الفلسطينيين الهاربين من الأردن ومن العجلون وجرش …أيضا على ذمة التاريخ ..كل هذه الأحداث تبرهن على ازدواجية . براغماتيكيا لم يكن من الخطأ التروي في نزال اسرائيل , لأن النزال سيقود الى المزيد من الخسائر ,الأسد كان واقعي , الا أنه زاود برفضه وعناده النظري على الجميع ,وشجع بشكل غير مباشر الفلسطينيين على زج أنفسهم في معركة خاسرة مع النظام الهاشمي ,الواقعية انتصرت والمسؤولية الأخلاقية انكسرت ..
في ممارسته للواقعية موضوعيا وشخصيا , كانت هناك مرتكزات عدة , والمجال لايسمح بتفمنيدها تفصيليا , وقد يكفي هنا ذكرها أو ذكر بعضها بشيئ من الاقتضاب ,من المرتكزات كان هدف البقاء على السلطة أولها , وفي سبيل ذلك هان الغالي والرخيص , ومن أهم ماهان كان التهاون في في قضية فلسطين , التي تعرضت الى البيع والشراء كالسابق , والدليل على ذلك هو الفشل المطلق في احراز أي تقدم مكسبي للفلسطينيين , الذين ازدادوا فقرا وازداد عدد اللاجئين منهم , هنا يجب التنويه الى اسائة توظيفهم في نشاطات لاتمت الى المصلحة الفلسطينية بصلة , ثم تفتيتهم , الذي قاد الى المزيد من النكسات ..لاتقييم ايجابي لسياسة النوايا المعلنة ,التقييم يخص النتائج فقط , ولما لم تكن هناك نتائج جيدة للفلسطينيين ,دعم حماس ثم تشجيعها على الانشقاق وعلى تدمير الديموقراطية التي أتتبها الى السلطة ,والترويح بكون حماس الذراع الطويل للنظام في الحرب مع اسرائيل, أمر عار عن الصحة , الذراع الطويل للسلطة السورية كان له الباع الأطول في تخريب الموقف الفلسطين , وحماس لم تشكل اطلاقا أي احراج حقيقي لاسرائيل ,التي استخدمت حماس كتبرير لضرب غزة ولزيادة الانشقاق الفلسطيني , وبالتالي عدم القيام بمحادثات جدية ..اذ على أهل فلسطين تكوين موقف موحد , والموقف الموحد غير ممكن مع حماس , وعن طريق تقتيل أهل غزة قدمت اسرائيل لحماس الكثير من المساعدة الدعائية ,الانسان يتعاطف مع المظلوم , الا ان المظلوم في غزة كان المواطن العادي , وظلم المواطن العادي من قبل اسرائيل كان أكبر من ظلم اسرائيل لحماس , التي يعتقد البعض على أن اسرائيل خلقتها , بشكل عام يمكن القول ان ممارسات النظام قادت عمليا الى نصرة اسرائيل ,وذلك بغض النظر عن النوايا النظرية المعلنة !.
من مرتكزات السياسة البائسة للنظام , كانت مسلكيته في لبنان بعد عام 1975, ماذا جنت سياسة المغامرة اللبنانية ؟,التي جائت تنفيذا لرغبة أمريكية -اسرائيلية …لقد عاد لبنان الى وضع أسوء من وضعه السابق , تعكرت العلاقات معه , ازدادت طائفيته , التي زادت من خلال تسربها الى سورية من الطائفية في سوريا , حتى ان البعض أخذ يفضل الوضع الطائفي اللبناني المشرع على الوضع الطائفي السوري الغير مشرع , ومسروقات الضباط من سجاد وأثاث وأموال لم تكن معاوضة كافية للخسائر التاريخية السورية هناك ..ثم جاء أخطبوط قتل الحريري , والشرشحة امام مجلس الأمن وأمام المحاكم وغير ذلك …ولا يمكن تصنيف كل هذه الأمور الا في مصنف سلبيات التدخل .., ولما كان التدخل بايعاز من أمريكا , لذا يمكن القول ,ان أمريكا هي المستفيدة من التدخل , هنا يمكن استبدال كلمة أمريكا بكلمة اسرائيل , أي أن التدخل كان بهدفه وحصيلته خدمة لاسرائيل .
المرتكز المهم الذي يشير الى تمركز النظام على قاعدة المصالح الأمريكة , تمثل بمسلكية النظام تجاه العراق أثناء حرب بوش الأب ,القوات السورية وضعت تحت تصرف القيادة الأمريكية , هنا يقال ان الواقع تطلب ذلك , المشاركة في غزو العراق حملت في طياتها تجنب غزو سورية ..ممكن أو غير مكمن لا أدري ..كمواطن يحكم على الأمور من الخارج ..لم ترق لي هذه المشاركة , التي لا أستطيع فهمها “كمواطن” لربما استطاع الرئيس فهمها بشكل أفضل , لا أرى في ذلك الا خدمة من جبهة المعارضة والعناد والممانعة والصمود لأمريكا ..المعذرة لفكري القاصر ..على التاريخ أن يخبرنا أكثر حول هذه القضية ,وبادراك سطحي لدوافع هذه المشاركة في غزو العراق , يمكن التنويه الى مؤتمر مدريد الذي انعقد بعد المشاركة , لقد ظن النظام على ان مرحلة القبض بعد الدفع أتت , الا أن اسرائيل لم تعط شيئ , عاد فاروق الشرع وغيره الى سورية بخفي حنين, عودة الشرع بخفي حنين لا تعني رفض الغرب للنظام , الغرب واسرائيل كانا في منتهى السعادة لالتزام النظام بالواقعية وعدم مد الساقين خارج البساط , ومقدرة النظام على وضع قناع دعائي على الواقعية ثم تمويهها ووضعها في حلة قومية وطنية عنيفة أسعدت الغرب واسرائيل ,ولم تنزعج اسرائيل من تطبيق الحد على كل معارض مشاغب ,الويل ثم الويل لمن يقل لا , ثم ان اسرائيل غير مهتمة ببنية المجتمع السوري ,سعيدة حتى بشنق معظم مثقفيه ..الذين لايريدون الخير لاسرائيل , واسرائيل لاتريد الخير لهم , والسلطة تريد السلطة مهما كلف الأمر ..لايوجد الا التناغم والتفاهم .
أحب في هذه المناسبة ابداء الكثير من الدهشة في مقدرة النظام تمريق واقعة غزو العراق جنبا الى جنب مع الأمريكان وغيرهم , الخطة كانت بارعة , والشعب صمت ليس عن مضض ,انما اعتقد جازما على ان خطوة النظام بغزو العراق جنبا الى جنب مع الأمريكان جيدة , ولحد الآن لا يوجد الكثير من المعارضين لهذه الخطوة…عجبا كيف تستطيع الدعاية قلب السواد الى بياض !!! للبحث تتمة !!