ممدوح بيطار, ميرا البيطار :
كتب السيد كمال حمزة بخصوص الأوطان ,”أذكّر أن قضية الأوطان على امتداد رقعة الوطن العربي السابح بدمائه ، ابداً ما كانت نتيجة لنظام آني سواء كان بعثي أو إخواني وغيرهما ، انما نتيجة نهج ثقافي جاء مع بواكير الفتح المحمدي الذي كان له اليد الطولى في التأسيس لهذا الذي وصلنا اليه لاحقاً “, أجابه السيد عطاف محمد بالعبارة التالية , التي ننقلها كما كتبها “لو ماتقول صحيح لاما حكمة نصف العالم,, أي احتلال بدو الجزيرة لنصف العالم كان فضيلة كبيرة , انعم الله بها على نصف العالم , لاعتب على السيد عطاف محمد , الذي لم يكتب حقيقة , لأنه على مايبدو لايلم بالكتابة بالعربية , انما كتب جهله واجرامه , الذي انعكس بشكل امية ابجدية على عبارته .
يعرف التاريخ منذ زمن طويل , ثابت الصراع بين الشر والخير , لم يعتبر احتلال بلاد الغير واخضاع شعوب هذه البلدان لارادة المحتل , مهما اختلف وتباين مضمون هذه الارادة, يوما ما فضيلة وخير , فالاحتلال او الفتح كان دائما شر , أكده حتى الخليفة عمر بن عبد العزيز , عندما أمر بايقاف الفتوحات , ليس الا لأنها شر مارسه بقية الخلفاء , وبرره غيرهم بشكل غير مباشر مثل لو بون , يروى عن لوبون قوله بأنه لم يوجد أرحم من الفاتحين العرب , لا نختلف مع أحد حول وجود تباين بين الاحتلالات والفتوحات , اي تباين بين درجات الشر , هناك على سبيل المثال تباين كبير بين الانتداب الفرنسي وبين الاحتلال العثماني لسوريا , الا أن هذا التباين لايغير من طبيعة الشر , ولا يحول الشر الى خير , التباين هو في درجة الشر فقط , الغزو سرقة واغتصاب , أي انه شر مطلق , ولا تعرف السرقة والاغتصاب سياقا تاريخيا مبررا لها , انما ممارسة مستمرة واجهتها وتواجهها لحد الآن ارادة الخير الممثلة بعدم ممارسة الاعتداء على الغير .
يعتبر جمع الضديات مع بعضها البعض اغتيالا للمنطق والأخلاق, منطقيا لايستقيم الجزء الأول من مقولة لو بون مع الجزء الثاني , فالفتح باعتباره شرا مطلقا لايستقيم مع مفهوم الرحمة , لايمكن القول هذا أصدق الأكاذيب , الكذب ينفي الصدق , والفتوحات تنفي الرحمة , واحتلال ابن الخطاب للقدس وبلاد الشام اي سرقته للقدس وبلاد الشام وغيرهم كان ممارسة للاعتداء على الآخرين , ممارسة تنفي اي “ايجابية” أخرى , أما المشكلة مع الأخلاق فأوضح , من يمارس هذا الجمع للضديات , انما يروج للاحتلالات ويبررها , وبذلك يمثل نسخة بشرية اسوء من نسخة ابن الوليد او القعقاع أو هولاكو او بن نصير او غيرهم .
أساءت الفتوحات للآخرين , ولكنها أساءت للفاتحين بدرجة أعظم , وللبرهان على ذلك يكفي القاء نظرة عابرة على حال احفاد الفاتحين هذه الأيام , انهم يعفشون ويسرقون بعضهم البعض كاستمرارية لعقلية غنائم الحرب , انهم بمنتهى التأخر وسوء الأخلاق كاستمرارية لسوء اخلاق الغزوات وانحدارها الحضاري , انهم عنفيون كاستمرارية لعنف الفتوحات , انهم جائعون لأنهم لايعملون , ولم يدركوا قيمة العيش من الانتاج (ثنائية العيش والانتاج), لقد سرقوا بحد السيف , لذلك كانت بيوت المال الأموية مليئة بالغنائم من مال وجواهر وغير ذلك , السرقة كانت مهنتهم لذلك سميوا حتى في قديم الزمان “سراقينو “.
بعد أن صدأت السيوف , ولم تعد لها تلك الفعالية في السلب والنهب , لم يعد لسراقينو سوى التطفل على الغير , يبدو وكأن التطفل ايضا على أواخره , لايطاقون بالرغم من التعاطف الشديد معهم بسبب الجوع الذي عانوا منه , بالرغم من ذلك اتخذت اوروبا الآن عدة خطوات تهدف اعادة اللاجئين الى البلدان التي اتوا منها , ليس من واجب اوروبا او لبنان او حتى تركيا تحمل نفقات اللاجئين, العناية باللاجئين السوريين هو من مهمات الدول التي اتو منها .
لقد كانت معارك الغزو التي خاضها بدو الجزيرة مدفوعة من رغبة الاستيلاء على الغنائم والسبايا وتقسيمها مع ابن عبد الله ثم مع الخلافة بنسب مغرية بالنسبة للبدوي الممتهن لكار التقاتل والقتال والسرقة , رجال عاشوا ابدا على حافة الجوع , خرجوا من الصحراء الجرداء القاحلة بأفاق مادية جديدة , نسب تقسم المسروقات كانت مشجعة للسراقين الذين حصلوا أربع أخماس المسروقات و الخمس كان للمصطفى او الخليفة , ولكونهم متمرسون على البطش والقسوة والاجرام والتنكيل والغلظة ثم البربرية , لذلك ابلوا حربيا بالمسروقين , لم تكن الحروب او الغزو جزءا من ثقافة المسروقين مثل سكان بلاد الشام والمصريين , لذلك نجح الغزاة بسرعة ببسط سيطرتهم على المناطق المحتلة واستنزفوها بشكل لايعرف التاريخ له مثيلا .
لبى الغزو حاجات البدو المادية , لم يحارب البدو من أجل العقيدة والدين لأنهم في ذلك الوقت المبكر لم يفهموا الدين ولم يفهموا العقيدة , ولم يكن هناك كتب دين , ثم انهم كانوا اميون , ولم يكن بين الغراة رجال دين ,شرخبيل لم يكن رجل دين , وخالد ابن الوليد كان رجل حرب وسيف واغتصاب فقط , غيرهم كان مثلهم .
لقد استولوا بالسيف وابتلعوا حقوق واراضي الغير الحضرية , وتعاملوا مع سكانها معاملة وحشية تعسفية (كتاب حسام عيتاني ), لم يأتوا الى بلاد الشام المتقدمة حضاريا عليهم بدرجات , كما تصفهم الكتابات التبجيلية لنشر المساواة بين الناس , وكيف يمكن تحقيق المساواة بين السارق والمسروق ؟؟ , بين المعتدي والمعتدى عليه , وبين المظلوم والظالم , انحصرت خيارات المظلومين بالأسلمة او دفع الجزية عن يد وهم صاغرون أو القتال .
لايتغير أمر الاجرام وحتى لو صدقنا مسألة نشر الرسالة , انها عندئذ رسالة اجرام , لاتعرف التجمعات البدوية المعتاشة من السرقة والعنف مايسمى مساواة خاصة في العصر المحمدي , لامساواة في المحمدية , انما ماسمي عدل , اي عدلهم او عدالتهم المخصصة لأجل احقاق حقهم والحرص على مصالحهم.
وجد الاطار النظري وخطة العمل الاستعمارية العنصرية التملكية مكانها في العهدة العمرية البربرية , التي كانت عبارة عن شروط استسلام المهزوم للمنتصر بالسيف , كانت املاء وقسرا لاشبيه لبربريته, نعجب من انسان يتقبل شروط هذه العهدة لابل يمتدحها , بالرغم من كونها املاء وقسر تحت حد السيف , لا علاقة بين العهدة المنحطة وبين حقوق الانسان حتى في ذلك السياق التاريخي , لم تكن ممارسة الغزو يوما ما فضيلة , و ليس من واجبات الانسان تقبل شروط الغازي , للأسف لم تمض العهدة ولم تنقرض , لاتزال روحها تحوم في هذه المنطقة وتقضي على كل مساواة وعدالة اجتماعية ,وبها تمثل حديثا نوعا من اسقاط سرقات الخارج على الداخل , لاامكانية لممارسة السرقات في الخارج , لذلك تتم ممارستها في الداخل , لذلك استشرى الفساد في مناطق الغزاة , الغازي لايعمل ولا ينتح انما يقتل ويسرق , انظروا الى حال المناطق التي تطبعت بطباع البدوية الغازية السارقة التي تسمى الآن “عربية”, هل هناك سوى القتل والفساد اي السرقة !!!!.
يفخر بعض المشوهين عقليا بالفتوحات , مع العلم ان الافتخار بالرزيلة اتحطاط , حقيقة على من سرق واحتل ربع العالم او نصفه , ان يعتذر من كل العالم , فشل العرب للعديد من الاسباب في كل شيئ , لأنهم لايعترفون بالخطأ وبالتالي لايعتذرون, ولا يجدون سببا لتصحيح الأخطاء !
Post Views: 298
