حقوق الانسان اسلاميا وعالميا…..

  ممدوح   بيطار  عثمان   لي   :

        جاء الاعلان العالمي لحقوق الانسان   كضرورة ,  وذلك    بعد أن أمعنت   بعض  الشعوب والدول والفئات   بممارسة    انتهاكات   حقوق الانسان ,وقد استند  القيمون  على     صياغة     هذا  الاعلان على ادراكهم للضرورة التي ذكرت , وعلى نظرة شاملة للتراث المعرفي والحضاري العالمي,فلسفة ,علم ,ثقافة   وحتى   أديان الخ  , وذلك لكي يستنبط  هؤلاء من  كل  ماذكر  ماهو جدير وقادر على حماية حقوق الانسان .

انسجمت   معظم  الأديان  التي نعرفها    مع الميثاق العالمي لحقوق الانسان , ماعدا  الجهة  المحمدية , التي تخاصمت معه , متذرعة بأسباب واهية  ,تعصبية ,تشددية ,   لاعقلانية   ايمانية   الخ ,سنحاول  البرهنة على عدم منطقية ووجاهة مآخذ  تلك   الجهة  !.

لانريد  هنا ممارسة  الدجل الديبلوماسي  وذلك بالقول , ان الدين    الحنيف   ينضح بالقيم   والمصطلحات الانسانية والأحكام الأخلاقية , التي من شأنها احترام الانسان وحقوقه الفردية والجماعية , ثم نمارس التعجب من مسلكية    بعض رجال  الدين  المحمدي , التي  نفترض  عندها أنها     تناقض   روح   الدين , أي تبرئة الدين وتجريم رجاله , مسلكية كهذه نعتبرها  منزلقا كارثيا لايؤدي الى نتيجة ايجابية , الدين الحنيف   هو مبادئ وممارسة , وما يمكن ادراكه من الدين عمليا هوالطرح والممارسة , ولا قيمة للمبادئ معزولة عن الممارسات  , ولا يجدي افتراض دين آخر  أمام أو خلف أو جانب الطرح والممارسة العملية للدين من قبل رجاله , انهم المعيار الأول والأخير , ومن خلالهم نستطيع التعرف على الدين , وهم من أعلم الناس بدينهم  ,بكلمة أخرى هم الدين .

هؤلاء  يفترضون   أن الميثاق العالمي لحقوق الانسان سيقود الى ضياع الهوية   المحمدية , وفي هذه الفرضية الكثير من الصحة , وذلك لأن الميثاق العالمي لحقوق الانسان يتناقض مع  تلك الهوية , التي تريد دائما أن تكون  لها  خصوصية ثقافية   تمتلك الحقيقة المطلقة , وبالتالي تقود  هذه الهوية الى  الانغلاق   والانعزال والغياب  عن  ساحة  التفاعل  الانساني .

اشكالية  الميثاق العالمي لحقوق الانسان مع  معظم بل كافة التيارات المحمدية هي اشكالية مبدئية ,    فالدين  الحنيف يتمحور  حول الشريعة  , في حين يتمحور الميثاق العالمي لحقوق الانسان حول  العقل  والتطور , الاعلان   المحمدي  لحقوق الانسان هو زبدة الشريعة , في حين ان الميثاق العالمي لحقوق الانسان هو  زبدة العقلانية  البشرية  المؤلفة من مكونات عدة منها الفلسفة والتاريخ والعلم والديانات   وغير   ذلك    .

   تنحصر حقوق الانسان محمديا  في ممارسة واجبات الالتزام والالزام الديني  ثم التعبد  وممارسة العبودية لله  ومن يمثله على الأرض , أما الميثاق العالمي لحقوق الانسان  فيرتكز على نظرة شمولية   تعترف بالمساواة الكاملة بين المرأة والرجل  , مقابل تفاضل وتفاوت واضح لصالح الذكر   محمديا ,   وتعتمد على الأهلية القانونية للانسان  مقابل الأهلية الشرعية   له  في   منظومة   حقوق   الانسان   الدينية ,يعتمد   الميثاق  العالمي   على حرية الرأي  وتطور مضامين هذا الرأي , مقابل التقيد بالشريعة  والشرائع المتحجرة  محمديا  ,  يضمن   الميثاق   العالمي  حرية الاعتقاد    , التي تقتصر وتنحصر محمديا   في الاعتقاد بالدين وخاتم الأنبياء , ثم التنكر للمعتقدات الأخرى لأنها  معتقدات كفر وضلال,لاحرية  معتقدات في  الدين   الحنيف , لأن   المرتد مثلا  يستتاب واذا    أصر  على  الردة  يقتل  ,لاوجود   لبربرية  من   هذا  النوع   في  الاعلان  العالمي  لحقوق  الانسان .

 لو نظرنا الى الجغرافية الدينية  العالمية , لوجدنا   أن الانسان  في هذا العالم , ليس    محمدي فقط , وانما  هو  بوذي  أكثر منه محمدي , ومسيحي أكثر منه بوذي أو  محمدي  , فكيف حال من يريد العيش مع الآخرين , عندما يعتبرهم  جميعا من الكافرين , أي أنه لا يعترف حتى  بوجودهم الانتمائي  الوجداني العقلي الفكري ,انه الغاء لهم ..! ثم يريد هذا الانسان  قلب هؤلاء الى  مؤمنين حتى بحد السيف , دون التفكير بأن الأديان الأخرى لها   حرمتها وعرضها ,عقاب الردة  من المحمدية هي الموت , وثواب الردة من المسيحية  محمدبا  هي الجنة ,التيارات  المحمدية  ليست قادرة على الالتزام بمفهوم  المعاملة بالمثل , ولا تفكر بأن الأديان الأخرى   قد   لاتستسيغ الردة ,  ولكنها لاتتعامل   مع   المرتد    حسب   الطريقة  المحمدية ,   انها   تحترم  حرية   الاعتقاد   وحرية   الخيار  الديني,    لو طبق  حد   الردة   المحمدي  عمليا  لتحول   العالم   الى بحيرة  دماء .

  تتنكر   التيارات  المحمدية  لأبسط مبادئ حقوق الفرد في انتقائه لانتمائه الديني , من ولد مؤمنا يبقى    مؤمنا   , حتى لو اراد  لاحقا  أن يصبح بوذيا , واذا أصبح بوذي يرهق دمه ,  نفهم  الحرية الدينية على أنها   حرية  من الدين    أيضا , وليس فقط في الدين , والميثاق العالي  لحقوق الانسان  يشدد  عل وجود الفلسفة اللادينية , اللاديني  مساو   للديني .

لو طرحنا السؤال التالي : هل يمكن تطبيق  الاعلان العالمي لحقوق الانسان على كل انسان في هذا  العالم ؟؟, الجواب  نعم يمكن ذلك , والسؤال الآخر , هل يمكن تطبيق الاعلان الاسلامي لحقوق الانسان على  كل انسان في هذا العالم , الجواب واضح ,لايمكن , ومن هنا يمكن  القول على أنه  لايمكن   تسمية  الميثاق  المحمدي  ميثاق حقوق الانسان , انه ميثاق اسلامي  لبعض المسلمين فقط , أما الميثاق العالمي لحقوق الانسان  فهو    صالح    لهذا   العصر   ولكل   البشر  , وبفعل قابليته للتطور  يصبح     صالحا لكل زمان   ومكان .

   يقول الاعلان الاسلامي لحقوق الانسان  في مادته الثانية ,يولد الانسان حرا ,ولا  عبودية   لغير   الله  تعالى ,  هذا  خطأ  معرفي ,    انه  يصبح حرا    أو  عبدا تبعا   للتربية  والتنشئة  , وحتمية   عبويته   لله  تعني  تنشئته   الى   عبد    , اذ لايستقيم  كون الانسان حرا مع استعباده من قبل طرف آخر  هو الله , وكيف لنا معرفة مشيئات الله واراداته , وقد تبعثرت هذه المشيئات والارادات  على العديد  من التيارات والطوائف الدينية , التي يعرف    الدين الحنيف   المئات  منها , ثم كيف هو حال من لايعرف الله ولا يعترف به ؟؟ المحمديون  يريدون شكليا  العبودية لله بأشكاله واراداته المختلفة والمتناقضة جدا , واقعيا يريد هؤلاء استعباد البشر عن طريق كتابهم   ومفسريه وفقهائه , وهذا  هو بمثابة  استعباد البشر من قبل الفقهاء  الممارسين للفتاوى والتشاريع المتناقضة, التي تحول الله , الذي يقولون عنه انه واحد أحد , الى شرذمة من المتناقضلت  والعديد من الآلهة , حيث يعتبر كل اله منهم  آلهة  الآخرين كفرة وزنادقة .

حرية الرأي  التي اعتنت بها المادة الخامسة   من الاعلان الاسلامي لحقوق الانسان   مصانة فقط خارج الشرع , لاحرية في نقض الشرع   , مع أن الشريعة هي القانون الذي يريد    المحمديون  تطبيقه على البشر , وكيف يمكن أن يكون الانسان حرا , اذا لم يكن بمقدوره  نقد القانون  الذي يطبق عليه وتطويره , ثم عن التربية حسب المادة الثالثة  , التي تقول على أن هدف التربية  هو تقوية الايمان  أي بتعبير  آخر  الغاء   العقل  ,وما   هي  قيمة   مخلوق   يؤمن   ولكنه   بدون   عقل   يفكر    ,  تقوية الايمان تعني الايمان    المحمدي  ,وهل  يمكن   اعتبار  اتباع الأديان الأخرى  بدون تربية ؟ .

يشدد الاعلان   المحمدي  لحقوق الانسان في نهاية ديباجته على أن كل بنود هذا الاعلان مقيدة بأحكام الشريعة  ومقاصدها , ومبررا ذلك بكون الشريعة   المرجع  الوحيد  لتفسير وتوضيح  أي مادة من  مواد الاعلان   المحمدي  لحقوق الانسان  ,     كامل   نص   الاعلان   الاسلامي   لحقوق الانسان  منشور   على موقع syriano.net   لمن  يريد   مزيدا  من  المعلومات !.

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *