كانت جمهورية أوقاف وبقيت جمهورية أوقاف …
جورج بنا , ممدوح بيطار :
لم يكن اعتبار الاسلام مصدرا رئيسيا للتشريع في دستور 1973 ممثلا لوقفة دينية اعتقادية مع الدين ,انما خطوة مجاملة ومسايرة للاخونجية ,وفي سياق هذه المجاملة تم انجاز خطوات أخرى , من أهمها تخريب التعليم بالتراضي بين الاخونجية والسلطة بعد ١٩٧٣ , خاصة بعد استلام الجولانية الحكم , لكل حصته في التخريب الوقائي , فالتعليم التنويري ليس من مصلحة الأصوليات الدينية , من مصلحة الأصوليات الدينية اقامة مدارس تحفيظ القرآن لخلق ولاء أعمى للدينية السياسية , لامصلحة للديكتاتوريات مهما كان نوعها بالتعليم التنويري , لذلك حولت الأسدية المدارس الحكومية الى معسكرات حزبية طائفية لتأليه الأسد , أما الجولانية فقد حولت المدارس الى مساجد, هدفها خلق ولاء أعمى لأي ديكتاتورية, على الأرمني والكردي , وغير البعثي أو غير الأسدي ان كان علوي أو سني أو مسيحي أن يردد كل يوم عدة مرات شعار أمة عربية واحدة , شعار يلغي الكردي والسوري القومي على سبيل الذكر وليس الحصر , شعارات لاحياء العروبية واسقاط المختلف عنها , لم تفعل الجولانية سوى الأسوء مما فعلته الأسدية , الجولانية مارست التطهير الطائفي في الساحل والداخل , وقبل يومين تم تفجير الكنائس وقتل العشرات من الذين يطلق عليهم اسم الضالين الكفرة , اهتمت الجولانية بالبيكيني والبوركيني وتنانير الشابات وشورت الشباب والكثير غير تلك التفاهات .
بدون معرفة مباشرة وبدون توقع مسبق ولربما تقليدا أوتيمنا بمصر وتونس وليبيا , اندلعت في سوريا حركة ثورية, كان لها أن تندلع قبل عدة عقود , مطالبة بما لايطالب بهالاخونجية وبما لاتريده الأسدية , هنا عاد تقاطع المصالح الاخونجية -الأسدية أي الشيعية العلوية السياسية للظهور مرة أخرى , تقاطعت المصالح بشكل خجول وبدون كلام …. بالصمت , تمويه تقاطع المصالح تم أيضا بالشتم المتبادل كلغة خشنة للمداعبة , لقد تم تحت مظلة المداعبة الخشنة القضاء على ثورة 2011 قضاء مبرما على يد الفصائل المسلحة الداعشية بالدرجة الأولى , خاصة على الجناح العسكري لهذه الثورة والمكون من الانشقاقيين من جيش الأسد , بالنتيجة لم يبق في الساحة سوى الأسدية والأصولية , والمعركة الثلاثيةمن ثوار وفصائل وأسدية تحولت الى ثنائية بين الاسدية والاصولية, بعدالقضاء على ثورة ٢٠١١ شعر الاخونج بالقرب من الكرسي خاصة بعد حسمهم للعديد من المعارك مع الأسدية لصالحهم , وبعد سيطرتهم على أجزاء كبيرة من الأرض السورية, الى أن وصلوا الى مشارف القرداحة ….أيام ويجلس أمير المؤمنين أبوبكر البغدادي على كرسي الخلافة ويتحقق للاخونجية ماحلموا به, دام انتظار الاخونجية سنين الى أن تحققت احلامهم قبل نصف سنة تقريبا , الآن تجلس الجولانية على كرسي الحكم ويتحق اعادة انتاج الخلافة الأموية , كما رغبوا بتسميتها !.
لم يكن تحقيق أحلام الأصولية في سوريا كفتوحات الخلفاء بدون اراقة قطرة دم واحدة كما زعم البعض من مزوري التاريخ !!!!!!, فوصول الأصولية الى الكرسي كلف البلاد وجودها المادي والبشري ولربما مستقبلها , الأسدية احتلت البلاد كاستعمار داخلي بمساعدة قوى خارجية مثل الملالي الايراني وحزب الله , والهيئة الجولانية احتلت البلاد بمساعدة قوى خارجية مثل تركيا ومرتزقة من الايغور والشيشان , كل ذلك ترافق مع سيول من الدماء , التي وصلت الى الركب , سابقا تلونت الانهار بالأحمرمن كثرة الدماء وتم تهديم الكنائس ايضا , ومنذ شهور والدم يملأ وديان الساحل , ومؤخر ملأ الدم الكنائس مما يذكر بمجازر عام ١٨٨٦ , ويذكر حديثا باعتصام رابعة في القاهرة حيث تم حرق ٦٦ كنيسة على يد الاخونج .
التاريخ القديم مليئ بأحداث اكبر واعظم مما رأيناه قبل يومين في دمشق , هنا نريد التذكر بالخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك ثم الخليفة العباسي المأمون ثم الخليفة المتوكل والخليفة الحاكم بأمر الله وغيرهم من الوحوش وبكل العصور المحمدية حتى المماليك والعثمانيين , لايمكن هنا تجاهل العهدة العمرية ولا يتسع المجال لذكر كل ما حدث في تلك العصور القديمة , كل ذلك قاد الى اضمحلال بعض الفئات الى حد ماقبل الانقراض التام , الآن يكتمل الانقراض , فمن لم يهاجر قبل مجزرة الكنيسة , سيهاجر بعد هذه المجزرة , وبذلك ينتهي الوجود المسيحي كليا في هذه المنطقة , وتنتهي فصول مرحلة دامت حوالي ١٤٤٠ سنة , ليس في سوريا والعراق فحسب انما أيضا في باقي الدول التي تسمي نفسها عربية , لقد استحقت تلك الدول هذا الاسم , الذي يرمز الى الكثير التوحش والنذالة وعدم المقدرة على العيش في فسيفساء التنوع .
انهكت الأسدية وبادت بدون جهود تذكر للهيئة , الأمر كان استسلام وتسليم , تبدو قيادة الهيئة التي جلست مؤخرا على الكرسي مضعضعة وضعيفة , لكونها تتألف من عشرات الفصائل المتعادية أصلا , يبدوا وكأنه لاحول ولا قوة لرئاسة البلاد المؤقتة بالرغم من التقبل الشكلي الخارجي لها, اول المتمردين على سلطة الهيئة كانوا الدواعش , الذين كفروا الرئاسة المؤقتة وأعلنوا الحرب عليها , وحروب داعش تعني الاغتيالات اي اغتيال الجولاني , الذي نبهت اليه عدة منظومات مخابراتية أجنبية, لانرى في الحكم الحالي للبلاد سوى استمرارا للأسدية , التي كانت بخطوطها العريضة جمهورية الاخونجي المرشد عبد الستار السيد , مما يسمج باعتبار سوريا “مجازا ” جمهورية ” أوقاف” , وحتى بعد استلام الجولاني للقيادة بقيت سوريا جمهوريا أوقاف , ولكنها جمهورية اوقاف متشددة , بالنسبة لقوم عيس يمثل ما حدث في الكنيسة اول الغيث , لقد هاجر معظم هذا القوم ولم يبق منه سوى ١٪ من السكان , حسننا فعلوا …!
Post Views: 197