ممدوح بيطار, مها البيطار :
          يعني مشروع  الاخونج  لبناء الدولة   تطبيق  الشريعة  ,ولو افترضنا جدلا بأن هذه الدولة قامت بشكل ما  , فهل  بامكان هذه الدولة   أن تنسجم مع  النظام الدولي,  الذي يفرض العديد من القيود والقوانين  والشروط  , والتي لابد من  أن يلتزم الاخونج   بها  وبالقدر الأدنى ,  كما  على    كل دولة في العالم   أن  تلتزم   بها , وذلك لتجنب  العزلة  والحروب ,فهل يمتلك   الاخوان الآليات السياسية لحكم الدولة الحديثة؟  وهل  لديهم  مشروع  ينهض بالمجالات الحيوية في بلدانهم لتلبية حاجات الشعوب التي فرضوا عليها  اسلوب حياتهم ؟ وهل هم واعون بالتحديات التي ستواجههم   في  تطبيق  الشريعة في بلدانهم؟
الأصل الذي قام عليه كيان الخلافة هو الجهاد, وأساس علاقة المؤمنين بغيرهم هي الحرب, وذلك انطلاقا من تقسيم الدنيا إلى دارين, دار إسلام ودار الحرب, وبالرغم من كون هذا التعريف غير شامل لكل حقبات كيان الخلافة , الا أنه طاغ فكريا, فالحرب هي نتيجة منطقية لديمومة الجهاد ما دامت هناك عوائق أمام الدعوة , ولطالما كانت هناك حاجة لغنائم الحرب وللسلب والنهب.
الأصل في دار الاسلام هو الحرب , بينما الأصل في النظام الدولي الحديث هو حالة السلم المفروض على الدول في اطار مواثيق هيئة الأمم المتحدة , ولا مناص لدولة أو كيان يخضع في تأسيسه الى مفهوم دار الحرب من أن يصطدم مع مفهوم الدولة الحديثة ومع الدول الأخرى , فمفهوم دولة دارالحرب يتموضع خارج اطار النظام الدولي ويتمرد على النظام الدولي ,العزلة والعداوة ستكون النتيجة , عداوة ضد الأكثرية الساحقة من دول العالم , وما يترتب على ذلك من سلبيات قاتلة .
ماذا يعني مفهوم السيادة محمديا ؟؟؟ لمفهوم السيادة هنا خلفية ديموغرافية , فسلطة “الدولة” الدينية تمتد حيث يوجد مؤمنين ,خاصة حيث توجد أكثريةمؤمنة ,وذلك لضمان عصمة نفس ودماء وأموال المؤمنين , النظام الدولي الحديث يعتمد على الجغرافيا وليس على الديموغرافيا , فالدولة المعترف بها هي دولة” بحدود “جغرافية “, بغض النظر عن انتماء سكانها الديني , لقد فشلت كل المحاولات لاستدراج الاخونج كي يرسموا لنا حدود دولتهم المنشودة , هناك انطباع بأن دولة الاخونج ستضم كل بقعة من الأرض يعيش عليها مؤمن بالدين الحنيف .
أما عن الوطن والمواطنة وعلاقة الوطن بالجغرافيا ,فلا وجود في أدبيات الاخوان الا الرفض الديموغرافي للممفهوم الجغرافي , ديموغرافيا هناك مؤمنين بحقوق وواجبات تختلف عن حقوق وواجبات الكفرة , والنظام العالمي لاينسجم مع هذه النظرة, انه يرى على أنه للوطن خفلية قد تكون قومية أو توافقية على أرض معترف بها , وذلك بغض النظر عن الانتماء الديني للفرد , وبالرغم من محاولات الاخونج المتكررة للحديث عن الأوطان وعن سوريا الوطن وغير سوريا وعن الدولة المدنية , لايقدم الاخونج نموذجا منطقيا عن مفهومهم للدولة والوطن والمواطنة, الوطن صنم يجب هدمه!!! ,مما يؤكد مايمكن افتراضه بأنهم يمارسون تلك الضبابية عمدا للتمويه على مشروعهم , الذي لايخرج بخطوطه العريضة عن مشروع الخلافة , المشروع يتضمن أكثر من أسلمة الدولة تشريعا, انما ايضا انتاج انماط للحياة والعلاقات الاجتماعية بما يتوافق مع فهمهم لقيم الدين الحنيف من لباس وصوم وجلد للمفطر ثم الزواج والعلاقات المادية مع العالم ..تجارة ..اقتصاد … قروض ..فائدة على القروض .. سياسة .. مفاهيم الفتوحات وتبريرها , الغزو غنائم الحرب ..الخ , كل مايقدمه مفهوم الخلافة من ممارسات ومفاهيم , لايستقيم مع النظم العالمية ولا يستطيع الانسجام معها , لانعرف ان كان الاخونجية من كل مدارس الدين يدركون ذلك , الا أنه من المفترض ان يدركوا ذلك , الأسدية ادركت ذلك شكليا ولكنها بقيت في الجوهر نظاما دينيا طائفيا تسلق الى السلطة بركوبه موجة الدولة المدنية تطبيقا لمفهوم ” التمكن” ,لم تكن الأسدية مدنية ولم تكن علمانية , انما في الصميم دينية طائفية , لاينتظرمن المنظومة التي قضت على الأسدية أن تكون مدنية علمانية , لأن الدينية لاتستقيم مع العلمانية والمدنية, وهكذا ستتكرر التجارب المؤلمة الهدامة , الى أن تندثر الدولة -الوطن بالكامل , أصلا لاتعترف التيارات الدينية بالوطن كدولة , لايمكن لأي منظومة ان تحقق ما لاتؤمن به وتعمل جادة من أجله , طوال ١٤٠٠ سنة لم تكن هناك دولة انما خلافة أو سلطنة , بعد الحرب العالمية الأولى اي في زمن الانتداب الفرنسي تم ايقاظ مفهوم ” الدولة ” بعض الشيئ , ولكن المفهوم مات بعد عام ١٩٥٨ ولا يزال ميتا لحد الآن !
