ممدوح بيطار , ربا منصور :
تعرف مجتمعات المنطقة الناطقة بالعربية مايسمى المذهبية السياسية كالاخوان , لعبت المذهبية السياسية دورا سلبيا جدا في تطور شعوب المنطقة منذ ١٤٥٠ سنة خاصة في القرن الاخونجي الأخير ولحد الآن , هناك بخصوص الاخونج أسئلة لابد من طرحها ولابد من محاولة الاجابة عليها , منها سؤال عن تأهيل الاخونجية او ثقافة الاخوان للانتماء الى العالم اي العلمنة ! , التي وسعت العلاقات بين المجتمعات والدول وصغرت العالم وظيفيا ليتحول الى مايشبه القرية , هنا لا نرى بخصوص هذا السؤال جوابا صريحا منسجما مع ممارساتهم , يقولون انهم يريدون الانفتاح على العالم من ناحية, ومن ناحية أخرى يشيطنون ويحاربون بعضهم البعض اولا , ثم يعلنون الحرب على ماتبقى من العالم ومن البشرية, انفتاحهم يمثل خصوصية عدائية , انه انفتاح “فتوحي” , انفتاح على الفتوحات ومؤخرا على اللجوء , اي تملك أرزاق واراضي الغير بعد فتحها ,لايعرف التاريخ شعوبا انشغلت في الحروب كما انشغلت الشعوب العربية قديما وحديثا .
تختلف مقاصد اعلان وممارسة الحروب قديما عن مقاصد الحروب الحديثة , فللحروب قديما كانت مهمة السلب والنهب واحتلال اراضي الغير بحجة الجهاد في سبيل الله , ثم نشر الدين بالسيف , أما حديثا , خاصة بعد ان فقد السيف بريقه وحدته , تغيرت تلك المقاصد لتنحصر في محاولة التملص والابتعادعن مكتسبات الحداثة كالديموقراطية والمساواة والعلمية والنسبية والعقلانية الخ , سابقا تم تكفير الآخر المختلف , الآن يتم تكفير المختلف والحداثة ايضا , وذلك بالرغم من كون الحداثة منتجا أمميا , كان على العرب المشاركة في صناعتها , لأن الحداثة أي التطور الى الأفضل أمر بديهي بشري , ولكنه مرفوض من جماعات الاخوان , التي تحارب الحداثة وتحاول التملص منها وتكفيرها , بالمقابل يريدون فقط منتجات الحداثة الاستهلاكية , التي تمكنوا من شراء بعضها بريع البتررول , الذي لم ينتجوه وحتى انهم لم يستخرجوه من باطن الأرض .
كانت مواجهة الحداثة فاشلة بعدة أوجه , قديما فشلت الفتوحات في تحقيق تمويلا مستداما للبدوية الغازية , التي قضت على سبل التمويل المستدام , لكونها انصرفت الى التحصيل اي تحصيل الجزية ,ولم تهتم بعنصر الانتاج , تأتي الجزية وبقية الغنائم من الصاغرين عن يد , لم تعمل البدوية العربية الحجازية في الانتاج ولم تتعلم اساليب الانتاج , هذا اذا اعتبرنا أن السرقة والسلبطة ليست عملا مهنيا خلاقا ,انحصرت مهمة الفاتحين باعمال السيف برقاب من يمتنع عن الدفع وهو صاغر, حديثا يستجدون ويفسدون في المجتمعات التي لجؤا اليها خاصة في الغرب , الذي استقبلهم قبل سنوات قليلة انسانيا بحرارة , والآن يريد التخلص منهم , بالرغم من الدوافع الانسانية لاستقبال اللاجئين , لم تتمكن الشعوب الأوروبية من استيعابهم وتحملهم , لذلك جاء دور اليمين الغربي ليرسل اللاجئين الى البلدان التي أتو منها , لايقتصر الفشل على التجربة في اوروبا انما يشمل التجربة في تركيا وفي لبنان ومصر وغيرهم ,السبب كان التشوه الثقافي -الاخلاقي عند العربي البدوي , الذي يمنعه من التعامل مع الغير تعاونيا …كثيرا ما نسمع من بعض هؤلاء اللاجئين عبارات مثل جئنا لفتح أوروبا وما شابه من هراء .
لقد كان الانتاج ممكنا في مجال الزراعة , لكون البلدان المفتوحة مهيأة للزراعة مثل وادي النيل وبلاد ما بين النهرين ,الا أنه لم يكن لدى الفاتحين ثقافة عمل خارج اطار الغزو والسلب والنهب , لقد اعتاشوا من السرقات وغنائم الحرب لفترات طويلة جدا,ثم نظموا عملية توزيع الغنائم بقواعد وأحكام ونسب مثل نسبة الخمس لابن عبد الله ومن جاء بعده من خلفاء , وللمقاتلين اربعة أخماس , لم يصرف شيئا من ريع الغنائم من أجل العموم كالبناء , لم يبنوا مسرحا ولم يشقوا قناة ري أو طريقا , كما فعل الرومان بخصوص قنوات الري والطرق والمسارح والبناء بشكل عام , يأتي السائح الى أغنى مناطق العالم بالآثار , ينظر هنا وهناك ولا يعثر على أي أثر حضاري شيده الفاتحون طوال ١٤٥٠ سنة بدوية قريشية -عثمانية,حتى انه من غير الممكن مقارنة ما قامت به فرنسا خلال ربع قرن مع ما قام به القريشيون والعثمانيون طوال ١٤ قرنا , انجازات البدوية القربشية -العثمانية الحضارية كانت صفرا .
لو مارست تلك الشعوب الموبوء بالدين والتدين الحداثة واحترمت الحريات واعتمدت على العقل والعقلانية , لما كانت هناك حاجة للتسول ,الا انهم لم يكونوا حداثثيين في العقل انما محدثين في الاستهلاك بمال البترول , كانوا ولا يزالون ممارسين للطاعة والانصياع لولي الأمر المعين من قبل الله , يكمن شعورهم بالانتصار في مقدرتهم على القتل , لايعرفون دلالة ومضمون وأهداف ما تسمى “ثورة” , كل الدول العربية بحاجة الي ثورات على الجهل والامية والتأخر ,وقد كانت هنك بوادر ثورات حولوها الى حركات قطاع طرق بعد أن قضوا على المبادرة النبيلة لثورة حقيقية من أجل الخير والتقدم , اغتصبوا الثورة وحولوها الى غنيمة حرب ووسيلة للاستعباد والهيمنة على الغير تحت راية الغلبة الغالبة السوداء , الثورة حسب مفاهيمهم قتل واغتصاب وجهاد في سبيل الله , وكأن مضمون الجهاد في سبيل الله يقتصر على التكفير والطائفية والولاء والبراء والغلبة الغالبة وممارسة طقوس التدين الشكلي ثم الترويج للقدرية والمؤامرة والغزو وغنائم الحرب والاغنيال والحرق وبتر الرؤوس والتفجير المقرون مع التكبير …أي باختصاركل ممارسات الفصائل المسلحة وفي مقدمتهم داعش , لايخجل قطاع الطرق من الاخوان من الادعاء بكونهم يحاربون ويذبحون ويقتلون ويحرقون من أجل الحرية والديموقراطية , فمن أجل رفع الظلم عن الناس ودفاعا عن الحرية والعدالة والحق والدين كان اغتصاب وسبي ٦٠٠٠ ايزيدية ضرورة ثورية دينية .
هؤلاء لايؤمنون بالدين بوصفه عقيدة سماوية , انما بوصفه طريق للسلطة , انهم واقعة تاريخية والدين واقعة تاريخية أخرى , لايريدون الوصاية على الغير انطلاقا من مفهوم المشاركة , ولا ينطلقون من خلفية قابلة الفهم والتفهم , انما من خلفية احتكارية للارادة والمصير ,ذلك لأنهم من خير امة , ودينهم هو دين الله , وهم الممثلون لارادة الله , ومن لايرى ما يرون ليس سوى فاسق او مرتد او خائن او كافر او غير ذلك , الله خالق لكل شيئ وبالتالي مالك لكل شيئ ,وبالتالي تملكهم لكل شيئ حق الهي, اما قيل ان غنائم الحرب حلال زلال للمؤمنين لكي ينعموا بها , انهم بهذه الصفات أفضل من فهم الدين على حقيقته , لأن الدين على حقيقته هو دولة ايضا ,هو الاخوان اي دولة الاخوان , التي تتاجر ايضا وتحتكر العنف والقضاء والقانون ايضا , انهم كدولة كالخالق ولهم كل امتيازات الخالق, الذي يفعل مايشاء , الا أنه مثلهم ليس على كل شيئ قدير !..
خطابهم انفصامي ومفهوم ” التمكن ” يبرر كل شيئ حتى الانفصامية , لاتميز الانفصامية بين الخلافة والدولة , ولا تميز بين المواطنين والرعية ولا فرق بين الطاعة وقيم الحرية , عموما يمكن القول انهم في هذه الناحية مهسترون ومستهترون بعقول الناس , يخلطون بين الشرع والشرعية ,ولا يخجلون من الكذب المفضوح ,ومن توحش الحيوانات المفترسة , لحد الآن يريدون قتل المرتد وقتل تارك الصلاة ثم يريدون تعدد الزوجات واعتبار المرأة ناقصة عقل ودين ومفسدة للصلاة كالحمار والكلب … للبحث تتمة !