الثورة …مبكرة أو متأخرة …

سمير  صادق, جورج بنا :

كاريكاتير عن الثورة السورية  لاتمثل مقدرة  او  ادمان   الشعوب  على الطاعة  والانصياع لأفسد حكام عرفتهم الانسانية ” معطى أزلي”, بالرغم من  أن  مصدره  هو  الدين  الأزلي   أو ثقافة  الدين  الأزلية ,لايترافق   الادمان الثقافي على الانصياع  مع فقدان ولادي للحاجة  للحرية   ,هذه   الشعوب لاترفض   الحرية ولاديا , شأنهم شأن أي انسان في هذا العالم , تواقون للحرية كغيرهم , الا  أنهم بما يخص   الادراك  والوعي العلمي  بشكل عام  ليسوا  كغيرهم !.

ماينقصهم هو الوعي العلمي لحقيقة الثورات والحريات  والحياة  , والوعي العلمي يخضع الى حقائق المعارف البشرية ,التي تقول , ان الثورة من   أجل الحرية والعدالة   الاجتماعية  هي  الضمان الوحيد  لحياة كريمة  ومقبولة , افساد الحياة لايتم  بين ليلة وضحاها انما  بالتدرج  وبعامل الزمن, تنظيف الحياة من  الفاسد والفساد   يتطلب  من   الوقت  قدرا   أطول من  القدر اللازم لافساد الحياة , ثم   أن  الثورات لاتعرف  الخطوط البيانية المستقيمة الصاعدة  ,  اذ   هناك  دائما   انتهازيين   الى  جانب   الثوريين   , وخيبة الأمل  مألوفة ومن  طبائع الثورات , سوف لن يسود الرخاء  بمجرد ارسال مبارك الى المصح أو القذافي الى القبر  أو الأسد الى طهران , الوصول الى   احقاق العدالة   الاجتماعية سوف لن يحدث بين ليلة وضحاها , والحديث  بعد أيام من اسقاط الرؤوس عن الآفاق المرعبة والمذهلة للثورة, التي   لم   تحقق  خلال   ايام كل   احلامهم  ,ليس الا محاولة   لاغتيال  هذه  الثورة , التي لايمكن   اغتيالها  لطالما  استمرت مسبباتها في الوجود ,ناهيكم  عن تناسل مسبباتها  وتكاثرهم.
   الماضي  والحاضر  الأسدي المرعب  قتل   الحاضر والمستقبل , الماضي والحاضر الديني  المرعب  اغتال  أفاق المستقبل الايجابية, ليست   مهمة الثورة  ترحيل الأسد فقط,   انما ترحيل الأسد وترحيل الفكر  الديني معه  , ثم ايجاد البديل  الأفضل  لكل  هذه النفايات  , كيف  يمكن لثورة  فشلت   في ازاحة الأسد   أن تنجح    على المدى القريب   في  ازاحته  اضافة الى ازاحة  الفكر  الديني , ثم ايجاد البديل الأفضل ,  صناعة البديل  هو  الضمان  الأكثر  أهمية   للنجاح   في  الثورة   التي   أصبحت   أكثر  ضرورة  وأقل  امكانية للنجاح !تناسب   عكسي بين  ضرورة  الثورة   وبين  تناقص امكانية   نجاحها , لذلك كانت   الثورة  مبكرة بالنسبة   لجورج  طرابيشي  ومتأخرة  بالنسبة  لصادق جلال  العظم  ,  لربما   الصحيح  كان   مابين  بين .
 تجلى أحد نواقص الوعي والادراك  والفهم  في نوع من  الشغف  بممارسة العنف  العبثي والقتال  ,  بعض    السذج  ظنوا  بأنه  من  الممكن  هزيمة  السلطة  بمواجهة عسكرية  مفتوحة  ,  مبررين القتال   ببدء     السلطة بممارسة  العنف ,  الذي  مثل دعوة صريحة للمنازلة  المسلحة , تقبلوا هذه الدعوة   بايجابية   مذهلة في غبائها  , وذلك بالرغم من  ان الانتصار في هذه المواجهة   مستحيل , ومواجهة  من هذا النوع  تحمل  امكانيات  انتاج نفس  العلاقات  الاجتماعية السلطوية  التي  على الثورة الواعية محاربتها , دعتهم  الأسدية  الى  وأد  الثورة  الواعدة  ,فوأدتها  الفصائل المسلحة ونجحت بالفتك   بها  , فتك عجزت الأسدية عن  القيام به , استشاطوا  في ممارسة الظلم  وبتر  الرؤوس والتوحش  ,  وبذلك عوموا  الأسدية   أخلاقيا  , بحيث  تحول  العالم الخارجي  الى عدو لهم  ,وفي  الداخل   ليس لهم    حليف   ,  الكل ضدهم  خارجيا وداخليا   وهم مستمرون في ممارسة  هوايتهم بالقتل والتخريب , منهم من  وصل   الى  رحاب   الجنة ومنهم   من   استمر   في  تحويل   البلاد   الى  جهنم كما   في  الكتب   السماوية 
ماذا  انجزوامقابل    تلك   التكاليف  بخصوص   البشر  والحجر  ؟ وماذاحققوا  ؟؟,وهل استيلاء  الفصائل  على السلطة  هدفا   ثوريا؟  ,لقد    أفشلوا     الثورة   عن    طريق استهلاك  امكانياتها   في مواجهات  عسكرية عدمية  خاسرة,  نجحوا في الدمار المادي  والمعنوي  والأخلاقي والبشري ,مقارنة مع   ثورات    أوروبا  الشرقية  الناجحة بدون   رصاص,  هزمت السلطة  هناك   أخلاقيا ومعنويا ولم   ينجح   الثوار   قتاليا  , تغيرت  الأنظمة  والحكومات  هناك  دون تهديم   البلاد ودون  اراقة الدماء  , وهناك  لم  تنقلب القيم الى   الأسوء   ,  والبديل  هناك لم  يكن  أسوء  من  الأصيل , لذلك  اندمجت  الثورة هناك في المجتمع , العكس  تم   في   سوريا هنا كان  استبدال الثورة  بحرب طائفية مدمرة   ,ارادوا   استبدال الأسدية بأسوء  منها,  قضوا  مع   الأسدية  على  الخيار الثالث  ,  وكرسوا  مع  الأسدية  ثنائية البديل  ,مما   قاد الى نجاح  الأسدية  في هذه   الجولة ,فشلوا  وافشلوا  الثورة معهم , الكرسي والاستبداد  وضعف  الوعي  الوطني  هم  مفسدة الشرق ,  التي ارادت  الانتقال  من  استبداد سياسي  بنكهة مذهبية  الى استبداد  مذهبي  بنكهة  سياسية , امر  مخالف  لمنطق  التاريخ  !
 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *